تبقى المدينة تيديس العتيقة -82 كم شمال قسنطينة- وبعد مرور ثلاثة آلاف سنة من تاريخ الجزائر، في حالة حفظ رائعة، تجعل منها كتابا ومتحفا مفتوحين لم يكشف بعد عن أسرارها غير أن هشاشتها تشكل مصدر قلق أخصائيين وخبراء في الآثار. اكتشف جزء من هذه المدينة المدفونة تحت الأرض، والتي يحميها الجبل الذي بني عليه )كاستيلوم تيدينوروم(، والتي كانت مكلفة بحماية سيرتا في الفترة الرومانية، من طرف عالم الآثار الفرنسي أندري برتيي في .1972 وتعد تيديس، مدينة الفخار والموزاييك والعبقرية المعمارية، التي شيدت على شكل سلم في الجبل، من بين المواقع الأثرية التي سلمت من الهندسة المعمارية العصرية مقارنة بأختها الكبرى التي تحولت مع مرور الزمن الى قسنطينة الحالية. ويشرف ديوان التسيير واستغلال الأملاك الثقافية على المدينة العتيقة التي وضع لها سياج لحمايتها من الدخلاء كما تتكفل عائلة من الفلاحين بالمنطقة بحراستها. وبعد 2000 سنة، تبقى آثار هذه المدينة في حالة حفظ رائعة بالرغم من بعض العوامل الطبيعية التي تهددها كالنباتات الضارة وانجراف التربة والأوحال خلال تساقط الأمطار الغزيرة. غير أن الموقع لم يتم البحث فيه بالكامل، ويقر حراس الموقع أنهم عثروا صدفة على آثارأحياء اضافية تركوها تحت الأرض خوفا من اهترائها أو سرقتها. ولم تجر عملية التنقيب والاكتشاف الا في محيط مساحة تتربع على7 هكتار من المساحة الاجمالية التي تكون قد احتضنت مدينة تيديس، والتي تبرز جميع المكونات التقليدية للمدينة: المعابد، المخصصة للتعبد، ومنتدى صغير، وطرق معبدة وأحياء للحرفيين وحمامات وخزانات مياه. وقد تم اعداد دراسة لاعادة تهيئة الموقع توجد حاليا في طورالانتهاء لوضع اللمسات الأخيرة عليها والتي تندرج ضمن برنامج التحضير لحدث قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية 2015, حسبما علم من ديوان تسيير واستغلال الأملاك الثقافية اذ ينوي الديوان توسيع الموقع وتحويل موقف ركن سيارات الزوار مع وضع بنى تحتية لاستقبال الزوار. من أعلى قمة الجبل رالموقع الذي يود الحراس العاملون بالموقع تهيئتهر يظهر الجمال الطبيعي لتيديس من معبد الاله القرطاجني بعل آمون والرومل لاسيما من على جبل مقابل يحفظ آثار كاستيلوم كالديس، وهو حصن روماني.
الاخصائيون وعلماء الآثار مغيبون عن عمليات الحفر والتنقيب وأكد مدير المركز الوطني للبحث في الآثار، فريد اغيل احريز، أن المركز هو الجهة الوحيدة المخولة باجراء عمليات الحفر في هذا النوع من المواقع رالذي هو موضع دراسة يشرف عليها ديوان تسيير واستغلال الأملاك الثقافية- غير أنه لم يتم اشراكه في ذلك. ويلح السيد اغيل احريزعلى ضرورة القيام بدراسة أولية واجراء مسح على الأرضية قبل القيام بعملية التهيئة على الموقع. ويضيف المتحدث أيضا أن قصر مواعيد التحضيرات التي تثير حسبه قلق الخبراء والجامعيين الذين يخشون من التدخلات السطحية عوض القيام بعملية حفرمنهجية وعلمية. وتأسف جامعيون من قسنطينة من اشراك بعض علماء الآثار القسنطينيين بصفة استشارية فقط من طرف مكاتب الدراسات المكلفة بالمشروع بغرض رسم حدود افتراضية للموقع، متسائلين في الوقت نفسه عن فائدة تكوين القدرات المحلية في هذه الحالة. وتحتاج عدة مواقع أثرية تعود الى الفترة البونيقية أو الرومانية، شاهدة على حضارات متعاقبة في تاريخ الجزائر، اكتشفت خلال الاحتلال الفرنسي، الى عمليات الحفر بشكل كلي لاستغلال الثروات وأيضا تحيين وجرد من أجل حماية مضمونها بطريقة قانونية. وفي هذا الشأن، أعرب السيد اغيل احريز عن تخوفه من المصير الذي سيؤول اليه ضريح الملك النوميدي ماسينيسا اذا لم يتم القيام مسبقا بعمليات المسح والحفر الأوليين قبل الشروع في الأشغال المقررة في مخطط اعادة تهيئة هذا التراث التاريخي الذي يعود الى أكثرمن 2200 سنة.