وزير الاتصال يعزي في فقيد الإعلام محمد إسماعين    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: الثنائي والح وبختاوي يهديان الجزائر أول ميدالية ذهبية    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    لبنان: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 3642 شهيدا و15356 جريحا    استراتيجية ب4 محاور لرفع الصادرات خارج المحروقات    قرار الجنائية الدولية ينهي عقودا للإفلات من العقاب    غايتنا بناء جيش احترافي قوي ومهاب الجانب    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تسقط في فخ التعادل السلبي امام اتحاد خنشلة    الجنائية الدولية تصدر مذكرة توقيف بحق نتنياهو وغالانت    صنصال.. دمية التيار التحريفي المعادي للجزائر    3مناطق نشاطات جديدة وتهيئة 7 أخرى    مجلس الأمة يشارك في الدورة البرلمانية لحلف شمال الأطلسي بمونتريال    دورة استثنائية للمجلس الشعبي الولائي للجزائر العاصمة    استكمال مشروع الرصيف البحري الاصطناعي بوهران    "السياسي" يطيح بسوسطارة ويعتلي الصدارة    السداسي الجزائري يستهل تدريباته بمحطة الشلف    إيمان خليف وكيليا نمور وجها لوجه    المرافقة النفسية للمريض جزء من العلاج    وفاة طفل تعرض لتسمم غذائي    ضبط مخدرات بالكرط    دعوة إلى إنقاذ تراث بسكرة الأشم    نحو تفكيك الخطاب النيوكولونيالي ومقاومة العولمة الشرسة    4معالم تاريخية جديدة تخليدا لأبطال ثورة نوفمبر    إجتماع أوبك/روسيا: التأكيد على أهمية استقرار أسواق النفط والطاقة    تصفيات كأس إفريقيا-2025 لأقل من 20 سنة/تونس-الجزائر: ''الخضر'' مطالبون بالفوز لمواصلة حلم التأهل    تنظيم الطبعة ال20 للصالون الدولي للأشغال العمومية من 24 إلى 27 نوفمبر    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    بنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة بتأسيس البنوك الرقمية    مولي: الاجتماع المخصص للصادرات برئاسة رئيس الجمهورية كان مهما ومثمرا    الرئاسة الفلسطينية تؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بالعمل الفوري على وقف العدوان الصهيوني المتواصل عل الفلسطينيين    ميلة.. تصدير ثاني شحنة من أسماك المياه العذبة نحو دولة السينغال    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    منظمة العفو الدولية: المدعو نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة الجنائية    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور في منظور توافقي جامع غير هجين- الحلقة 3
أي فقه دستوري نريده لنظامنا السياسي ؟
نشر في صوت الأحرار يوم 01 - 06 - 2014

بعد الجولة الأولى للمشاورات السياسية التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالحو عكوف لجنة الخبراء للأستاذ عزوز كردون على إعداد مسودة الدستور ، وارسالها إلى الأحزاب السياسية للإطلاع عليها .
في المقابل، عالجت دول شقيقة هذا الظرف من خلال تعديل دستورها مثلما جاءت به المادة 148من دستور المصري الجديد الذي لم يعد جديدا حيث تم تقييد مجال اللجوء إلى حالة الطوارئ. يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه.
فإذا تم الإعلان في غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد. ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ . وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك .لدينا تشريع يضبط الإطار الإجرائي للعمل بهذا الوضع الاستثنائي و لا يترك الأمر للتنظيم . فإضافة عبارة لا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان زولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلكز أمر مستحسن ومرغوب فيه.
البكاميرالية و التكامل التشريعي
في المادة 98 غير المعدلة يمكن القول بأن نظام الغرفتين أو ما يعرف بالبكاميرالية المستحدث بموجب دستور 1996 ، وإن لم يكن نموذجا جزائريا محضا، فقد أخذ به في ظرف سياسي معين أسوة بالعديد من الدول كوسيلة لأجل تحقيق أهداف منها: تأمين حد أدنى من التمثيل الشعبي للأمة لكل فئات الشعب وقواه الاجتماعية وتياراته السياسية والاقتصادية ممثلين سواء عن طريق الانتخاب السري الغير مباشر أو عن طريق التعيين والاختيار، تأمين مجال للتوازن المؤسساتي تجنبا لأي انزلاقات سياسية، إعطاء وزن إضافي وثقلا جديدا للسلطة التشريعية.
