قضية غزة يمكن أن تكون نتيجة الصراعات العربية العربية، الاسلامية الاسلامية، والفلسطينية الفلسطينية، وهي ، من منظوري، لم تعد حدثا، بقدر ما غدت عادة متواترة يمكن أن تحصل في أي وقت بالنظر إلى هشاشة الأنظمة وانسحابها. كما أتصور أنها ذات علاقة وطيدة بالسياسة الدولية التي تحتاج إلى أخلاق، بما في ذلك الهيئات والمنظمات المختلفة التي ترفع شعار الديموقراطية والعدالة. أمَا المثقف، بصرف النظر عن هذا المفهوم الغامض، فلا يمكن أن يكون ذا تأثير كبير بحكم المتغيرات العالمية وانحسار دور المثقف العضوي. لقد انتهى زمان ماياكوفسكي وسارتر وغانتر غراس وأولئك الذين كانوا يعتبرون الثقافة وسيلة لمقاومة الشر. المثقف الحالي منسحب من الفعل، وقد يكتب قصيدة أو نصا أو يقوم بالتنديد بالمظالم والحكومات، لا غير. سكان غزة ليسوا بحاجة إلى وعي وثقافة، إنهم بحاجة إلى مواقف، وإلى أسلحة ليست من الحبر والاجتماعات والأقوال والنظريات. لكن ذلك مرهون بالقوى الكبرى التي تسيطر على الأنظمة العربية قاطبة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. المؤكد أن للمثقف دورا، لكنه ضئيل جدا مقارنة بمواقف المثقفين المنتمين للدول العظمى التي تحسب لهم بعض الحساب. الشيء الذي لا ينطبق على المثقف العربي الذي لا وزن له في مجتمعات لها مرجعيات أخرى، ككرة القدم والطبل والشعوذة. لذلك لن يكون لهذا المثقف أي شأن، خاصة إذا عرفنا أن الأنظمة الحاكمة تعتبر الثقافة مشكلة، كما تعتبر المثقفين مناوئين لها ودراويش وجب استعمالهم عند الضرورة لقضاء مصالحها، وهو ما يحصل عندما تريد امتصاص الأفكار التنويرية القادرة على التأثير وصناعة مجتمعات تشعر بالمسؤولية تجاه حركية التاريخ.