تحدثت المخرجة والكاتبة الإذاعية، صبرينة صوفطة، عن تجربتها الإذاعية في مجال الاخراج وإعتناق القلم والورق، الى جانب ملتقطة صوت على أثير الإذاعة، حيث رفعت التحدي كأنثى تلاحقها تاء التأنيث مُصرة على ترسيخ اسمها للمستمعين من خلال اعمالها البارزة، والتي معظمها تسبح في فنون الجزائر العميقة . وفي حوار جمعها ب»صوت الاحرار« قالت محدثتنا انها تصور أعمالا خاصة بشهر رمضان . من أين تستنبط الكاتبة فكرتها كفضاء يحوم حوله تصور غير الأضواء والصورة ؟. تجربتي الإذاعية قدمت لي الكثير، فبحكم الخبرة تجعل من الكاتب الإذاعي يبنى فكرة مستنبطة من الواقع، لأهداف كثير على غرار العبرة، وتقديم المعلومة الصحيحة للجمهور المستمع، فالسنة الفارطة قدمت فكرة برنامج» تحيا بكم«والذي عرض ضمن برامج رمضان 2013 ، يحتوى على 31 حلقة، الى جانب 30 حلقة أخرى تكملة للبرنامج عُرض شهر نوفمبر الفارط، والهدف من البرنامج إحياء الأغنية الجزائرية، والذي قدم بطريقة تمثيلية ومسرحية، يهدف إلى تقديم معلومات للمستمع وتزويده بمعارف لابد من معرفتها بطريقة صحيحة، بالرغم من إنتشار أغاني كثيرة ومشهورة على المستوى العالمي والوطني الا أن الكثيرين يجهلون مؤديها الأصلي أو الملحن و كاتبها، وعلى سبيل المثال أغنية : » مهدروش باطل أعليك الناس« التي نالت شهرة كبيرة جدا ولكن معظم الناس لا يعرف أصلها ومن تغنى بها ولمن كتبت ، فالتاريخ الفنى يؤكد أن الفنان محمد لحبيب حشلاف هو الذي أبدع فيها، فيما لحن كلماتها محمد مختاري، وهو على قيد الحياة وأنا اغتنم فرصة وجوده ليزودنى بمعلومات ثرية، لأنه من الضروري جدا ترسيخ المعلومة، كما يجهل البعض أن الأغنية قدمت للفنانة نادية كرباش وهي زوجة الموسيقار الكبير السوري تيسير عقلة، الذي مكث في الجزائر منذ سنين عديدة ثم هاجر بعد ذلك . بحكم تجربتكم ما الهدف من تقديم البرنامج والإستمرار فيه؟ يهدف البرنامج إلى احياء الثقافة الجزائرية من خلال هذه الأسماء التي تناساها البعض لأسباب كثيرة تكريما لهم، وعرفانا لما قدموه للساحة الوطنية فمثلا أغنية »بهجة مدينة الجزائر ..يا الشايعة على البلدان « والتي أدتها الفنانة مريم عابد عام 1960«،حيث تألقت المطربة في آدائها كما تغنى بها كبار الفنانين بعد ذلك، فلا أخفيك أن الأمر الذي جعلنى ألح على أن أقدم أكثر في هذا الميدان بكل حب واصرار أن أحيى وأعيد استحضار ذكريات الجمهور للفن الجميل فبالرغم من وجود كتب في هذا الفن ولكن العمل الاذاعي يختلف بشكل كبير جدا. بالنسبة إلي الاذاعة الأقرب والأسهل لإيصال المعلومة لترسيخها لجميع الأعمار .أما البرنامج الذي عرض خلال شهر نوفمبر الفارط، فخصص للأغاني الثورية وهذه الأغاني لها تاريخ كبير وثري.على سبيل المثال نشيد » قسما «فمر على بعض التلحينات قبل أن يستقر على اللحن المعروف فأول من لحنه محمد التوري الذي اعطاه نكهة عاطفية نوعا ما ثم لُحن من طرف الفنان التونسي محمد تريكي وهو بدوره لم يقدم الجديد فيه إذ بقي على الشكل العاطفي الى أن وصلت للفنان المصري محمد فوزي الذي استقر عليه الآن حيث تميز هذا الموسيقار بأعماله الفكاهية المتعلقة بالأطفال ومن الصدفة ان جاء النص له، حيث كانت اذاعة مصر يتداول عليها فنانوها وبالتالي من حظ القصيدة ان وصلت لهذا الشخص وعٌرف عنه تلحينه لأغنية »ماما زمنها قيا«، ولم تكن الانظار عليه لعمله الفكاهي ولكنه وُفق في ذلك، وبعد الاستقلال قام الموسيقار هارون الرشيد 1965 اضافة للتلحين شكل مميز وهو ما يعرف عنه النشيد اليوم من همة وقوة من خلال تلك الطبول. وأؤكد أن مثل هذه التواريخ تستهلك بطريقة سريعة وأسهل من خلال الاذاعة فالماكثة بالبيت تجد متنفسا للاستمتاع والاستفادة، وغيرها من الفئات العمرية. وماذا عن الأعمال الدرامية ؟ قدمت أعمالا درامية من أجل أن ألبي رغبات الجمهور لأننا نعمل لإرضائهم، ولتقديم أعمالا مختلفة من الحين للآخر يطبعها التميز. عرفني المستمع على أثير الإذاعة الوطنية خلال مسرحيات اجتماعية على غرار عمل »قضاء وقدر« الذي تناول قصص واقعية لأناس يعيشون معنا في هذا المجتمع، سلط المسلسل الضوء على موضوع المعوق في بلادنا والمعوقات التي تواجهه. العمل بُرمج خلال الفترة الممتدة من الثامن الى غاية ال 14 مارس من هذه السنة، واخترت للموسيقى تلحينا مختلفا وجديدا، إذ افضل تقديم وتأليف ألحان جديدة تتناسب والموضوع كما تعاملت في العمل مع الفنان الطيب دريفول. الكتابة الإبداعية هل تتوافق والشروط الكتابة الادبية؟ العمل الإذاعي يعتمد على الحوار والموسيقي التي تقدم الخيال وتجسد الهدف المرجو عن طريق وصف متميز وجاد فالصورة غائبة وبالتالي الصوت الذي يظهر من خلال الميكرفون يعتبر الأساس لإيصال الرسالة وللفت الانتباه من خلال التأثير على المستمع الذي تغيب عنه الصورة والحركات والمكان. فكتبت عن الدنيا وأحوالها، مسراتها وأحزانها، سكونها وأهوالها، وأخرجت مسرحية »آه يا الدنيا«، وهي مسرحية من 5 فصول شارك في تجسيدها نخبة من الفنانين الجزائريين التابعين للفرقة الإذاعية، منهم: ابراهيم رزوق، فريدة كريم، ليندة ياسمين، ظريفة، مراد زيروني وجمال فراحي، وفي الهندسة الصوتية سهيلة سلمان، أما لحن الجنيريك فهو لفتح الدين محالة، والأغنية من أداء سماح عقلة، العمل من تأليفي وإخراجي وإنتاج الإذاعة الوطنية 2013 ... هل من السهل الخوض في هذه التجربة ؟ بطبيعة الحال، صعب الدخول في هذا المجال ، ولكن الحمد لله كان لي حظ كبير للعمل مع كبار الممثلين والفنانين الذين سطع نجمهم على اثير الاذاعة الوطنية على غرار : السيدة زهرة حليت،أرزقي نابتي ،محمد ونيش،محمد النها،محمد كشرود، سعيد زعنون، محمد حلمي ، وغيرهم لأن القائمة تزخر بأعمال هؤلاء. وأنا محظوظة كوني ولجت المعهد البلدي للموسيقى في السادسة من عمري ثم التحقت بجمعية »الفخارجية« وأنا في عمري 12سنة وسط أساتذة كبار لقنوني أصول الفن الأصيل، منهم الأستاذ نور الدين ساعودي والأستاذ أرزقي حربيت. كيف تسعى الكاتبة لإرضاء جمهورها الاذاعي؟ أحاول باستمرار تقديم الأحسن والأفضل من خلال تقديم المعلومة الصحيحة للاستفادة والافادة . أعماك تعتمد على التاريخ ، أليس صعب الوقوف عند تاريخ وبداية أغنية معينة ؟ بالفعل، الأمر الأصعب هو المعلومات التي أبحث عنها لأنه من الجرم الخطئ في مثل هذه الجوانب لأننا امام جمهور عريض يستهلك كل ما نقدمه له بطريقة سريعة ومباشرة، فأي تاريخ ومعلومة ترسخ بالذهن لا بد ان تكون صحيحة وهذا ما أعمل واحرص عليه،ولكن في بعض الاحيان يصعب الوصول للمعلومة الا من خلال الغربلة ، سيما واننا نفتقد للأرشيف لأن الزخم الثقافي والفني ببلادنا ضخم جدا وبالتالي نجد غياب للأرشيف المتعلق بالأغنية مثلا وبأصلها وبداياتها ،لذلك أبذُل جهد كبير حيث احتك بكبار الفنانين ليزودونى بالمعلومات وأذكر على سبيل المثال الفنان رحمة بوعلام المعروف بأغنيته »ادعيلي بالخير يالميمة «، الى جانب الفنان مصطفى سحنون والقائمة كبيرة ، فالعمل الاذاعي مهم، وفي نفس الوقت لابد من بذل جهد كبير ومتعب في نفس الوقت. الملاحظ لأهمية أعمالكم أنها لقيت اهتمام كبير من طرف المستمعين الى جانب انها عرضت في اذاعات عالمية، وهذه مسؤولية كبيرة ؟ أعمل على إرضاء الجمهور لا غير، اقدم له معلومة دون خيانة وانما بوفاء لأننى جزائرية قبل كل شيئ، كما أحاول استرجاع واستحضار معلومات هامة ، وهذا ما يحفزنى للعمل اكثر وبالتالي الشخص الذي يعمل بمهنية يكون سعيدا بعرض أعماله بإذاعات مستقرة بفرنسا و لكن تبث باللغة العربية،وهي إذاعات خاصة بالجالية الجزائرية بفرنسا، إلى جانب القنوات الجهوية الجزائرية. إذن، ما جديد الكاتبة صوفطة؟ سعيدة للغاية أن برنامج »تحيا بكم « سيتواصل للجمهور حيث نحضر 30 حلقة لرمضان ,2014 باللغة العربية والامازيغية لنحيى نجوم كانوا وراء الاغنية الجزائرية ، وهذا لتقديمها في صورة جميلة للأجيال الجديدة ، فعلى سبيل المثال أغنية »بختة« تغنت لأول مرة من طرف الفنان أحمد صابر الذي توفي ,1971 كتب كلماتها عبد القادر الخالدي ، وبعد ذلك غناها أحمد وهبي ، ثم الفنان خالد الذي اشتر بها وهذا الأخير قدمها بشكل مختلف لأنْ وصلت العالمية. وأذكر على سبيل المثال كذلك أغنية »تعالي يا غزالي« التي اشتهرت ببلادنا وقام بإعادتها عدد كبير من نجومنا ولكن هناك من يجهل ان تلحينها كان من طرف الملحن و الفنان الفكاهي محمد الكمال. وبالتالي البرنامج هو عبارة عن سلسلة تكملة للسنة الماضية يتجسد من خلال عمل تمثيلي حول الأغنية التراثية الجزائرية، مضمون وهدف الحلقات هو تصحيح معلومة فنية هامة تخص أصحاب الأغاني الأصيلة الناجحة، على سبيل الذكر، العام الفارط سلطنا الضوء على أغنية »كيف رايي همّلني« للمطربة سلوى التي تنسب اليوم جهلا لغيرها، و أغنية »فات اللي فات« للأستاذ أحمد وهبي، » جيناكم زيار« لمريم وفى ، أغنية »البارح« للمرحوم الهاشمي قروابي وأغنية »راح الغالي راح« للحاج بوجمعة العنقيس، والقائمة طويلة. كما نحضر لبرنامج آخر تحت عنوان »ضحكة عسلية« من 30 حلقة يتناول نجوم الساحة الفكاهية في بلادنا واعمالهم الخالدة على غرار رشيد قسنطينى رويشد، سيدعلي فرنندال، محي الدين بن طير،محمد التوري،محمد الكمال، تكريما لعطاءاتهم. إذن الأرشيف صعب البحث عنه؟ كما سبق وذكرت، سالفا، ارشيف الكتابة صعب لأن هناك كتب في هذا المجال اخطئت ولم تسلط الضوء بشكل كبير ولكن الالهام يلعب دور كبير ومسؤولية كبيرة فلابد ان نبحث عن اصدقاء ومقربين من نجومنا مثلا »الف مبروك يا ولدي الف مبروك« لحنها اللبناني محمد سلمان، الذي كانت له علاقة مع الفنان محمد راشدي والذي قدمها له حين انتقل لمصر، والأغنية أخذت صدى كبير ليلتف حول راشدي ملحنون جزائريون على غرار شريف قرطبي الذي لحن له أغنية »يالخاتم نشريك«. ماذا قدمت الاذاعة لك كإمرأة ؟ الإذاعة فتحت لي الأبواب فالمسرحية الأولى التي كتبتها مثل فيها كل من محمد كشرود، زهرة حليد، محمد النيها، عام ,1992 وهذا مكسب لي لأن نجوم المسرح الاذاعي جسدوا اعمالي، أنذاك كنت أشتغل » مهندس صوت « وبالرغم من موهبتى الا أنني ابتعدت عن الكتابة والاخراج، حيث اعمالي يخرجها شخص غيري، ومؤخرا الاذاعة الوطنية فتحت لي المجال من بابها الواسع ككاتبة نص ومخرجة له، وأعتبر هذه المسؤولية التي قدمها لي مسؤولي الإذاعة الوطنية الذين منحوني الفرصة، وهم مشكورين على ثقتهم، وآمل أن أقدم ما يتناسب والمستمعين قبل كل شيئ.