مضى الإضراب الأول لعمال وموظفي التربية الذي خاضته يومي 10 و 11 فيفري الجاري سبع نقابات عضوة في تكتل نقابي استُحدث مؤخرا، واليوم ها هو نفس القطاع يعيش اليوم الثاني من إضراب ثان خاضته وتخوضه نقابة »كناباست«، وهو خاص بأساتذة الأطوار التعليمية الثلاثة، ومع أن الجميع تأكد أن الجهود والمساعي التي بذلتها وزارة التربية لم تكن كافية لوقف هذا السياق الضار بتلاميذ القطاع، إلا أن الوزيرة بن غبريت، وبحُكم مسؤوليتها الضخمة في وقف هذا النزيف المتواصل قررت أن تجتمع من جديد بجميع النقابات يوم الأربعاء المقبل. قررت وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريت اللقاء بنقابات القطاع يوم الأربعاء القادم، والعودة من جديد إلى الحوار والنقاش حول رزنامة المطالب المرفوعة، التي كانت حالت دون تلبيتها والاستجابة لها عقبات عديدة، ومن بين أبرز هذه المطالب الاختلالات الواضحة التي اعترفت بها هي نفسها الواردة في بنود القانون الأساسي الخاص الصادر سنة 2008، والمُراجع في عُجالة وتسرّع سنة 2012، إلى جانب مخلفات الأثر المالي الرجعي للعمال والموظفين المدمجين. وحتى هذه اللحظة لسنا ندري إن كانت لدى السيدة الوزيرة إجابات حقيقية مقنعة للنقابات عن مطالبها المرفوعة، من باب أنها تكون قد سعت نحو الجهات الرسمية العليا، وتلقت هي بنفسها التفويض الكامل بالإجابات الشافية الكافية عن كل المطالب والانشغالات المطروحة، التي من شأنها أن تفتح الباب واسعا أمام حوار ونقاش وتفاوض حقيقي واسع على كل ما هو بينها وبين هذه النقابات المضربة، وسائر أسلاك القطاع المختلفة، التي هي جميعها تئن وبدرجات متفاوتة تحت الإجحاف والظلم الذي أصابها في التصنيف، وفي المنح، وفي الإدماج وحقوقه. وحتى وإن كان يفصلنا عن هذا اليوم )الأربعاء( يومان آخران ثابتان من الإضراب الجاري للأساتذة، إلا أن جميع الأولياء والتلاميذ، ولاسيما منهم تلاميذ امتحانات البكالوريا، وشهادتي التعليم المتوسط، ومرحلة التعليم لابتدائي، وجميع الخيّرين في هذا الوطن يأملون من أعماقهم أن تكون هذه المرة للوزيرة الإجابات الشافية، التي من شأنها أن تُعيد الطمأنينة للتلاميذ، وكامل عوامل الهدوء والاستقرار التام، والسير الطبيعي للقطاع، بعيدا عن هذه الاحتجاجات والإضرابات اللاّ مُنتهية، التي هي متواصلة بشكل مكثف مخيف وخطير على مدى ما يقارب اثنتي عشر سنة، وإن لم تكن لديها الإجابات الكافية الشافية فلتعلم السلطات العمومية المعنية الأخرى أنها شريك فعلي في هذا الوضع الذي إن لم يُتدارك اليوم فسيذهب لا محالة نحو التعقيد أكثر، ونحو التعفين. وفي هذه الحالة ستجد بن غبريت نفسها خاوية اليدين، ومجبرة على اتخاذ قرارات ضد قناعتها الشخصية، أبرزها وبشكل صارخ وجارح للوزيرة شخصيا ولكافة عمال القطاع أن تجد الوزيرة نفسها متجهة نحو الإجراءات العقابية المتعارف عليها على امتداد سائر الإضرابات السابقة، وتتثمثل في السعي نحو العدالة، بغرض »وقف الإضرابات فورا«، ووصفها »بعدم الشرعية«، و»تخويف القادة النقابيين«، مع ما يرافقها من خصم من الأجور، وتهديد بالفصل وما إلى ذلك، وهذه كلها لا يرى المتتبعون المختصون أنها ستفيد، بل ستزيد الوضع تعقيدا وتعفينا، وهو ما أثبتته التجارب السابقة، وفي هذه الحالة فإن السيدة الوزيرة ستجد نفسها مجبرة على التراجع عن قرار »إلغاء عتبة الدروس المشؤومة« لتلاميذ البكالوريا، وتلك ضربة لمصداقيتها ومصداقية وزارتها، التي هي من مصداقية الحكومة الجزائرية.