فمن خلال قراءة موضوعية لما تحقق بعد العمل بنظام الغرفتين، يتضح بأن التوجه الديمقراطي وحماية النظام الجمهورية التعددي وتحسين الأداء التشريعي ، يرتبط بمدى الاستقرار في أعلى هرم الدولة عملا بأحكام المادة 70 من الدستور .
ولأن الغرفة الثانية لا تتمتع بموجب أحكام النظام الداخلي إلا بسلطة إبداء التوصيات للتعبير عن الحق في الخلاف مع الغرفة الأولى التي تملك حق الإلغاء والتعديل لما تقترحه عليها السلطة التنفيذية، فإن المهام المقترحة في اقتراح التعديل مدة 119 مكرريمكن أعضاء مجلس الأمة تقديم اقتراحات قوانين متعلقة بالتنظيم المحلي و تهيئة الإقليم و التقسيم الإداري ما يجعل الغرفة الثانية تخرج من دورها الشكلي الغير مثمر.
معظم الدول التي أخذت بنظام الغرفتين وعددها لا يتجاوز 70 ، هي دول إما فيدرالية تعمل على إيجاد تمثيل للولايات بالتساوي لإحداث توازن جهوي وبالتالي يتحقق المطلب الاستراتيجي للدولة أو دول تضم عددا من الأقليات. ولأجل دفع سطوة الأغلبية على الأقلية، يلجأ لهذا النظام المزدوج حفاظا على التوازن داخل الدولة الواحدة. في حين، لا تعرف الجزائر مثل هذه الخاصيات بحكم وحدة نظام الإدارة ووحدة الدين والتاريخ المشترك للأمة.
مجلس الدولة كمستشار للحكومة
في المادة 119 يشكل الأخذ برأي مجلس الدولة أثناء عرض مشاريع القوانين ، عنصر تداخل بين السلطات خلافا للمبدأ القاضي بالفصل بينهم. فمجلس الدولة وهو جهة قضائية مستقلة ينتمي للسلطة القضائية، مطالب من حيث المبدأ عدم التدخل في مهام من اختصاص السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.
ويفترض في الأمانة العامة للحكومة بصفتها عضوا في السلطة التنفيذية، أن توفر بحكم اختصاصها القانوني إطارا مناسبا لإعداد نصوص مقترحة وفق الأشكال والصيغ السليمة دون الحاجة إلى اللجوء لجهة قضائية كمجلس الدولة لذلك الأخذ برأي مجلس الدولة يمكن الاستغناء عنه.
شرعية التشريع بالأوامر و شروطها
في المادة 124 : لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان- يمكن إضافة الفقرة ز في حالة الضرورة الملحةس- ويعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في أول دورة له لتوافق عليه - يمكن إضافة الفقرة أو زتعديلها-
والمراد من ذلك بأنه رغم أن النص الدستوري يخول رئيس الجمهورية صلاحية التشريع بموجب أوامر بين الدورات كإجراء استثنائي لمواجهة أوضاع لا تقبل التأجيل على أن يعرض النص أمام البرلمان وقت انعقاده فإن الدستور لا يخول في المقابل، الهيئة التشريعية صلاحية تعديل النص إنما لها حق الرفض جملة أو الموافقة على النص كما جاءت صياغته وهو أمر يسلب المشرع سلطته الأصيلة المتمثلة في مناقشة مشاريع القوانين مع صلاحية الرفض أو التعديل أو القبول .
لقد تم التشريع بموجب أوامر خلال الفترة التشريعية 2002 -2007 اثنان وثلاثون 32) )مرة من أصل 93 نص قانوني أي أكثر من الثلث . وخلال الفترة التشريعية الحالية 2007 - 2012 تم التشريع بموجب أوامر سبعة عشر مرة )(17من أصل 54 أي ثلث القوانين.
