قال وزير الخارجية مراد مدلسي أمس إن زيارة الرئيس بوتفليقة إلى هافانا، التي اختتمت أمس، تعكس حالة النضج التي وصلت إليها العلاقات بين الجزائروكوبا، واعتبر أن هذه الزيارة كانت ثمرة لهذه العلاقات ونقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات مبعوث صوت الأحرار إلى هافانا : نجيب بلحيمر تم أمس بمقر وزارة العلاقات الخارجية الكوبية توقيع اتفاقيتين للتعاون بين الجزائروكوبا الأول هو عبارة إطار قانوني يحكم إقامة الأشخاص في البلدين، والثاني عبارة عن مذكرة تفاهم قنصلية تخص تسهيل تنقل الأشخاص بين البلدين، وقد وقع الاتفاق عن الطرف الجزائري وزير الخارجية مراد مدلسي وعن الطرف الكوبي وزير الخارجية برونو رودريغيز باريا ، وحسب وزير الخارجية فإن الاتفاقين سيساعدان على تحسين ظروف إقامة رعايا كل دولة في الدول الأخرى، وأشار إلى أن مئات الكوبيين دخلوا إلى الجزائر خلال السنوات الأخيرة وكان من الضروري إيجاد إطار قانوني لتنظيم وتسهيل ظروف إقامة الأشخاص. وفي تقييمه لزيارة الرئيس بوتفليقة إلى كوبا قال مدلسي إن العلاقات بين البلدين عرفت مرحلة من النضج، وأن هذه الزيارة جاءت لتعزيز التعاون في ميادين متعددة، وتم التركيز تحديدا على ميدان الصحة حيث تم سيتم قريبا افتتاح ثلاثة مستشفيات كوبية جديدة لطب العيون في كل من بشار والوادي وورقلة، في حين سيشرع في بناء ثلاثة مستشفيات أخرى لطب العيون في كل من تمنراست وسطيف وتلمسان، وخلال سنتين من الآن ستكون هناك سبعة مستشفيات كوبية لطب العيون تستقبل المرضى في مختلف أنحاء الوطن، على اعتبار أن مستشفى الجلفة دخل منذ مدة. وقال مدلسي إن التعاون مع كوبا في ميدان الصحة يعرف تطورا كبيرا ، حيث استقبلت الجزائر مئات الخبراء الكوبيين في مختلف الاختصاصات وهي الآن تستفيد من خدماتهم، كما أن التعاون سيشمل خلال السنوات القادمة مختلف الاختصاصات مثل الأمومة والطفولة، والمسالك البولية، والجراحة وطب الأطفال، وقد جرت خلال هذه الزيارة مباحثات مكثفة بين وفدي البلدين توجت بوضع الخطوط العريضة لبرنامج التعاون خلال السنتين المقبلتين، ويمثل قطاع الصناعة الدوائية أحد أهم قطاعات التعاون التي يجري التركيز عليها حاليا، حيث تم الاتفاق على تصنيع 200 دواء جنيس في الجزائر بالإضافة إلى صناعة بعض اللقاحات المهمة بما سيسمح بتقليص فاتورة استيراد الدواء في الجزائر كما سيتم فتح الأسواق الجزائرية على المنتجات الصيدلانية الكوبية، وهنا أشار مدلسي إلى أن التعاون مع الطرف الكوبي يغلب عليه طابع نقل التكنولوجيا والخبرة وليس الطابع التجاري حيث ستستفيد الصناعة الدوائية في الجزائر من الخبرة الكوبية، وفي هذا الإطار سيحل وفد عن شركة صيدال بهافانا يوم الثالث من شهر أكتوبر الجاري لوضع اللمسات النهائية والعملية على ما تم الاتفاق عليه. الميدان الآخر الذي تم التركيز عليه هو ميدان الطاقة، وقد أشار مدلسي بأن كوبا مهتمة بالخبرة الجزائرية في ميدان نقل التكنولوجيا والاستكشاف والتكرير والصناعة البتروكيماوية، فضلا عن قطاعات الزراعة والبحث في الميدان الفلاحي والتعاون في مجال البحث العلمي، والتعاون في ميدان ترميم البناءات القديمة والمواقع ذات الطابع التاريخي، حيث تمتلك كوبا خبرة مهمة في هذا الميدان. على المستوى السياسي تمت ترجمة إرادة تعزيز العلاقات بين البلدين في وضع آلية جديدة للمتابعة حيث تم الاتفاق على أن تجتمع اللجنة المشتركة الجزائرية الكوبية كل ثلاثة أشهر، وقد تم خلال جلسات المحادثات بين الرئيسين بوتفليقة وكاسترو دراسة أهم القضايا السياسية الإقليمية والدولية، فقد جاءت زيارة بوتفليقة إلى هافانا مباشرة بعد مشاركته في أشغال الجمعية العامة الرابعة والستين للأمم المتحدة، وبعد مشاركته في القمة الثانية لإفريقيا وأمريكا اللاتينية في فنزويلا وقد بحث الطرفان نتائج هذه القمة والبدائل المطروحة لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ومسألة التغيرات المناخية، كما تم بحث قضية الصحراء الغربية وتم تجديد المواقف التقليدية للبلدين في دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وفي اليوم الأخير من زيارته إلى هافانا أدى بوتفليقة زيارة مجاملة إلى القائد الكوبي فيدل كاسترو بمقر إقامته، وقام بجولة سياحية في مدينة هافانا القديمة حيث زار بيت العرب ومتحف الثورة حيث وقع السجل الذهبي فيه. وبرغم البعد التاريخي الواضح للعلاقات بين الجزائروكوبا، فقد بدا جليا أن هناك رغبة فعلية في دفع العلاقات بين البلدين نحو بناء أرضية صلبة من المصالح المشتركة، تتجلى في قطاعات حساسة مثل الصحة والطاقة والزراعة، ومعلوم أن كوبا حققت مكاسب كبيرة في قطاعي الصحة والزراعة غير أنها تعاني من مشاكل كبيرة في مجال الطاقة وهي من آثار الحصار الأمريكي المتواصل منذ قرابة خمسة عقود، وتمثل الجزائر أحد أهم البدائل بالنسبة لكوبا لتطوير صناعة نفطية خاصة مع الرغبة في توسيع عمليات الاستكشاف واكتساب تكنولوجيا التكرير، وسيكون التعاون في هذه المجالات الحيوية قاعدة تجديد العلاقة بين الجزائر وهافانا وإعطائها البعد البرغماتي لدعم الروابط السياسية والتاريخية الوثيقة بين البلدين.