خلّفت فكرة التنقيب واستغلال الغاز الصخري في الجزائر، لغطاً وجدلا واسعا وسط الخبراء الاقتصاديين وحتى السياسيين، بين من يرى فيها عملية غير مجدية الآن بحكم عدم امتلاكنا لزمام التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال والتي ستؤثر بدورها على البيئة بشكل كارثي، وبين الداعين إلى الشروع في استغلاله باعتبار أن عائداته ستشكل إمكانيات ضخمة على الاقتصاد الوطني بعيدا عن الغاز التقليدي. * سراي يحذر من «رقان» ثانية في الجزائر
حذر الخبير الدولي في الشؤون الاقتصادية عبد المالك سراي من تداعيات القيام بالتنقيب واستخراج «الغاز الصخري» في الصحراء الجزائرية، مؤكدا أنه سيؤدي إلى إحداث تلوث كبير على المستوى البيئي، كما ستكون عواقبه وخيمة على المياه الجوفية في الصحراء والمنطقة الغربية للجزائر، والتي تعتبر أكبر مخزون للمياه.
ودعا ذات المتحدث خلال اتصال ل«السياسي» وزارة الطاقة والسلطات الجزائرية وكل الفاعلين السياسيين على الساحة بما فيهم نواب البرلمان بغرفتيه وجمعيات المجتمع المدني، للوقوف ضد التنقيب عن هذا الغاز والتخلي عن هذه الفكرة التي ستحول الجزائر حسب قوله إلى «رقان ثانية» والتي راح ضحيتها مئات المواطنين على خلفية التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية قبل الاستقلال والتي لازالت أثارها باقية حتى اليوم تشوه آلاف المواليد الجدد في ذات المنطقة، وأضاف الخبير الاقتصادي أن السلطات الفرنسية تتفاوض مع الجزائر حول هذا الملف منذ مدة طويلة من أجل القيام بتجارب للتنقيب عن هذا الغاز «الخطير» على البيئة في الجزائر باعتبار أنها لا تمتلك التكنولوجيا الكافية لاستغلاله وبالتالي تريد فرنسا حسبه أن تجر الجزائر لتكون حقل تجارب لاستغلال هذه المادة التي لا يحتاجها الاقتصاد الوطني حاليا إلا بعد 50 أو60 سنة من الآن لأنها لا تمتلك التكنولوجيا الكافية لاستغلاله، مشيرا أن الفرنسيين أنفسهم لا يملكون هذه التكنولوجيا المتطورة جدا في عملية التنقيب والاستخراج للغاز الصخري.
* عائدات مالية ضخمة جدا على الاقتصاد والبيئة مهددة
وأوضح ذات المتحدث أن ما تملكه الجزائر من الغاز الطبيعي لم يستغل بعد سوى 15 بالمئة منه، وفي سياق ذو صلة أشار الخبير الدولي في الشؤون الاقتصادية ان العائدات المالية والاقتصادية على الجزائر من هذا الغاز ستكون جد كبيرة لكن ستؤثر على البيئة بشكل رهيب، حيث سيؤدي إلى اختلاط هذا الغاز بالماء والذي يؤدي بدوره إلى نهاية الحياة النباتية والحيوانية وانتشار أمراض قاتلة في الجزائر فضلا عن الآثار التي تتركها عملية الاستغلال من تحرك طبقات الصخر في الأماكن التي يتم فيها التنقيب أو الاستغلال، كما ستقضي هذه العملية حسبه على مخططات الزراعة والري التي باشرتها الدولة الجزائرية من أجل الإنتاج الفلاحي. وفي سياق ذي صلة أوضح سراي أن هناك دولتين فقط في العالم تمتلك التكنولوجيا في هذا المجال على غرار إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية مستبعدا أن تملك الدول الأوروبية بما فيها فرنسا هذه التكنولوجيا المتطورة جدا حاليا.
* خوخي يستبعد استغلال الجزائر للغاز الصخري قبل 20 سنة
ومن جهته لم يبدي الدكتور في الشؤون الاقتصادية، خوخي سفيان أستاذ في جامعة بومرداس تخوفه مثلما أبداه الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد المالك سراي، حيث دعا إلى التفكير الجدي من أجل استقدام التكنولوجيا الخاصة بهذا المورد الطبيعي الهام في الجزائر من خلال تكوين الإطارات وجلب تكنولوجيات متطورة جدا من اجل القيام بعملية الاستغلال لهذا المورد المستقبلي الهام في الاقتصاد الوطني حيث سيكون الطاقة البديلة للأجيال القادمة في الجزائر. وأوضح ذات المتحدث خلال اتصال ل«السياسي» أن الجزائر حاليا تسعى بكل ما تملك من قوة من اجل الحصول على التكنولوجيا الهامة لاستغلال هذا المورد الهام في المستقبل، مستبعدا أن تبدأ عمليات التنقيب واستغلال الغاز الصخري قبل 15 أو 20 سنة من الآن مشيرا في ذات الصدد من مخاطر استغلال مثل هذا الغاز حاليا لعدم امتلاكنا للتكنولوجيا الكافية لذلك. فالغاز الصخري أو الحجري أو حجر الاردواز، هو غاز طبيعي يتولد داخل صخور السجيل التي تحتوي على النفط بفعل الحرارة والضغط ويبقى محبوسا داخل تجويفات تلك الصخور الصلدة التي لا تسمح بنفاذه وتعتبر الولاياتالمتحدة الرائدة في المجال.