يبدو أن وزيرة التربية الوطنية قد نجحت إلى حد ما في تهدئة أوضاع قطاعها، حين أعلنت وبوضوح تام أول أمس في »فوروم الإذاعة الوطنية« عن جملة من التوضيحات والإجراءات التي كان الشك يحوم حولها، منها ما يتعلق بالامتحانات الثلاثة الرسمية، وفي مقدمتها امتحان البكالوريا، ومنها ما يتعلق بالتوظيف على أساس المسابقات المعتادة سنويا، وقد أكدت أن قطاعها استراتيجي، وغير معني بما جاء مؤخرا على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال. أوضحت بعض القيادات النقابية بالقطاع أن وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريت قد امتصت بطريقتها الخاصة شحنة من حالة التذمر وعدم الرضا التي يوجد عليها أساتذة وسائر عمال القطاع منذ سنوات، وأجابت في نفس الوقت عن جملة من التساؤلات والمحاذير والمخاوف التي عبرت عنها القيادات النقابية في القطاع، وقد احتلت مقدمتها قيادات المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع )كناباست(، وقيادات الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين )إينباف(، والنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني )سناباست(، ونقابة مجلس ثانويات الجزائر )كلا( ، وكانت هذه التساؤلات والمحاذير والمخاوف تركزت بالأساس حول موقف الوصاية، وباقي السلطات الأخرى المعنية من المطالب المهنية والاجتماعية المرفوعة، وبما فيها المخاوف المتعلقة بالتراجع عن الإجراءات التربوية التي تخص تلاميذ البكالوريا بشأن عدد الأسئلة، ومستواها، ونصف الساعة الإضافي، والعتبة، كما أنها تركزت وبالأساس حول التصريح الأخير الذي أدلى به الوزير الأول عبد المالك سلال وقال فيه: »إن التوظيف في الوظيفة العمومية سيِؤجل سنة 2015 في كل القطاعات، دون المساس بالمستوى المعيشي للمواطن«. وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت تمكنت من استجلاء بعض التضبيب والغموض الذي اكتنف هذا التصريح المقتضب، الذي تداولته الوسائل الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية، أين قالت وبوضوح تام أن مسابقة التوظيف التي كانت أعلنت عنها من قبل ستجري في وقتها المحدد شهر مارس القادم، ولن يكون هناك أي تأخير أو إلغاء، وما قالته عن هذه المسابقة يعني باقي المسابقات المستقبلية القادمة، لأن قطاع التربية وفق ما قالت هو قطاع استراتيجي، وتصريح الوزير الأول عبد المالك سلال يستثني القطاعات الاستراتيجية، وبذلك تكون الوزيرة بن غبريت قد وفّقت في تبديد نسبة كبيرة من المخاوف التي أعقبت هذا التصريح على مستوى أساتذة وعمال القطاع، وعلى مستوى طلبة التعليم العالي، والخرّيجين منهم، وفي مقدمتهم الموظفون غير المُرسّمين، العاملين تحت غطاء »ما قبل التشغيل«، والذين هم أصلا معنيون بامتحانات ومسابقات التوظيف في قطاع التربية الوطنية، وعلى مرّ السنوات امتص هذا القطاع أعدادا غفيرة منهم، من حملة شهادات الليسانس والماستر، وشهادة مهندس دولة. الأمر الثاني الذي يبدو أنه أزاح بعضا من العبء الذي تواصل لسنوات على هياكل ومؤسسات التربية الوطنية، أن بن غبريت تمكنت من امتصاص حدة الغضب والتذمر الذي واكب مجيئها على رأس القطاع، وواكب حُمّى المطالب التي أكدت بنفسها أن نسبة 95 بالمائة منها تمّ تحقيقها وتجسيدها على أرض الواقع، وقد كان آخرها المنحة التي استفاد منها موظفو المصالح الاقتصادية، والتي أُرفقت بعدد من إجراءات التهدئة لصالح هذه الفئة العمالية، التي شنت أطول إضراب في تاريخ القطاع بعد الإضراب الوطني الذي كانت خاضته نقابتا »كناباست« و»كلا« سنة 2003 ، وتواصل على امتداد أزيد من ثلاثة أشهر، وكان هو العامل الذي أرغم آنذاك الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد على إقرار »عتبة الشّؤم« ، ولم يكن مُخيرا في ذلك، بل كان مجبرا على اختصار المقررات، وقد تواصل أمر هذه » العتبة« إلى السنة الدراسية الماضية، وهذه السنة وزيرة التربية الجديدة عازمة على وضع حد لهذه العتبة، إلا أنها في نفس الوقت تحفظت بعض الشيء عند الحديث عنها في »الفوروم« السابق ذكره، ولمّحت إلى أن البثّ في هذا الأمر سابق لأوانه، ويتوقف على السلوك الذي تتبعه نقابات القطاع لاحقا، وأن الوزارة لم تتخذ قرارا نهائيا بشأن هذا الأمر حتى الآن.