لذا يجب تحديد ضوابط اللجوء إلى التشريع بموجب أوامر أو تمكين الهيئة التشريعية من بسط رقابتها على النص بطريق كامل يشمل المصادقة الكلية أو الجزئية أو الرفض.
صلاحيات حق حل المجلس الوطني
في المادة 129 التي لم تقر في المسودة : يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها،بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، والوزير الأول. فالملاحظ في النص بأنه يمنح الوزير الأول مركزا متأخرا من حيث الترتيب ودورا جانبيا فيما يخص حل البرلمان. مرد ذلك أن التعديل الدستوري الأخير لسنة 2008 أبعد الوزير الأول من دائرة القرار السياسي بحيث لم يعد له سوى دور يغلب عليه الطابع الإداري في تسيير الطاقم الوزاري أو المشاركة في تسيير شؤون الحكومة .
حاليا لا يوجد أي إمكانية لاشتراك الوزير الأول بصفته مبادرا نحو حل البرلمان في حين يجوز للوزير الأول في فرنسا مطالبة رئيس الجمهورية بحل البرلمان. وبما أن الإجراء المقرر في المادة 129 يدخل ضمن الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية ، يكون من باب الملائمة إدراج فقرة تمنح الوزير الأول امتياز المبادرة بمطالبة الرئيس بحل البرلمان بسبب الانسداد أو لأسباب وجيهة، تكريسا للرقابة المزدوجة على اعتبار أن الوزير الأول هو الممثل الحقيقي للأغلبية البرلمانية ضمنيا. وبذلك يمكن إضافة فقرة ''يجوز للوزير الأول أن يقترح على رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني'' .
استقلالية القضاء وفصل السلطات الدستورية
المادة 138 : السلطة القضائية مستقلة، وتمارس في إطار القانون.
إن مواجهة الظروف الاستثنائية في ظل العمل بالدستور، لا يتطلب بالضرورة استحداث جهات قضائية استثنائية موازية وليس من الأنسب تجاوز المبادئ القانونية الجوهرية. إذ يمكن التصدي للظرف باستحداث تجريم ملائم أو تشديد للعقوبات أو تدابير الأمن . وقد أثبتت التجارب عدم فعالية المسعى واتساع دائرة المساوئ و الضرر بمصداقية العدالة والحقوق الدستورية.
لقد عرف القضاء الجنائي في الجزائر نظامين منذ الاستقلال، قضاء عادي يستند إلى قواعد القانون العام، وقضاء غير عادي أريد منه مواجهة ظروف خاصة بحسب طبيعة الأفعال المرتكبة وصفة الأشخاص المخاطبين، بعضه دائم كالمحاكم العسكرية، وآخر مؤقت ألغي بعد سنوات ليتم تعويضه بجهات مماثلة، ألغيت هي الأخرى لاحقا.
إن الإطلاع على مضمون النصوص القانونية المنشئة لهذا الصنف من القضاء وما جاءت به من أحكام، يفيد بتقاطع الإجراءات المعمول بها في مسائل كثيرة نذكر:أن الدفاع أمامها يخضع لموافقة رئيس الجهة القضائية وهو مساس بحرية الدفاع .كما أن الأحكام الصادرة عنها نهائية إلا البعض، بحيث لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن العادية أو غير العادية. فالحبس المؤقت أيضا أمام هذه الجهات غير محدد المدة و لا ينتهي أثره إلا مع الفصل في موضوع الدعوى. في الوقت أن تشكيلة هذه الجهات يجب أن تدعم بعناصر من القضاء غير العادي مع الأخد في الاعتبار لعنصر التخصص أو الكفاءة العلمية وعدد هذه الجهات سبعة، نذكرها بحسب التسلسل التاريخي لنشأتها :
المحكمة العرفية ،المجالس الجنائية الثورية،مجالس قمع الجرائم الاقتصادية،المجلس القضائي الثوري،المحاكم العسكرية،مجلس أمن الدولة، المجالس الخاصة بمكافحة التخريب والإرهاب. فالحديث عن مبدئي المساواة أمام القضاء ووحدته، لا يتعارض في شيء مع وجود محاكم تختلف باختلاف أنواع المنازعات أو باختلاف طبيعة الجرائم أو مركز بعض الموظفين، فالتعدد هنا يأخذ طابعا تنظيميا لا تمييزي، يفرضه إما داعي حسن سير الدعوى أو الحفاظ على هيبة الدولة.
