صار العنف في الشارع الجزائري يشكّل مادة حديثنا اليومي وفاكهته أيضا.. صرنا نتبارى لعرض آخر أخبار العنف والشجارات وكشف أعرب أشكال الضرب باللكمات والسيوف والخناجر.. نفعل ذلك وأكثر ونتبادل آيات الاستغراب والأسف لضعف تدخل رجال الأمن هنا وهناك في الأحياء السكنية والأسواق ومحطات الحافلات.. وتعاظم شأن العنف إلى أن تحول إلى عصابات وجماعات وعصابات شبانية تفرض قانونها الخاص وتأخذ حقها بطريقتها.. لم نفعل شيئا أمام ذلك..ولا يبدو بأن الحكومة تهتم لظاهرة العنف وتصاعده..بينما يكتفي الناس بترديد الأحاديث بإفلاس كبير.. واللافت أن العنف أضحى يحتل الواجهة الأولى للجرائد اليومية في الجزائر. صار له أتباع وقرّاء وأنصار يتسابقون لشراء الصحف وإشباع فضولهم والتعليق على تلك الأخبار الدموية.. و أمست الصحف تتسابق للإثارة الفجّة والسطحية من أجل شعار أخرق فحواه: لازم تبيع بأي طريقة..! استبيح كل شيء وأضحى القارئ يفتح عيونه كل صباح على الدم والخناجر والسيوف والذبح والاغتصاب..جرائم هنا وأخرى هناك وامتد العنف إلى ذوي القربى والجار الجُنب وحتى إلى الأولياء.. اكتشف المجتمع متأخرا طاقة جبلية من العنف تختزنها الصدور ويكاد شررها يشعل الحرائق في كل مكان بين الأولاد وحتى بين العائلات.. وتعودت مصالح الأمن على هذا النوع من العنف ولم تعد تتدخل إلاّ عندما يبلغ الدم الرُكب.. لقد خبر الناس أنواعا شتى من العنف والجريمة وبحّ صوت المستنكرين ولم يعد من تأثير للمسجد أو الشرطي أو الشيخ الكبير.. من أين يأتي الجزائريون بهذا الكم الهائل من العنف؟ سؤال لم تطرحه الجامعة ولم يجب عنه باحث، ولم تكترث أبدا الحكومة له ولا شغلها يوما.. العنف إفراز المرحلة..!