القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    حيداوي يترأس اجتماعا تقييميا حول مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    وزارة النقل وضعت خطة طريق من شانها تعزيز تنافسية الموانئ وتقليص مدة عبور البضائع    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50277 شهيدا و114095 جريحا    بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم : اجتماع تنسيقي ما بين الفاف- المديرية الفنية الوطنية و الاتحادية الجزائرية للرياضة المدرسية    فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتحرك لوقف الإبادة الصهيونية في غزة    كأس الجزائر : فريق شباب بلوزداد يكمل المربع الذهبي بإقصاء مولودية بجاية    مسابقة تاج القرآن الكريم: اختتام الطبعة ال14 بتتويج الفائزين    الجيش الوطني يواصل دحر الإرهاب    وزارة التربية تتحرّك..    أوقفوا العُدوان على غزّة..    حملة تحريض منظّمة ضد المقاومة في غزّة..    البطاقة الذهبية ستتحوّل إلى كلاسيكية    دعوة إلى الالتزام الصارم بالمداومة    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    تنظيم حفل ختان جماعي    الشرطة تُعزّز تواجدها    حشيشي يتفقد الوحدات الإنتاجية    الجزائر تُكرّم حفظة القرآن    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    تكوين شبكة للجزائريات الوسيطات    إطلاق أول ناد يهتم بصحة الشباب ومحاربة المخدرات    منظّمات حقوقية تندّد بالتضييق على الجزائريين بفرنسا    تكريم المتفوّقين في المسابقة لحفظ وتجويد القرآن الكريم    48 ساعة لنائب القنصل المغربي بوهران لمغادرة الجزائر    تواصل العدوان الصهيوني على جنين وطولكرم ومخيم نور الشمس    إبراز دور القيم المهنية للصحافة في الدفاع عن الوطن    حلويات قسنطينية تروي قصة تراث وعزيمة    تخفيضات تصل إلى 50 ٪ في أسعار الملابس    تسويق 238 ألف كيلوغرام من اللحوم المستوردة    مخزون كبير في المواد الغذائية    مشروع "بلدنا الجزائر" يدخل مرحلة التنفيذ    تتويج فريق القناة السادسة بالطبعة الرابعة    صور من الغث والسمين    عمق العلاقات الزوجية وصراعاتها في ظل ضغوط المجتمع    خالدي وبن معزوز يمنحان تأهلا سهلا ل"سوسطارة"    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    "سوناطراك" فاعل رئيسي في صناعة الغاز عالميا    بلمهدي يستقبل المتوّجين    إرث جمال مناد سيظل خالدا في الذاكرة    أعيادنا بين العادة والعبادة    إنفانتينو يعزّي في وفاة مناد    بوغالي يعزي في وفاة الفنان القدير حمزة فيغولي    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال هذا السبت    سوناطراك: حشيشي يتفقد الوحدات الانتاجية لمصفاة الجزائر العاصمة    وضع حد لأربع شبكات إجرامية تحترف سرقة المركبات بالعاصمة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    شراء ملابس العيد من المتاجر الإلكترونية: راحة و وفرة في العصر الرقمي    في يوم الأرض.. الاحتلال الصهيوني يستولي على 46 ألف دونم في الضفة الغربية سنة 2024    مركز التكفل النفسي الاجتماعي ببن طلحة: إفطار جماعي وتقديم ملابس عيد الفطر لأطفال يتامى ومعوزين    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    هذا موعد ترقّب هلال العيد    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلّنا مصريون!
نشر في صوت الأحرار يوم 12 - 04 - 2014

كتب إليّ قائلا: إلى أن ينفخ إسرافيل في الناقور تبقى الحقيقة المصرية تمشي بين الناس أرضهم من ذهب ونساؤهم لعب ورجالهم مع من غلب يجمعهم الطبل وتفرّقهم العصا.. ولكي لا نكون ملكيين أكثر من الملك، أُحيلك إلى مقال الفيلسوف الرائع زكي نجيب محمود الموسوم ب: الكبش الجريح.. ساعتها يكون شهد شاهد من أهلها. و ما على الرسول إلا البلاغ.
مصر.. المسيرة العكسية خطّه قلم كاتب صحفي شابّ يداوم بجرأة وشجاعة على كتابة عمود يومي في إحدى الصحف الوطنية الصادرة من الجنوب الجزائري.. جرأة قد لا أوافقه على بعض تفاصيلها، لكنّني أغبطه عليها واعتبرها بشائر خير على بلادنا، لأنّ حريّة الكلمة ورفع القيود عن الصحافة من أمارات التقدم إلى الأمام، حتى لو بدت تلك الحرية وهمية في نظر البعض، فالعبرة بالنهايات، وهذه الأخيرة يصنعها تراكم البدايات، فكم من نهضة فكر ووعي انطلقت من كلمات قال المتشائمون إنها صرخة في واد أو نفخة في رماد.. النهضة في حاجة إلى أقلام جادّة وناقدة للوضع القائم، لأن أصحاب المدائح الكاذبة لن يصنعوا شيئا سوى ما يجنونه لأنفسهم.
قرأت كلام الزميل الشابّ أكثر من مرّة فلم أهضمه، لأن نظرتي إلى الشعوب العربية متشابهة، وأتصور أن الذي يجمعها من العادات وطرائق التفكير والمزاج أكثر مما يفرّقها، وهكذا لو سوّق شعب نفسه على أنّ نهاية أمجاد البطولة والفدى قد توقّفت عنده مثلا، فإن نقيض هذا الإدّعاء سوف يظهر بسهولة ويسر عبر مراجعة سريعة لتاريخ شعب آخر، حيث نكتشف أن لديه من صور البطولات والتضحيات الكثير.
