بقلوب خاشعة وعبرات لم تكد تفارق العيون، عزيمة وإصرار ورغبة ملحة نابعة من الصميم، مئات الحجاج كانوا في الموعد بمطار هواري بومدين في رحلة العمر كما يسميها الكثيرون، هي »سفر الغفران«، في ضيافة الرحمن، وما أعظمها من ضيافة، بين شباب وشيوخ، تباينت أعمارهم وتوحدت قلوبهم لزيارة بيت الله وأداء الركن الخامس من أركان الدين الإسلامي الحنيف...مهما كانت الصعاب والعقبات، كلهم عزيمة وإصرار من أجل مهمة شبيهة بالمستحيلة، ليس إلا من أجل نيل رضا الرحمن. كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف زوالا، عندما بدأت الوفود المتجهة إلى البقاع المقدسة تتهافت على مطار هواري بومدين بالنهائي رقم 3 الذي تعود الحجاج الانطلاق منه نحو المملكة العربية السعودية، الجميع كان يودع أقاربه وهو يتأهب لرحلة العمر، وسرعان ما تسارعت الأحداث، فإذا بالحاج يجد نفسه في مرحلة الركوب للصعود على متن الطائرة، وبالنسبة لرحلة الأمس فكانت مميزة بالنظر إلى كونها الأولى على مستوى مطار العاصمة، والثانية مقارنة برحلة وهران، حيث حضرها وزير الشؤون الدينية والأوقاف، مرفوقا بوزير النقل ومسؤولين سامين، وعلى وقع النشيد الوطني الذي عزفته الفرقة النحاسية للحماية المدنية تم الترحيب بضيوف الرحمن وإعطاء إشارة الانطلاق لهذه الرحلة التي ستكون متبوعة برحلات أخرى حتى نهاية الشهر الجاري. بوبكر بن شعاع، حاج من ولاية الجلفة ويبلغ من العمر 61 سنة، أكد أن هذا اليوم هو أحسن يوم بالنسبة لهن الحمد لله والشكر لله، هذه أول حجة حصلت عليها بعد أن جربت القرعة 12 مرة، الاستقبال جيد ولست متخوفا من أي شيء ولا حتى من فيروس كورونا فالأعمار بيد الله...بدوره الحاج عكازي بوديبة من نفس الولاية ويبلغ من العمر 73 سنة، جرب حظه في القرعة 18 مرة وها هي ليلة القدر تنفتح أمامه ليزور الكعبة أخيرا ولم يملك إلا أن يقول هو أحسن يوم في حياتي. من جهته الحاج طهراوي تامر، قال إنها الحجة الثانية وهذا من فضل الله، الفرصة كذلك للشباب، فها هو جمال البالغ من العمر 38 سنة يحج للمرة الرابعة وأحمد صاحب ال 29 ربيع يحج لأول مرة وكله تفاؤل، حيث يرى هذين الشابين أن صغر السن يلعب دورا كبيرا لمساعدة الحاج على أداء المناسك، فيما يبقى الشاب عونا للحاج المسن بالبقاع المقدسة. حكيمة البالغة من العمر 50 سنة، تحج للمرة الثالثة ولكن هذه المرة نية الحج لوالدتها المتوفية، حكيمة كلها أمل وفرح واستعداد للدعاء من أجل الجزائر. وعن الجانب الصحي، أوضح مسؤول طبي، أن عملية التكفل الطبي تتم بطريقة جيدة، حيث أن هنالك مراكز بكل من المدينة، جدة ومكة، إضافة إلى وحدات تضم عدد من الفنادق، فيما نفى أي خطر جراء فيروس كورونا. لحظات الانتظار لم تكن دون فائدة، حيث كان الإمام متواجدا هناك ليشرح لضيوف الرحمن آداب الحج وواجباته، أين حثهم على ضرورة الصبر وسعة الصدر والتزام الجماعة وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل. الرحلة كانت مبرمجة على الساعة الرابعة و40 دقيقة والعدد لم يكن كبيرا لأن أغلبية الحجاج لم يحصلوا بعد على جوازات السفر البيومترية، ويبقى انه مهما كانت مشقة الحج ومتاعبه، إلا أن تلك النفوس الطاهرة كانت على أهبة الاستعداد لتخوض سفر الغفران وأداء هذا الواجب الديني الذي تهفو إليه قلوب الملايين من المسلمين عبر العالم.