ولا يراد منه في كل الأحوال الإضرار بفئة معينة أو تفضيل شريحة من المجتمع أو إنشاء جهة قضائية مستقلة عن إدارة وزارة العدل غير خاضعة لرقابة المجلس الأعلى للقضاء. أما الأمر المنتقد، فهو إنشاء جهات قضائية موازية ظرفية تتسم بالطابع المؤقت، لا تأخذ بالقواعد القانونية المعمول بها أمام قضاء القانون العام، مما يشكل مساسا بوحدة القضاء واستقلاليته واعتداء على حق المواطن في الامتثال أمام قاضيه الطبيعي. ولأجل تفادي مثل هذه المبادرات، يكون من الأفضل اقتراح نص ضمن الدستور يمنع مستقبلا إنشاء جهات قضائية غير عادية وإضافة فقرة '' وحدة القضاء مضمونة '' في المادة .138
في المادة 157 : زيحدد قانون عضوي تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، وعمله، وصلاحياته الأخريس. عملا بالمادة 149من الدستور، القاضي مسؤول أمام المجلس الأعلى للقضاء عن كيفية قيامه بمهمته حسب الأشكال المنصوص عليها في القانون. النص الحالي المنظم للمجلس الأعلى للقضاء وفقا للقانون العضوي وقم 04 - 12 يتضمن متناقضات عديدة تحول دون استقلالية القضاء.
أمام ضرورة الفصل بين السلطات وفق صيغة فعلية، لا يستساغ مساءلة القاضي أمام أعضاء لا ينتمون للسلطة القضائية بحكم اختيارهم من طرف رئيس الجمهورية خارج القضاء. كما أن ترتيب وزير العدل بصفته نائب رئيس المجلس يشكل بعناصره خرقا للاستقلالية ومساسا بسيادة القضاء . وبذلك يمكن أن يكون الاقتراح : المجلس الأعلى للقضاء سلطة إدارية مستقلة . يحدد قانون عضوي تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، وعمله، وصلاحياته الأخرى.
في نظري أن مسألة محاكمة الرئيس والوزير الأول تظل من أهم الانشغالات لدى القانونيين والمهتمين بالفقه الدستوري. ذلك أن إحالة تنظيم المحكمة إلى قانون عضوي من حيث ضبط التشكيلة وتنظيمها وسيرها وكذلك الإجراءات المطبق لا ينسجم مع المعمول به دوليا بالنظر لأهمية المسألة .فالدساتير في النظم المقارنة تتكفل ابتداء بالفصل في ثلاثة مسائل أساسية تحديد مجال المتابعة الجزائية وعدم حصر قابلية المحاكمة في الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى وعن الجنايات والجنح التي يرتكبانها بمناسبة تأديتهما مهامهما. فالرئيس والوزير الأول مواطنان أولا ثم مسيران وبالدرجة الأخيرة رجلا سياسة . كذلك تحديد سلطة الاتهام، و الراجح أن يعود ذلك للبرلمان يتخويله بغرفتيه ممارسة سلطة الاتهام، ثم ضبط تشكيلة الجهة القضائية .
فيما يخص المادة 154 : إذا أردنا استقلالية القضاء يجب أن ينتخب القضاة رئيس المجلس من بينهم وفي هذه الحالة رئيس الجمهورية لا يترأس المجلس.
المادة 166 : يخطر رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة، المجلس الدستوري. فالمجلس الدستوري المكلف بموجب المادة 165 بالفصل في دستورية المعاهدات والقوانين، والتنظيمات، إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ، أو بقرار في الحالة العكسية، لا يمكنه ممارسة هذه الرقابة إلا بناء على إخطار من إحدى السلطات المؤهلة دستوريا لذلك. في الوقت الحالي تنحصر هذه الصلاحية في رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة.
