إن الكلام على الكلام صعب كما قال أبو حيان التوحيدي لأنه يدور على نفسه، ويلتبس بعضُه ببعضه، ولذا شقّ النحو وما أشبه النحو من المنطق، وكذلك النثر والشعر.. كثيرة هي النصوص التي جادت بها قرائح الشعراء ورشحت بها أقلام المبدعين والمفكرين.. نصوص تحبل بالقيم الإنسانية تخاطب الوجدان وتحفل به حيث تعبر الحدود ولا يؤدلجها زمن أو مصلحة أو موالاة.. نصوص خلّدها التاريخ على مرّ العصور والأزمنة تثير الشغف في النفوس والوله عند الإعجاب.. لا تزال تسمو بما تحمل من قيم تعبيرية وشعورية وفكرية مثلما تفعل نصوص محمود درويش وأمل دنقل و أدونيس وكاتب ياسين وغيرهم.. هي النصوص التي تقف أمامها طائعا مختارا..نصوص تنبعث من عفو البديهة حينا فتكون أصفى، حيث شبابيك الروح المفتوحة على ألم البوح بسرّ التاريخ الذي يعيد نفسه حينما لا يعود.. نصوص تنبعث عن رؤية حينا آخر فتكون أشفى حيث الإحالة على المنفى والسفر لعواصم تنكرت لثوبها ولغتها وانتمائها.. مثل هذه النصوص والكتابات تصعيد لنا جميعا حتى نعترف بمأساة الكلمة في هذا الوطن العربي المقموع بأنظمة قُطرية تتنكر للإنسان والشعر والذكرى.. وكما قالت سنيه صالح إنه بقدر ما تكون الكلمة في الحلم طريقا إلى الحرية تكون في الواقع طريقا إلى السجن! الاختيار بيّن، بين طريق الكلمة الحرّة والكلمة المائعة البائدة..