تنفيذا لقرار المجلس الوطني لنقابة "كناباست"، يعتصم صباح اليوم أساتذة التعليم بأطواره الثلاثة أمام مديريات التربية الخمسين عبر الوطن، من أجل ممارسة مزيد من الضغط على وزارة التربية والسلطات العمومية المعنية الأخرى، والدفع بها إلى تلبية المطالب المرفوعة، التي قابلتها الوزيرة بن غبريت بإجراءات وصفتها النقابة ب "التعسفية والظالمة"، في الوقت الذي اعتقدت فيه الوزيرة بن غبريت أنها "هي الحل بعينه، وأنها السبيل المؤدي لإنهاء الأزمة، واستقرار القطاع". تبيّن من خلال كل ما أدلت به وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت في الندوة الصحفية، أنها غير مستعجلة من أمرها في البحث عن حل يُوقف الإضراب الجاري دون انقطاع منذ 16 فيفري الماضي، وحتى هذه اللحظة لم تكلف نفسها في تغيير سياستها المُتبعة إزاء الأساتذة المضربين، فعوض أن تسعى في اتجاه السلطات العليا، صوب من بيدهم قرارات الحل والربط ، هاهي تدور ومن حولها في حلقة مفرغة، ولم تُشعر أبدا تلاميذها وأولياءهم أنها تبحث فعلا عن الحل الذي يُمكّنهم من العودة الفورية إلى أقسامهم الدراسية التي غادروها رغما عنهم منذ 28 يوما بالتمام والكمال. بن غبريت لم تأت بالحل، ولا يبدو أنها قلقة على تأجيل الحل، وقد أكدت في ندوتها الصحفية من جديد أنها "لبّت كل مطالب كناباست"، ولم يبق لها مع هذه النقابة والأساتذة الذين هم تحت لوائها في الإضراب الجاري سوى أن تُشعرهم، ومعهم كافة التلاميذ وأوليائهم، أن لها إجراءات جديدة أقرتها، تتمثل أولا في »إعطاء استقلالية أكبر للفرق البيداغوجية في المؤسسة التربوية "من أجل ما أسمته ب "تنظيم وتعديل وتيرة التقدم في الدروس بما تراه مناسبا". وتتمثل ثانيا في وضع أجهزة الدعم والمرافقة المتوفرة تحت تصرف التلميذ، وهي تعني بهذا تلقينه بالدروس المتلفزة للتعليم المتواصل التي تُبثّ يومي الثلاثاء مساء، والسبت صباحا ومساء، إلى جانب القرص المضغوط لتلاميذ البكالوريا، الذي أعدّهُ الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بُعد، المتضمن المقرر الدراسي". وقد قررت الوزيرة بن غبريت الشروع في توزيع هذه الأقراص ابتداء من يوم أمس، وطلبت من تلاميذ البكالوريا »?الاعتماد على أنفسهم في تدريس أنفسهم« بما تضمنته مقرراتهم الدراسية في هذه الأقراص، مع الاستعانة بالتلاميذ النجباء منهم، والعمل ضمن أفواج، وترك أبواب المؤسسات التربوية مفتوحة لاحتضان كل المبادرات ذات الطابع البيداغوجي"، كما طلبت من أوليائهم القادرين والمستنيرين علميا مساعدتهم على فهم هذه الدروس المقررة في مناهجهم الدراسية، وإن استعصى عليهم أمر ما يُمكنهم "الدخول إلى موقع الديوان الوطني المذكور للاستفادة من الاختبارات، ومن الدروس، ومدونات التعليم". الأمر الآخر الكبير الذي أقرته وزيرة التربية نورية بن غبريت لتعويض الأساتذة المضربين، يتمثل في "تعويضهم بالأساتذة المتقاعدين، وأولياء التلاميذ، والطلبة الذين هم في أخر مرحلة من الدراسة، والطلبة الأساتذة على مستوى المدارس العليا للأساتذة، وعلى مستوى الوكالة الوطنية للتشغيل، وعلى أن تعمل الجهات المعنية على توفير كل الموارد المالية لمرافقة هذه العملية". ولم تُبري الوزيرة نفسها حين قالت: "إن الوضع المحتوم للإضراب أفرز مناخا أثّر على عزيمة التلاميذ، وتسبب في العزوف المدرسي، ولذلك أقول بأن التلاميذ ليست لهم أي مسؤولية في هذا الوضع الذي لم يختاروه، بل فرض عليهم فرضا". في حين أنها لم تعترف أن المسؤولية مسؤوليتها ومسؤولية النقابات المضربة. وترى الوزيرة بن غبريت أن هذه الإجراءات التي أقرّتها، إلى جانب الخصم من أجور المضربين، وبما فيها منحة المردودية، التي ينتظرها الأستاذ دوريا بفارغ الصبر هي كلها مجتمعة قادرة على »ضمان مواظبة التلاميذ على الدراسة، وهي بالنسبة إليها أفضل الإجراءات التربوية والبيداغوجية التي تُمكّن تلاميذ أقسام البكالوريا من تدارك الوضع، وتحقيق أعلى نسبة من النجاح في امتحان شهادة البكالوريا، ولم يبق لها وفق ما تعتقد سوى أن تنقاد النقابات "شاءت أم أبت"إلى التوقيع على "ميثاق أخلاقيات للأستاذية"يمنع بالدرجة الأولى الإضراب، أو ربما حتى مجرد التفكير فيه من قبل الأستاذ.