قال الشاعر التونسي جمال الصليعي أن الشعراء العرب يتقاطعون في الهم المشترك للأوطان وشبه حال الشعر العربي بحال الأمة في راهنها الإقتصادي والسياسي وأضاف أول أمس في جلسة شعرية مميزة بقاعة الأطلس ضمن «موعد مع الكلمة « وهو البرنامج الأسبوعي الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام ، أن الأمة العربية والإسلامية تمتلك أدوات القوة من مفاصل جغرافية مهمة على الخارطة الدولية منها مضيق جبل طارق وقناة السويس. كما تمتلك الثروات والقدرات البشرية لكن ما ينقصها هو التواجد والصراع على الساحة وعدم الشعور بالدونية والنقص أمام الآخر لأننا حسب الشاعر جمال الصليعي كعرب غائبين نائمين عن حركية العالم ولا نساهم في بناؤه. في جلسة كان للشعر الملتزم المعجون بالسخرية والمرارة فضاء واسع رحل الحضور عبر صوت الشاعر جمال الصليعي في فسيفساء من القصائد إلى عوالم الشعر الذي إستحضر الخيبة والأمل في غد أفضل للشعوب العربية التي تتقاذفها المصالح الضيقة للأحزاب السياسية بمختلف ألوانها وأزيائها في عرس السلطة المغتصبة وولائمها التي تقتات من عرق الشعب وتدوس حريته وخياراته المشروعة ، قصائد منها « واد النمل « ،» وها أنا ووحدي « ، «هامش على المسألة « كانت بمثابة بيان للحرية والإنعتاق والتشبت بحب الوطن وترابه الأسمر لا لغير، صرخات مدوية بعث بها الشاعر التونسي تعكس تجربته وقدرته على نسج نص غائر في الجرح العربي وهمومه وأشار الشاعر جمال الصليعي أن الموهبة الشعرية تزدهر بما تعطيه بيئة الشاعر له من أدوات وعناصر ليطعم بها موهبته الفطرية واعترف أنه من الصحراء التونسية التي تاه فيها وهو مأسور بها وترصعت موهبته بالمداومة وأوضح أن أولى مصادر الكتابة لديه هي القرآن الكريم وكتب التراث العربي كما نهل من أمهات كتب الأدب العربي منذ الجاهلية إلى اليوم ويرفض الشعر التونسي جمال الصليعي أن يتم تصنيفه ضمن أي خانة ويفضل أن يوصم بأنه شاعر كلاسيكي وبخصوص اللقاء مع الأخر أدبيا يفضل الشاعر أن يكون اللقاء نديا وأن لايشعر الأديب العربي بالدونية أمام ما ينجزه المبدع في الغرب ويصبح مجرد مستهلك لأن المشاركة مع الآخر ضرورية مؤكدا في سياقها أن وجدان الأمة يتمثل أكثر عبر الشعر ومفرداته وأكد قصور الترجمة في نقل روح الشعر العربي لأنها تضلم الدلالات العميقة للمفردات الشعر و يشيرلا يمكن مثلا أن يعرف القارئ الإنجليزي مفردات العرب والمسلمين ودلالاتها الروحية والدينية واعترف الشعر جمال الصليعي أنه لا يثق في الترجمة لنقل روح الشعر العربي لأن الترجمة تخفق في نقل روح النص وشحناته وحمولاته الدلالية المرتبطة بقيم المجتمع العربي الإسلامي ويعتقد جمال الصليعي أن الشاعر شاهد عيان ومسجل لكل ما يحيط به من ظواهر وهو بمثابة أصبع الإتهام التي تمتد إلى كل سوء حولنا لينبه إليه ليصلحوا عنا هذا السوء. أشار الشاعر جمال الصليعي أن الحرية في معناها المثالي غير موجودة لا سابقا ولا لاحقا ويفتك الأديب والمبدع عموما حريته