ومع ذلك بحثت عن مقال الدكتور زكي نجيب محمود، ولم أكابد أيّ مشقة في العثور عليه، فشكرا لمن أتحف أبناء آدم وحوّاء بعالم الأنترنت وخدماته المتعددة.. شكرٌ أقلّد فيه زميلا سودانيا انقطعت الصلة به سنوات عديدة فلماّ عثر على اسمي في الفيسبوك كتب إليّ معنونا رسالته ب شكرا للفيسبوك.
قرأت عن الكبش الجريح وكان المقال ممتعا، ففي البداية وثب الذئب على الكبش فمزّق منه وانتهش.. وفرح الذئب لأن في طبيعته أن ينهش ويمزّق وكذلك فرح الكبش، ولم أكن أعلم، يقول الدكتور زكي، أن في طبيعته ما يستطيب النّهش والتمزيق. يواصل الدكتور.. قال الإنسان: إني موجود لأني أفكر، فكان بقوله هذا فيلسوفا، وقال الذئب: إني موجود لأني آكل وأفترس، فأثبت أن الفلسفة ليست وقفا على الإنسان.. يقع اللوم والتثريب على صاحبنا الخروف الذي استمرأ ضرب المخالب واستلذّ وقع الأنياب، فدماؤه تسيل وعلى شفتيه ابتسامة.
وهكذا لا يرى صاحب المقال أيّ جدوى في الدفاع عن الخروف، بل من العبث أن يرتقي المنبر في سبيله خطيب، لأن عدوان الذئب يصادف في نفسه القبول، فليعدّل الخروف من طبيعته أولا، وبعد ذلك فليكتب الكاتب وليخطب الخطباء. ثم يتجه الكاتب بعد ذلك إلى لغة أكثر وضوحا.. قلت للخروف: هلا أخذتك النخوة يوماً فغضبت غضبة الكرام التي لا تقف عند حدّ اللغو والكلام؟ قال: كيف عرفتني خروفا وقد تخفيتُ في ثياب الرجال؟ قلت: عرفتك في مائة موضع وموضع، أسوق لك منها مثلين.
يستعرض الكاتب المثال الأول ويتحدث عن خطاب رفعه الخروف، الرجل، إلى سيده الذئب وكيف تراجع أكثر من مرة وهو يخطّ الكلمات الأولى.. كتب إلى حضرة الذئب ، وكتب أحسن منا وأحسن ولم يعجبه ذلك حتى اطمأنت نفسه إلى عبارة سيدي ومولاي حضرة صاحب المجد ذئب الذئاب وملك الغاب ، وهنا اغتبط الخروف وافترت شفتاه عن ابتسامة.
يفصّل الدكتور زكي في المثال الثاني، وله علاقة باللغة، ويتفنّن فيه ثم يختم المقال بهذه الكلمات المعبّرة قل في ذلك ما شئت يا خروف، قل إنها وداعة الحملان، أو قل إنه التواضع، وإن في التواضع عند الله رفعة الشأن، أو قل إنه كرم النفس، وليس الكرم بغريب على بني القطعان. قل في ذلك ما شئت يا خروف، لكنه عندي علامة لا تخطيء على ما في نفسك من ذلّ العبيد، الذي يستمرئ ضرب المخالب، ويستلذّ وقع الأنياب.
وبعد.. ما الذي يريده صاحبي من الإحالة على مقال الفيلسوف زكي نجيب محمود.. لعلّه يقصد العبارات الأخيرة، و(ذلّ العبيد) بالتحديد، وربّما قابله مع كلامي في آخر مقالي سابق الذكر حينما ختمته بعبارة مقتبسة يستطيع الأحرار تحطيم أبواب السجن، لكنهم لا يستطيعون إرغام العبيد على الخروج منها.
والحقيقة أن الحديث كان حول جمهورية مصر العربية، قلب العروبة الذي يُفترض أن يكون نابضا باستمرار.. لكنّ العين لم تكن على شعب مصر وحده، لأننا جميعا من المحيط إلى الخليج في حاجة إلى يقظة وحريّة ولو بدت بعض الشعب راضية بأوضاعها عندما قايضت الحريات وأنظمة الحكم الحديثة بالرفاهية والرخاء.. كما لا أقصد بالتحديد أي شكل من أشكال التغيير، أو كسر القيود عبر الثورات والانتفاضات بالضرورة.. لكن المقصود أن الفرصة توفرت للجميع حكاما ومحكومين، ليبادروا إلى التغيير فيتحقق الانعتاق للطرفين: الشعوب من القيود، والحكام من الغرور المقزّز الذي أساء إليهم وصنع منهم أمثلة للتندّر والسخرية لدى وسائل الإعلام الدولية.
إنّنا في الهمّ شرق خاصة في ميدان اللغة، وهو المثال الثاني الذي ساقه الدكتور زكي نجيب محمود، فالإعجاب المرضيّ بلغة فولتير عندنا في الجزائر لا تخطئه العين، وانتشار لغة شكسبير على حساب الضّاد واضح للعيان في بلدان الخليج العربية.. فلا يحدّثّنّ شعبٌ نفسه بأنه الأفضل والأقوى والأرقى.. فما زال بيننا وبين مراتب التقدم مسافات طويلة.. وإن كان في الوسع اختصارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.