تطرّق الضّابط أحمد بنّاي، في شهادته التّاريخية إلى ما وصفها ب»جرائم حرب« ارتكبها »الكابتن صماري« في حقّ سجناء معتقل »موران«، وبالتّفصيل تحدّث عن »حياة جهنّمية« عاشها بمعيّة رفقائه في زنزانات المعتقل الشّبيهة ب »قبر حقيقي«، وعن منكرات وإنكار لجميع حقوق الانسان عاشها الأسرى داخل ذات المعتقل. حكايات تضاف إلى سابقاتها رواها المجاهد أحمد بنّاي، ضابط قديم لجيش التّحرير الوطني، ألقى عليه العدوّ القبض في معركة في المنطقة الرّابعة وعرف أبشع المعاملة المخصّصة لأسرى الحرب في السّجون والمعتقلات المختلفة، عن معتقل كاموران أدلى في شهادته أنّه حوّل اليه سنة 1960 »هو مكان مشؤوم من ناحية وضعيته الجغرافية وشهرته كموقع التّعذيب في حقّ اسرى الحرب«. أحمد بنّاي تحدّث عن سياسة التخويف التي استقبلهم بها الكابتن صماري، وكيف وضعهم داخل زنزانة لأكثر من ثمانية أشهر كاملة، وكيف اختطف رفيقهم الشهيد »مصطفى خالف« ليلا من الزنزانة وقتل خارجه لأنّه ندّد بمخالفة العدوّ لاتفاقيات جنيف في حقّهم، هي جرائم حرب وغيرها كثير يتحمّلها الكابتن صماري، يقول بنّاي، الذي تعرّض للّطم على يد الكابتن لكونه كان صديقا للشّهيد. هي منكرات وإنكار لجميع حقوق الانسان عاشها الأسرى داخل المعتقل حسب شهادة المجاهد بنّاي، بل »حياة جهنّمية عشناها في زنزاناته، إذا خرجنا للمراحيض كان ذلك تحت الشّتم والضّرب والإهانة، وكانت الوجبة اليومية مقلّلة.. وكانت قاعات الزنزانات باردة في الشتاء وحارّة في الصّيف، ليس لنا طرحة ولا غطاء بل ننام على الإسمنت، وكان المكان لا يسع إلا مترين ويشبه قبرا حقيقيا«. في سياق شهادته كشف المجاهد بنّاي تعرّضهم للعقاب في حال اطلاقهم الحجارة التي كانوا يجبرون على حملها بينما كان يفوق وزنها 10 كغ، فضلا عن تعرّضهم للضّرب بالبنادق والركلات والسّوط وإجبارهم على القيام بحركات مضخيّة رغم عجزهم بسبب جروحهم، ورغم كلّ ذلك »فإنّنا استمسكنا بمعنويات عالية وازداد السّجناء المستضعفين شجاعة عند مشاهدتهم مقاومة إخوتهم المعذّبين«. وبخصوص أشدّ فترة عاشها بمعتقل كاموران أكّد المجاهد أنّها تلك الللّيلة التي عذّب فيها العساكر كلّ المعطوبين بدون شفقة ردّا على هروب أحدهم من ورشة العمل، فكان صراخهم يصعد إلى السّماء طيلة اللّيل، ويوم أطلق العدوّ كلبا وراءه لتخويفه فكان يجري مهرولا نحو غرفته بينما أخذ العساكر يضحكون، ليضيف أنّ »عساكر العدوّ كانوا يحقدون على المثقّفين منّا ويحبّون التخلّص منهم لإشباع غرائزهم الشّيطانية«. إنّ جرائم الحرب التي ارتكبها القائد »صماري« بالمعتقل »الملعون« عديدة، بحسب شهادة المجاهد بنّاي، حيث اغتيل عدد مدهش من السّجناء في المعتقل بطرق شتّى وخاصّة بتلك الطريقة المشهورة عند الجيش الفرنسي حين يخيّل للأسير بأنّه حرّ ويدعى للفرار ثمّ يرمى بالرّصاص في الظّهر، ومنهم من قتل تعسّفيا في ظروف غامضة ومنهم من قتل بمجرّد وصولهم إلى المعتقل دون أن يتعرّف عليهم أحد.