بشتى الأشكال بالهروب إلى الرمز وقد إفتك الشعب التونسي حريته بفضل تضحياته ودم شهداءه مضيفا « الشعب التونسي ماض في في أخذ حريته عنوة ولو كره الكارهون « وقال جمال الصليعي أنه توقف عن كتابة الشعر منذ 3 سنوات أي منذ إندلاع الثورة التونسية حيث وإن لم يكتب قصيدة بالمعنى الإبداعي غير أنه كتب نصوص تفاعلية مع ما يجري في الساحة وعن قصيدته « وها أنا وحدي « قال أنها على لسان الشعب التونسي الذي إنتفض على الديكتاتورية بعد سنوات من القمع من أجل مستقبل أفضل في كل الميادين ،وأوضح الشاعر جمال الصليعي أن الثورة في تونس أساء لها السياسيون الشعب أنجز ما عليه أزاح الضلكم والطغيان فلا يجب أن يأتي ضلم آخر ويرفض أن تتحول الأحزاب التي تتجاوز 161 بتونس إلى مشاريع أوطان بديلة للوطن الأم حيث تتسابق الأحزاب لترث ما تركه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأشار أن 161 حزب يعني إنتماءات مختلفة إسلامية علمانية يسارية يمينية كلها تبتغي السلطة ولا أحد منهم ينتمي للوطن لأن ما يهم التونسيين اليوم هو القضاء على البطالة وتوفير الشغل للشباب الذي يشكل أكثر من ثلثي السكان،يعتقد جمال الصليعي أن الشاعر كالمجنون لا يسأل عن أفعاله ونفى تقديم قصيدة وادي النمل أمام الراحل معمر القذافي أو أي حاكم عربي وأكد جمال الصليعي أنه على مدار 40 عاما من الممارسة الشعرية لم يتغير لا في الكم ولا في المضمون ويكتب بنفس القدر وما تميله لحظة الشعر والحال الشعري وقال أنه يكتب منذ 2008 نصا شعريا لم يكمله بعد وإلى اليوم وقد لا نيهيه كما أنه لا يكتب في مواضيع آنية جاهزة وإن كتب نصوصا إنفعالية تتفاعل مع اللحظة وأشار أنه ليس شحيحا ولا غزيرا في الإنتاج بل هو نسق إختاره حتى لا يتحول إلى شاعر رسمي بل شاعر بالمعنى الإنساني يتفاعل مع الحياة وأوضح في سياقها أن الرقيب على الإبداع ظاهرة موجودة في العالم العربي في حين يرفض تحول الرقيب في تونس من صفته السلطوية السياسية إلى الرقيب الديني في حين أن في تونس تحول الجميع إلى رقيب بصورة مجانية ثمة توجس وشك « أنت مع من وضد من لأعترف أنني مع وطني لا غير « وأكد أنه مع الإختلاف والحوار مشيرا « أقولي رأيي وأجتهد أن لا أسيئ إليك « وأضاف « لم أكن حريصا على نشر قصائدي وقد تكفل أصدقائي بذلك لأتفاجأ بهما واوضح جمال الصليعي أنه زار في مواعيد شعرية كل البلاد العربية باستثناء السودان وفلسطين وقد تعرف على بعض الشعراء الجزائريين من خلال المهرجانات الشعرية. وكشف الشاعر جمال الصليعي أن قصيدته « هامش المسألة « التي تمزج بين الجد والمرارة والسخرية هي من نوع القصيدة الساخرة التي تعرف في المشرق بقصيدة «الحلمنتيشي « وهي مزيج من اللغة العربية الشعبية والفصحى واللغة الفرنسية والإنكليزية قالها مخاطبا وزير الثقافة التونسي في أول حكومة بعد الإطاحة بنظام بن علي حيث أسند له حقيبة الثقافة وزارة الثقافة وهو فراكفوني لا يجيد اللغة العربية و أعتقد ن ذلك الوضع خلق لدي وع من المرارة.