زار الجزائر، مؤخرا، في إطار فعاليات عكاظية الجزائر للشعر العربي، رفقة كثير من الشعراء العرب الذين عادوا بانطباعات متفاوتة عن الشعر والشعراء في الجزائر.. الشاعر السوري الشاب حسن البعيثي، الذي ألبسه برنامج أمير الشعراء لقناة أبوظبي الفضائية مؤخرا؛ بردة الشعر لسنة 2010، هو أيضا لديه انطباعاته ورؤاه، نكتشف بعضا منها في هذه الجلسة المقتضبة يؤسفني أن أبحث في مكتبة سورية أو عربية على ديوان شعري جزائري واحد فلا أجده في زيارته الأولى إلى الجزائر، كيف وجد الشاعر حسن بعيثي حال الشعر في الجزائر؟ كانت لي فرصة الإحتكاك ببعض الشعراء الجزائريين؛ خلال مشاركتي في عكاظية الشعر التي أشكر من خلال جريدتكم القائمين عليها، على الدعوة الكريمة التي سمحت لي بالتقرب أكثر من الشعب الجزائري في هذه الفترة بالذات. الجزائر تمتلك أصواتاً شعرية جميلة، خاصة بالنسبة للشباب الذين كانوا يتوافدون على المسرح الذي نتواجد به اليوم - قاعة الموڤار بالعاصمة-، وأرى أنّ تلك التجارب سيكون لها مستقبل واعد في عالم الشعر، وربما التربع على عرشه في السنوات القليلة القادمة. بعد مشاركتك الظافرة في مسابقة أمير الشعراء، كيف تقيم اليوم تجربتك الشعرية قبل وبعد هذه المسابقة؟ لا يمكنني أن أقيم تجربتي، بل سأترك التقييم للمتلقي من نقاد، وقراء. لكن يمكنني أنّ أوضح أنّ المسؤولية الملقاة على عاتقي بعد حصولي على بردة الشعر، أصبحت تفرض عليَّ أنّ أكتب بوعي ونضج أكثر، ويجب أنّ تتخطى النصوص الشعرية التي أكتبها الذاتية، لتشمل القضايا المحيط بي وبمجتمعي الذي أعيش فيه. كيف وجدت "عكاظية الشعر العربي"، بالجزائر؟ لقد كان الملتقى هذا، مميزاً، وسيظل مميزاً في اعتقادي دورة بعد أخرى، خاصة أنّ هذه العكاظية جاءت متنوعة، حيث كانت هناك، كما تابعت معنا، لقاءات شعرية داخل المسرح بالعاصمة، وخارجها، أين كان لنا لقاءات مع عدد كبير من الشباب الجزائريين المتذوقين للإبداع والكلمة الشعرية، بالإضافة إلى الموسيقى والمحاضرات القيمة التي تناوب على إلقائها خيرة الكتاب والباحثين العرب. ويحسب لكم في الجزائر أنكم تولون اهتماما كبيراً للثقافة، خاصة أنّ الكثير من المثقفين الجزائريين الذين كان لي شرف الحديث معهم، أكدوا لي أنّ النشاطات الثقافية بالجزائر تكاد تكون يومية وبأكثر من نشاط في اليوم الواحد، وهذا شيء جميل. أعتقد أنه من الجيد أن يكون للمبدع مؤسسات ثقافية بحجم وزارة الثقافة الجزائرية ومؤسسة الديوان الوطني للثقافة والإعلام ترعاه.. هذا شيء محفز على الإبداع ومواصلة فعل الإبداع. كما أني سمعت أنّ الدولة الجزائرية أصبحت، مؤخراً، تولي اهتماما كبيراً بالنشر مما سمح بميلاد عشرات دور النشر في السنوات الأخيرة، لذلك يمكنني أن أقول إن الإبداع في الجزائر سيكون بخير، ولا خوف على الجيل القادم من المبدعين الشباب. بالحديث عن جيل المبدعين الشباب، هل لك أن تطلع القارئ الجزائري عن الحركة الشعرية الشبابية بدولة سوريا الشقيقة، وهل هناك دعم من قبل المؤسسات الثقافية لهؤلاء المبدعين؟ هناك دعم، ولكنه يبقى غير كاف؛ خاصة إذا اعتبرنا بأنّ هناك العديد من التجارب الشعرية الشابة التي تحتاج وهي في بداية مشوارها الإبداعي لبعض الاهتمام. طيب؛ وعلى مستوى الشعراء الكبار هل يجد المبدعون الشباب الدعم المعنوي الكافي لمواصلة فعل الكتابة؟ هناك بالتأكيد تقارب تتلاقح بين الجيل السابق والجيل الحالي والقادم، ولكن لازالت العلاقة بين مختلف الأجيال بعيدة أو بمعنى أصح توجد هناك فجوة بين جيل وآخر لأن لكل جيل رؤيته الخاصة في الكتابة الشعرية. ونحن نعلم أنّ أغلب الجيل الحالي من الشعراء أصبحوا يصرون على كتابة القصيدة النثرية، فيم لازالت تلقى عدم الترحيب والتجاوب عند الشعراء الكلاسيكيين، لكن على العموم الشعراء الرواد في سوريا والوطن العربي ككل لازالوا يسمحون باحتكاك الجيل الجديد من الشعراء المبدعين بهم، خاصة أنّ أغلب شعراء الجيل الحالي كانوا في الأساس متأثرون بهؤلاء الشعراء الرواد. وأنت بمن كنت متأثراً في بداياتك مع عالم الكتابة الإبداعية؟ لا يمكنني أن أسرد عليك في هذا المقام قائمة الشعراء الذين تأثرت بهم في مسيرتي الإبداعية لأنهم كثر، فأنا تقريبا تأثرت بكل شعراء العصر الجاهلي، والعصور التي جاءت بعده، وأحفظ نصوص الكثيرين عن ظهر قلب أيضاً، لكني ككل شعراء الجيل الحالي، قرأت وتأثرت بأشعار الراحل محمود درويش، ونزار قباني، وغيرهم من المبدعين العرب. هل قرأت لشعراء جزائريين؟ للأسف الشديد لم تتح لي فرصة من قبل، لكني سأحاول في المستقبل القريب الاطلاع على عدد من التجارب الشعرية الجميلة التي تعرفت عليها في هذا المقام اليوم. ما السبب وراء عدم اطلاعك على تلك التجارب الشعرية الجزائرية من قبل؟ يؤسفني أن أبحث في مكتبة سورية أو عربية على ديوان شعري جزائري واحد فلا أجد، وكأن بهذه الأرض لم تنجب ولا شاعراً !، مع أنني تعرفت في هذه المناسبة على ما لا يقل عن 50 شاعر . أين المشكلة إذاً في نظرك؟ أعتقد أنّ الإعلام في الجزائر لم يساعد على نشر نتاج هؤلاء الشعراء في الوطن العربي، كما أنّ الاحتفاء بهم يكاد يكون على رؤوس الأصابع، كما قال لي أحدهم. بالإضافة إلى الشاعر نفسه، هو لا يعمل على إيصال إبداعات في المنابر الشعرية العربية، ومع ذلك أرى أنّ الفترة القادمة ستكون أكثر انفتاحا وتطلعا نحو احتلال الريادة العربية في مجال الكتابة الشعرية، خاصة إذا ما نظرنا إلى المستوى الجيد الذي يقدمه الشعراء في بعض المسابقات العربية التي تعنى بالشعر، على غرار مسابقة أمير الشعراء، أين أظهر شعراؤكم إمكانات جميلة. ما جديدك في عالم الكتابة الإبداعية؟ ستصدر لي عما قريب مجموعة شعرية ستكون موسومة ب"كل ما كذب السراب"، لتضاف إلى مجموعتي الأولى"قطرات"، وآمل أنّ يتمكن المثقفون الجزائريون من الإطلاع عليها حين تصدر.