يبدو أن وزارة العمل و الضمان الاجتماعي قد نجحت بقدر كبير في الترويج و الإشهار لبطاقة الشفاء التي كان قد أبدى المؤمنون اجتماعيا من الإجراء و غير الأجراء تحفظهم بشأنها في البداية لتصبح الآن هذه البطاقة السحرية التي تفتح بشفرة مميزة أبواب كل الصيدليات صعبة المنال و لا يمكن الحصول عليها إلا بشق الأنفس ما لم يلجا صاحبها إلى الوساطات و المعارف. أبدى الكثير من المواطنين تذمرهم و استيائهم من البيروقراطية الخانقة التي لازالت تضرب بجذورها على مستوى مختلف مصالح الضمان الاجتماعي بعد أن نجحت في التخلص من الطوابير الطويلة على مستوى شبابيك الدفع والتي كانت ترهق و تقلق المواطنين في آن واحد مباشرة بعد دخول بطاقة الشفاء حيز التنفيذ و تعميمها بشكل كلي على كل المؤمنين اجتماعيا و ذوي الحقوق في إجراء ادخل قطاع الضمان الاجتماعي عهد العصرنة و الحداثة من جهة ساهم في تخفيف الضغط على المواطنين و أعوان الضمان الاجتماعي بوجه الخصوص لتظهر البيروقراطية من جديد بشكل يربك ميزانية المواطن و يجبره على تسديد فاتورة الدواء من الصيدليات من جيبه بسبب تعطل مصالح الضمان الاجتماعي أو المصلحة المختصة في تسليم بطاقة الشفاء لذوي الحقوق في وقت قياسي. »توفي زوجي منذ قرابة الأربعة أشهر، قالت لنا إحدى السيدات التي وجدناها بإحدى وكالات الحراش »و لا ادري متى أودعت الملف لاستفيد من بطاقة الشفاء باسمي لأتمكن من شراء بواسطتها كل الأدوية التي احتاجها لعلاج مرض الربو الذي أعاني منه و مرض الروماتيزم لكن في كل مرة يقال لي ما زال يا الحاجة دورك بعيد.. فالكثيرون مثلك أودعوا ملفاتهم وينتظرون استدعائهم .و افهمني احد الأعوان أن ترددي المستمر على هذه الوكالة أمر غير مرغوب فيه لأنني أزعجهم و هم يجرون اتصالاتهم الهاتفية الشخصية أو يحلون أمورهم مع الزبائن ليقول لي في الأخير صراحة روحي اقعدي في دارك احنا نجيبوها لك حتى للدار، في لغة تحمل الكثير من السخرية والاستهزاء. فتاة أخرى وجدناها بإحدى وكالات الضمان الاجتماعي للجزائر شرق كانت تضرب أخماس في أسداس و هي تسمع الموظفة على الشباك المخصص بإيداع ملفات بطاقة الشفاء ترد على استفسارها باستخراج بطاقة الشفاء بعبارة» روحي و انسايها قبلك 400 شخص على مستوى هذه الوكالة فقط لن تجهز بطاقتك يا انسة قبل ستة اشهر على اقل تقدير«. هذه الفتاة التي توفي والدها منذ قرابة السنة و لم تكن على دراية بالإجراءات الإدارية لتستفيد من خدمة بطاقة الشفاء لولا أولاد الحلال كما قالت الذين ساعدوني في استخراج كومة من الوثائق اعتقدت أن بمجرد إيداعها سأحصل على بطاقة الشفاء، فإذا لماذا يقال و يردد على مسامعنا أن الإعلام الآلي دخل الضمان الاجتماعي وأصبحت كل التعاملات تتم عن طريق الحاسوب و في وقت قياسي«. مواطنون كثيرون وجدناهم بمختلف وكالات الضمان الاجتماعي يستفسرون عن مصير بطاقة الشفاء بعد أن أثقلت جيوبهم وميزانيتهم فاتورة الدواء لاسيما مع فصل الشتاء التي تكثر فيه نزلات البرد و الزكام ويصبح مجرد التفكير في الذهاب إلى الطبيب ثم الصيدلي مشكل يؤرق ذوي الدخل المحدود ويدفع بهم إلى باعة الأعشاب الطبية الذين ينتشرون في الاسواق الشعبية لاقتناء كمية منها بأسعار هي تبقى في متناولهم. احد المواطنين الذين رفض مغادرة إحدى هاته الوكالات التي قصدناها أكد لنا أن حتى رئيس المصلحة يجهل سبب تأخر وصول البطاقات واكتفى بتبرير أن الطلبات كثيرة و المصلحة التي تشرف على البطاقة واحدة لذا هناك بعض التأخير المسجل لكن يبقى على حد تعبيره خارج عن نطاقنا ...حاولت معرفة مكان هذه المصلحة لأنقل مباشرة انشغالي للمشرفين عليها فقال لي ممنوع الوصول إليها ليرد علي احدهم« كيما كانتش البطاقة كيفاش كنتو تديرو« في سؤال قال لنا محدثنا يحمل الكثير من السخافة و المستوى المتدني لبعض أعوان الضمان الاجتماعي الذين و لئن تخلصوا من بيروقراطية الشبابيك ظلت بيروقراطية العقول تسكنهم .