المواطنون في جنوب البلاد يحتجون ضد استغلال الغاز الصخري، قد يكون هذا الأمر مفاجئا للسلطات التي لم تستشر أحدا عندما قررت أن تعقد اتفاقا مع الفرنسيين لاستكشاف واستغلال مصدر الطاقة هذا، والذي تحرم فرنسا استغلاله، رغم حاجتها إلى مصدر بديل للطاقة عن النفط والغاز والطاقة النووية. الاحتجاجات التي شهدتها عين صالح أولا، وامتدت إلى مناطق أخرى، أسقطت صورا نمطية قديمة، أولها أن سكان الجنوب مهادنون، ويتميزون بالقناعة والرضا رغم شظف العيش، فالآن نكتشف أن هذه الصورة خاطئة تماما، وحتى الكثافة السكانية الضعيفة في هذه المناطق لن تمنع من تنظيم احتجاجات سلمية ضد نشاطات اقتصادية مضرة بالبيئة، ثم هناك الاعتقاد الخاطئ بأن قضايا البيئة لا تهم الجمهور الواسع، وهذه فكرة تتجاهل حقيقة التحولات التي شهدها المجتمع الجزائري، وقد أثبت المواطنون اليوم أنهم على اطلاع بما يجري حولهم، وأنهم يدركون حجم المخاطر التي يمثلها خيار استغلال الغاز الصخري. الرسالة التي يجب أن يدركها المسؤولون في هذه البلاد، أن السياسات الاقتصادية، خاصة ما تعلق باستغلال الثروات، والتصرف في حقوق الأجيال القادمة، لم تعد من اختصاص السلطة التنفيذية، إنها من المصالح الحيوية للشعب الجزائري وأجياله المتعاقبة، ومن غير المعقول أن يتم اتخاذ قرارات بهذه الحساسية دون الرجوع إلى الشعب، خاصة وأن فرنسا التي نالت امتياز استكشاف الغاز الصخري واستغلاله في الجزائر تمنع هذه النشاطات على أرضها. لقد اكتفت السلطات باستدعاء بعض الخبراء المعروفين بتبنيهم للسياسات الاقتصادية الرسمية لتبرير هذا الخيار، لكنها تجاهلت رأي أغلبية الخبراء في الداخل والخارج، والذي يشير إلى أن استغلال الغاز الصخري خيار خاطئ وخطير، بل إنها تمارس التعتيم على حقيقة الجدوى الاقتصادية لهذا الخيار الذي يواجه مزيدا من النقد في أمريكا الشمالية، وهي المنطقة الأكثر استغلالا له ، كما أن انخفاض أسعار النفط سيضرب هذا الخيار في مقتل بسبب ارتفاع كلفة انتاجه. تدمير البيئة، تحت أي مبرر، له كلفة اقتصادية مدمرة، والتصدي له واجب وطني.