إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس عن استدعاء الطبقة السياسية قريبا للإدلاء بمقترحاتها بشأن تعديل الدستور الذي يعتزم القيام به قبل نهاية السنة الجارية، يؤكد بوضوح تخلي رئيس الجمهورية عن المسودة التي أعدّتها لجنة الخبراء برئاسة الدكتور عزوز كردون على أن يعلن خلال الأيام القليلة المقبلة عن الشخصية التي ستنوب عنه في إدارة هذه المشاورات. حسب مصادر حكومية فإن أقوى المرشحين لتولى مهمة إدارة المشاورات السياسية التي ستشمل الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وكذا ممثلي المجتمع المدني هو الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم المعيّن عشية الانتخابات الرئاسية في منصب وزير الدولة المستشار الشخصي لرئيس الجمهورية، فيما يرشح بعض المتتبعين للشأن الوطني أن تعهد المهمة لعبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة باعتباره أشرف على إدارة السلسلة الأولى من المشاورات التي جرت في جوان 2011 تحسبا لتجسيد مشروع الإصلاحات السياسية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية في الخطاب الذي ألقاه في 15 أفريل من نفس السنة في عزّ الحراك الذي عرفته المنطقة العربية آنذاك تحت مسمّى »الربيع العربي«. ويعتزم رئيس الجمهورية من خلال الدعوة التي وجهها أمس إلى الطبقة السياسية بمناسبة أدائه اليمين الدستوري إجراء مشاورات سياسية جديدة بهدف الوصل إلى »دستور توافقي« مثلما شدّد عليه في كلمته حيث كان واضحا بالقول» من منطلق ما يحذوني من إرادة حازمة بتعزيز وفاقنا الوطني وجعل الديمقراطية تقطع أشواطا نوعية جديدة سأعيد عما قريب فتح ورشة الإصلاحات السياسية التي ستفضي إلى مراجعة الدستور مراجعة توافقية«، مؤكدا على أن المراجعة المقبلة للدستور ستكون » في كنف احترام المبادئ التي يمنع الدستور بالذات المساس بها ودون إضرار بمواقف المشاركين في الاستشارة التي سنجريها«. وتعكس هذه الخطوة من رئيس الجمهورية التي اختار أن يدشن بها عهدته الجديدة رغبة في فتح نقاش مع الطبقة السياسي حول القانون الأسمى في البلاد قبل الذهاب إلى تعديله كما يكون الرئيس قد قرّر عدم الأخذ بالمسودة التي أعدّتها لجنة الخبراء المنصبة في أفريل 2013 برئاسة الدكتور عزوز كردون، كما تؤكد هذه الخطوة ما جرى تداوله إعلاميا قبل أشهر من أن الرئيس بوتفليقة وبعد عودته من الرحلة الاستشفائية التي قادته إلى باريس قد أبدى امتعاضا وعدم رضا من حصيلة العمل الذي أنجزته اللجنة والذي رفعته لرئاسة الجمهورية في شكل مسودة للدستور.وعن أهم المحاور التي سيركز عليها التعديل الدستوري المقبل مثلما جاء في كلمة بوتفليقة هي »تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين« كما أبرز ضرورة الذهاب إلى »دستور توافقي« كما اعتبر تقدم البلاد لا يحتاج فقط إلى « استقرار داخلي» وإنما إلى «وفاق داخلي».