زار أمس الرئيس بوتفليقة القائد الكوبي فيدال كاسترو في مقر إقامته بالعاصمة الكوبية هافانا التي حل بها بعض ظهر الاثنين في إطار زيارة عمل وصداقة تدوم ثلاثة أيام، عرفت إجراء مباحثات على انفراد بين بوتفليقة والرئيس الكوبي راؤول كاسترو، كما جرت مباحثات ثنائية بين وفدي البلدين من المنتظر أن تتوج اليوم بتوقيع اتفاقيات تعاون بين البلدين مبعوثنا إلى هافانا: نجيب بلحيمر بوتفليقة الذي كان على رأس وفد يضم على وجه الخصوص وزير الخارجية مراد مدلسي والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل وانضم إليهم وزير الصحة سعيد بركات، استقبل في مطار خوسي مارتي بهافانا من قبل رئيس مجلسي الدولة والوزراء لجمهورية كوبا راؤول كاسترو، وحسب مصادر دبلوماسية فإن التقليد السائد في كوبا هو ألا ينتقل الرئيس إلى المطار لكن هافانا أرادت تأكيد حفاوة الاستقبال من خلال ذلك، وقد استهل بوتفليقة برنامج زيارته إلى كوبا بالتوجه صباح أمس إلى ساحة الثورة حيث وضع إكليلا من الزهور على المقام المخلد لذكرى البطل القومي الكوبي خوسي مارتي، وقد وجد الرئيس في استقباله النائب الأول لرئيس مجلسي الدولة والوزراء خوسي رامون ماشادو فانتيرا. وقد خص الرئيس بوتفليقة باستقبال مميز في قصر الثورة من طرف الرئيس راؤول كاسترو الذي أقام على شرفه مأدبة عشاء، وجرت مباحثات بين وفدي البلدين تركزت على العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في مختلف المجالات وخاصة ميدان الصحة، حيث كان وزير الصحة سعيد بركات قد حل بهافانا وكان من بين مستقبلي الرئيس في المطار، وسيتم اليوم الأربعاء التوقيع على اتفاقيات تعاون بين البلدين من المنتظر أن تتركز بصفة خاصة على قطاع الصحة. زيارة بوتفليقة إلى كوبا، فضلا عن كونها تتناول المسائل السياسية والاقتصادية المتعلقة بالعلاقات الثنائية، فإنها تحمل بعدا معنويا كبيرا في هذه الفترة، ولعل زيارة فيدل كاسترو في مقر إقامته جاءت لتؤكد هذا التواصل في علاقات تاريخية متينة تمتد إلى قرابة خمسين سنة، وزيادة على العلاقات على المستوى الرسمي فإن العلاقة الشخصية بين بوتفليقة وكاسترو، والتي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، تلخص خصوصية العلاقات بين الجزائروكوبا. القائد الكوبي، الذي انسحب من الحياة السياسية وخلفه شقيقه راؤول على رأس الدولة، يمثل رمزا للإجماع الكوبي، ولا يزال يشارك بالرأي في تحليل الأوضاع الدولية، وكان قبل أيام قد أصدر تقييما إيجابيا نادرا لخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد وصف كاسترو أوباما بالشجاع الذي قال ما لم يجرؤ أي رئيس أمريكي على قوله إلى حد الآن، وقد اعتبرت هذه التصريحات إشارة قوية من جانب هافانا على ما تتوقعه من تغيرات في السياسة الأمريكية، ولا يزال الحصار الأمريكي المضروب على كوبا منذ قرابة خمسين سنة عقبة كبيرة أمام التنمية في هذا البلد. وتعتبر الجزائر من الدول التي التزمت باستمرار بدعم كوبا سياسيا حيث تطالب دوما في المحافل الدولية برفع الحصار المضروب على الجزيرة، وقد تضمن البيان الختامي للقمة الثانية لإفريقيا وأمريكا الجنوبية التي عقدت يومي السبت والأحد الماضيين بفنزويلا مطالبة برفع الحصار عن كوبا التي لا تعتبر عضوا في مجموعة أمريكا الجنوبية باعتبارها من دول الكاريبي، وتعتبر هافانا أن الجزائر من الدول القليلة في العالم التي التزمت بالدفاع عن الموقف الكوبي رغم التغيرات العميقة التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال العقدين الماضيين، وقد شهدت العلاقات بين الجزائروكوبا انتعاشا ملحوظا في عهد الرئيس بوتفليقة الذي أعاد تنشيط هذه العلاقات مستفيدا من رصيد تاريخي وشخصي كبير. العلاقة مع كوبا تمثل أحد المظاهر الأساسية للسياسة الخارجية الجزائرية المتوازنة، فخلال السنوات الأخيرة عادت فكرة إحياء التعاون بين دول الجنوب، وتتجه مبادرات التعاون بين دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول الجنوب عموما نحو تنسيق المواقف في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية ومن أجل بناء عالم متعدد الأقطاب، وتساهم الجزائر بقوة في تقديم الدعم لكوبا من خلال الاتحاد الإفريقي الذي يساند مطلب رفع الحصار عن الجزيرة. العلاقات السياسية، والحديث عن الخلفية التاريخية التي تدعم هذه العلاقات لا تغطي على السعي إلى إعطاء العلاقات بين البلدين بعدا واقعيا وبراغماتيا، فهناك تعاون وثيق بين الجزائروكوبا في ميدان الصحة تحديدا، ولعل أحد مظاهر التعاون في هذا المجال هو إنشاء مستشفى طب العيون بمدينة الجلفة والذي كان يسير من قبل الكوبيين قبل أن يتفق الطرفان على شرائه من قبل الدولة الجزائرية، وهناك تعاون كبير في مجال الصناعة الصيدلانية، حيث من المنتظر أن يحل بالجزائر في الثالث من شهر أكتوبر القادم وفد عن شركة صيدال بهافانا للتوقيع على اتفاق يخص إنتاج بعض الأدوية واللقاحات المهمة منها لقاح خاص بمرضى السكري من أجل تفادي بتر الأعضاء.