مقرر من جديد أن تكون وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت قد التقت أمس مع نقابات القطاع، من أجل استكمال النقاش والحوار حول الكيفيات التي يتم بها تعويض الدروس الضائعة، وتجسيد المطالب المتفق بشأنها مع »كناباست«، ومع نقابات التكتل، ورصد كافة الترتيبات اللازمة لذلك، ويُرجّح أن تكون الوزيرة بن غبريت قد عادت وبإلحاح للحديث في هذا اللقاء عن إلزامية توقيع النقابات على »ميثاق الشرف«، الذي ترى في أن إصداره هو أكثر من ضروري لاستقرار القطاع، وحمايته من أية هزات مستقبلية، وهو ما ترى فيه النقابات أنه تعدّ على الحق في الإضراب، الذي هو حق دستوري مُكتسب. شرع صباح أمس الأساتذة المنضوون تحت نقابة »كناباست«، الذين شاركوا في الإضراب المُنتهي في تعويض أولى الدروس التي ضاعت من التلاميذ، وكان التركيز أساسا في هذا التعويض على تلاميذ الأقسام النهائية، الذين هم بصدد التحضير لامتحان شهادة البكالوريا، والذين أضرب أزيد من 75 بالمائة من أساتذتهم عبر كامل ربوع الوطن، وهذه النسبة هي تصحيح للنسبة التي قدرتها نقابة »كناباست« بما يساوي 80 بالمائة، ووزارة التربية بنسبة 25 بالمائة. وما بلغنا من معلومات عن اليوم الأول من التعويض، أن إقبال التلاميذ على المؤسسات التربوية كان محتشما، ولاسيما منهم تلاميذ البكالوريا، الذين يطالبون وبقوة بإقرار »العتبة« . وما لوحظ في اليوم الأول أن وزارة التربية ومديرياتها الولائية تركت حرية التصرف في عملية التعويض لمديري المؤسسات التربوية والأساتذة والتلاميذ، وكل مؤسسة تربوية لها مجمل الخيارات في تسيير أمورها وفق ما تراهُ مناسبا لها، ويضمن لها المردودية الإيجابية المطلوبة، وعملية التعويض الحالية ستتواصل لغاية نهاية الأسبوع الجاري، وعلى أن يرتاح التلاميذ في الأسبوع الثاني من العطلة، وسيستأنفون الدراسة التعويضية مع أساتذتهم أيام السبت والثلاثاء، أو متى توفرت قاعات التدريس بثانوياتهم. ويبدو أن هذه العملية التعويضية التي لم تُبرمج بشكل موحد من قبل الوزارة هي مُرشحة لأن تتخللها تهاونات كبيرة من قبل التلاميذ، كما هو من قبل الأساتذة، خصوصا إذا وضعنا في الحسبان قصر المدة المتبقية لامتحانات نهاية السنة، وامتحان البكالوريا على وجه الخصوص الذي لم يبق له سوى 76 يوما، فمهما كانت استعدادات الأساتذة للتعويض عبر هذه المدة القصيرة، فإنهم لا محالة سيصطدمون بعامل الوقت، الذي هو ليس في صالح التلاميذ، ومن غير الممكن إطلاقا أن يتمكن الأساتذة من تعويض كل الدروس الضائعة على امتداد كامل أيام الإضراب، وهي 31 يوما، هذا دون الحديث عن الدروس المتأخرة لتلاميذ غرداية وعين صالح، بسبب الأحداث التي عاشتها هاتين الولايتين، وكذا الولايات التي عطلت الثلوج تمدرسها لعدة أيام، وهذا كما لا تراه وزيرة التربية نورية بن غبريت، ولا تعترف به، وهي في تصريحاتها الأخيرة قدّرت عدد أيام الضائعة للتلاميذ بمجموع 10 أيام فقط لا غير، وقالت إن تأثير هذه الأيام ضعيف على المجرى العام للدروس المقررة، وأن التلاميذ درسوا ما نسبته من 70 إلى 75 بالمائة، وهي في كل هذا تبحث عن المخرج الذي يقيها شرّ التراجع عن »قرار إلغاء العتبة« المُتخذ قبل الأوان. وما يؤسف له هنا أنه حتى نقابة »كناباست« وباقي النقابات الأخرى غير معترضة وحتى هذه اللحظة على ما تقوله الوزيرة، رغم أن هذه النقابات جميعها تعلم علم اليقين أن الأرقام والنسب المقدمة هي أرقاما ونسبا مغلوطة ومفضوحة، وهو ما يُظهر حيزا معلوما من الصمت النقابي، الذي ليس له من تصنيف إلا في خانة التواطؤ، أو »الساكت عن الحق شيطان أخرس«. ولمّا كان الأمر على هذه الطريقة بالتهوين والتقليل من قبل الوزارة، كما هو من قبل ممثلي الأساتذة المُربّين، فمن يحرص على حق التلاميذ إذن، حقهم القانوني والدستوري والإنساني الذي يستحقونه، ما هكذا تُبنى المنظومات التربوية، وعلى مسؤوليها أن لا يستعرضوا أرقاما مغلوطة ومزيفة.
وما يُمكن التأكيد عليه أن الوزيرة بن غبريت مازالت تراهنُ وبقوة على ضرورة »أخلقة القطاع« على طريقتها الخاصة، التي تُجنّبُها »وجع الرأس« وفق ما يُقال، وقد ألحت على هذا في كامل تصريحاتها، وهي ترى أن لا بديل عن إصدار »ميثاق شرف«، يلتزم فيه الأستاذ ب »نسيان الإضراب الذي يضغط به على الوصاية والسلطات العمومية الأخرى، ويحقق له مطالبه المهنية والاجتماعية«. ولقد وضعت توقيع النقابات على هذا الميثاق كشرط لا بديل عنه لفتح النقاش من جديد حول عدة ملفات، ومنها ملف القانون الأساسي الخاص للقطاع، وهو ما قد تقابله النقابات بالرفض بالتأكيد.