انتهى اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة التربية يوم الخميس الماضي حول العنف في الوسط المدرسي إلى توصيات من شأنها أن تُسهم في تضييق مساحة هذا العنف، وتجفيف الأسباب والأوضاع المؤدية إليه، وعلى أن تتكامل معها جهود الأسر، وكافة الجهات المعنية الأخرى، ومن أهم ما نصصت عليه التوصيات، العناية الفائقة بتكوين الأساتذة، وتوسيع دائرة الأستاذية لتشمل الأخصائيين النفسانيين، الذين توكل لهم مهمة التكفل بمعالجة الجوانب النفسية للتلاميذ، ولاحظت نقابات القطاع أن هذا اليوم الدراسي أغفل التركيز على أحد الأسباب الجوهرية للعنف المدرسي المتصاعد، وهو تعاطي المخدرات والكحول في الوسط المدرسي. ثمّن اليوم الدراسي المنعقد حول ظاهرة العنف في الوسط المدرسي ، والبحث عن الحلول الناجعة لها ما تقدم به وزير التربية الوطنية من أفكار، وأكد على ضرورة أن يتعامل الباحثون المكلفون بإعداد الدراسة التي تحدث الوزير بابا أحمد عنها بواقعية مع ما هو سائد داخل المؤسسات التربوية، وفي الوسط المدرسي والتربوي عموما، ولا يجب أن يقتصر الأمر على التعامل مع ما يتعلق بالتلاميذ، بل وأيضا بما يتعلق بالمحيط أيضا، وبمن فيه الأساتذة، الذين نصص اليوم الدراسي على ضرورة العناية الفائقة بتكوينهم تكوينا متكاملا، وعلى أن يكونوا مدعومين بعدد كبير من الأخصائيين النفسانيين في التربية والتوجيه في وحدات الكشف والمتابعة، وقدّر عددهم ب 25 ألف أخصائي، وهو ما يساوي 25 ألف مؤسسة تربوية. هؤلاء وفق ما ترى وزارة التربية هم الفئة المعوّل عليها من أجل متابعة المتمدرسين نفسيا، والكشف عن كثير من خباياهم المنجرة عن حالاتهم الاجتماعية، ونخص بالذكر هنا التلاميذ الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية مُهتزّة وغير متماسكة، وفي مقدمة هؤلاء من هم يعانون من حالات طلاق بين أوليائهم، ومن هم يعانون من ويلات الحاجة والفقر، ومحرومون من مستلزمات العيش الكريم. وزارة التربية قدرت نسبة العنف في الوسط المدرسي ب 1 في المائة من مجموع 8 ملايين تلميذ متمدرس على مستوى الوطن، وهي نسبة يراها البعض من المتتبعين والباحثين في الشأن التربوي أنها لا تُعبر بالضرورة على ما هو سائد على أرض الواقع، وهو نفس ما تراه نقابات القطاع، التي تعتقد أن النسبة الفعلية غير ذلك، ذلك أن اعتماد الوزارة فقط على الحالات المصرّح بها لها رسميا عن طريق مديريات التربية غير كاف للإلمام بكل حالات العنف التي تحدث على مستوى كل المؤسسات والهياكل التربوية عبر الوطن، وهي تقول أن حالات عديدة من العنف المدرسي تُقترف من قبل التلاميذ والأساتذة وباقي مكونات الأسرة التربوية الآخرين لا يُصرّح بها لمديريات التربية، ولا لأسلاك الأمن والدرك الوطني، ولا للعدالة ، وتُدفن على مستوى المؤسسات والهياكل التربوية، من قبل المسؤولين والأولياء، وكأن شيئا لم يكن، ويحدث هذا خصوصا حينما تحضر الحلول الودية والمساعي الحميدة من أطراف مشهود لها بالإنصاف والعدل والاحترام. الأمر الآخر الذي تراه نقابات القطاع، وتعتبره من الآفات الخطيرة، التي تسهم بنسبة أو أخرى في حدوث العنف المدرسي، وتفاقم درجاته أحيانا، هو تعاطي التلاميذ، وبعض مكونات الأسرة التربوية للكحول والمخدرات، وهي آفة بالغة الخطورة، ترى النقابات أنه كان من الواجب والضروري التأشير بقوة في هذا اليوم الدراسي لتواجدها وتداولها وتعاطيها في الوسط المدرسي، وأخطر ما في هذا الأمر وفق ما يقول الأستاذ بوديبة مسعود، عضو المكتب الوطني المكلف بالإعلام والاتصال في نقابة »كناباست« أن التلاميذ أصبحوا من روادها، حيث قال عنهم أن كثيرين منهم »يتعاطون الكحول والمخذرات داخل المؤسسات التربوية، وليس لمجالس الأقسام بالمؤسسات التربوية الحق في فصل هؤلاء التلاميذ، بسبب انعدام النصوص القانونية التي ترخص لهم ذلك«، والكارثة وفق ما يضيف بوديبة أن وزارة التربية رفضت تحيين القوانين، التي تضبط مجالس الأقسام، وأقصى عقوبة تسلط على هؤلاء هي تحويلهم إلى مؤسسة تربوية أخرى«.