حق اخطار المجلس الدستوري
من باب حسن أداء الرقابة لاسيما في حالة إغفال إحدى السلطات المنوه عنها أعلاه عن مباشرة حقها في الإخطار يستحسن توسيع دائرة الإخطار كما هو معمول به في النظم المقارنة مثل فرنسا ، بحيث يمنح المجلس الدستوري صلاحية التدخل التلقائي كما هو معمول به أمام جهات القضاء الجزائي خاصة بالنسبة للنائب العام لدى المحكمة العليا حينما يتعلق الأمر بخطأ في القانون. إجازة إخطار المجلس الدستوري من طرف الوزير الأول أو50 نائبا من الغرفة الأولى و30 من الغرفة الثانية إجازة إخطار المجلس الدستوري من طرف رؤساء الكتل البرلمانية .
و إجازة إخطاره أيضا من طرف المتقاضين بطريق غير مباشر وبواسطة الدفع بدعم دستورية النص. ففي هذه الحالة يتوقف النظر في الخصومة إلى أن يتم إخطار المجلس الدستوري عن طريق رأس القضاء العادي و هي المحكمة العليا أو القضاء الإداري عن طريق مجلس الدولة.
فيما يخص المادة 164 التي طرحت للتعديل في المسودة نرى أنه لا داعي لخلق منصب نائب رئيس المجلس الدستوري في حين يمكن أن تحدد العهدة ل 6 سنوات التي تبدو كافية في نظري بالنسبة لرئيس المجلس الدستوري وللأعضاء أيضا ويجدد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل ثلاث (3) سنوات.
في المادة 164 مكرر1 فيما يخص تأدية اليمين الدستوري فهو خاص برئيس الجمهورية عند انتخابه من طرف الشعب ويبقى أن كل الذين يتبوءون أماكن في المجلس الدستوري يمكن أن يحلفوا قبل مباشرة مهامهم ولكن لا داعي أن يكون ذلك أمام رئيس الجمهورية.
الخلاصة:
إن هندسة دستور يتماشى مع العصر يتطلب الابتعاد عن النزوات و الأحكام المسبقة و التأويلات الخاطئة في وقت يحق فيه لكل الارادات المخلصة بغض النظر عن مشاربها الفكرية أن تساهم وتشارك في وضع دستور جامع أساسه فصل السلطات وحماية الحريات الفردية والجماعية ،و بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في اطار مبادئ الاسلام كما تضمنه بيان أول نوفمبر.1954
إن الجزائر قطعة قدسية سقتها دماء الشهداء لا تقبل أن يزج بها نحو الانحرافات و الانزلاقات . فتعديل دستور 2014 إما ان يكون بوابة لصرح جديد في ممارسة الديمقراطية و التناوب الفعلي على السلطة و إما أن يفتح الباب على مصرعيه لتكريس دولة العصب و الزمر تاركا طموحات الشعب الجزائري في مهب الريح في بناء دولته ومجتمعه الفاضل يسوده العدل و الاحسان. هل الدستور المرجو سيعبد الطريق لإعطاء المشعل لجيل الاستقلال حتى يستكمل المسيرة النضالية و المؤسساتية جاعلا الجزائر بلدا واعدا في مصف الامم المتقدمة .
إن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير بكل احترافيته يبقى صمام الامان في بناء الدولة المدنية كمؤسسة حافظت على الجمهورية في الأوقات العصيبة وستبقى وستظل مؤسسة التوازن و الضبط وضامن الاستقرار في البلاد.
و السؤال مطروحا الى اين تتجه الجزائر في خضم التفاعلات و التجاذبات الجيوسياسية عندما تتغلب عليها الذاتيات و الزعامات ؟ فالجواب سهل و معقد في آن واحد و تبقى المسؤولية يتحملها الجميع نظاما ،أحزابا و نخبا. ثم أي مقاربة اخرى للبحث على احسن السبل من أجل الخروج من الازمات بدون تكلفة باهظة وبأقل الأضرار.
الدكتور بوجمعة هيشور
عضو سابق في المجلس الأعلى للقضاء
نائب بالمجس الشعبي الوطني سابقا ،
عضو بمجلس الأمة سابقا ،
وزير سابق .
¯¯ انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.