اختلف المشاركون في الندوة التي استضافها فوروم يومية المجاهد وكان موضوعها الوساطة القضائية، حول طبيعة هذا الإجراء الذي نص عليه قانون الإجراءات المدنية المعدل، ودخل العمل به حيز التطبيق في أفريل من السنة الجارية، وقد بدا هذا الخلاف واضحا بين المحامين وممثلين عن وزارة العدل بسبب الصلاحيات المخولة للوسيط القضائي كما أن بعض المتدخلين ومنهم أساتذة جامعيون، طرحوا إشكالية المعايير التي تحدد الوساطة القضائية والنقائص التي قد تظهر خلال التطبيق. تحول النقاش الذي استضافته يومية المجاهد المنشورة باللغة الفرنسية بمقرها بالعاصمة، من الشرح والتحسيس بالإجراء الذي تضمنه قانون الإجراءات المدنية والمتعلق بالوساطة القضائية، إلى مواجهة بين محامين وخبراء وأساتذة جامعيين وممثلين عن وزارة العدل وعلى رأسهم مدير الشؤون القانونية، ففي حين حاول ممثلو وزارة العدل إثبات نجاعة الإجراء الجديد، في الفصل في النزاعات دون اللجوء إلى المحكمة، اشتكى محامون وخبراء من بعض النقائص التي شابت القانون، وكذا من غموض الصلاحيات المخولة له وإمكانية تداخلها مع صلاحيات المحامين. وكشف مدير الشؤون القانونية بوزارة العدل أحمد علي صالح الذي كان أول المتدخلين أنه ومنذ دخول الإجراء الخاص بالوسيط القضائي حيز التنفيذ في الخامس والعشرين من شهر أفريل من العام الحالي، تم تعيين 1614 وسيط قضائي عبر كامل التراب الوطني و1520 قاضية مختصة في معالجة الملفات التي تخص الوساطة القضائية، واعتبر المتحدث أن الهدف من إدخال الوساطة القضائية في مجال حل النزاعات المدنية، هو إحلال السلم الإجتماعي بين المواطنين، ونفى أن تكون القوانين التي تم صياغتها في هذا الإطار قد تم استنباطها من الواقع بالدول الغربية، مشيرا إلى أن الدول الأوروبية نفسها تفاجأت بمضمون إجراء الوساطة القضائية الجزائري ودعت بعضها إلى الإقتداء بالنموذج الجزائري. ولدى رده عن انشغالات الصحفيين والمتدخلين عن مدى توفر معايير الوساطة في الوسطاء الذين تم تعيينهم وخاصة الذين ليس لهم تأهيلا علميا، دافع ممثل وزارة العدل عن التحقيقات التي تمت حول الوسطاء قبل اعتمادهم، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن كل من يثبت عدم أهليته لهذا المنصب يتم استبعاده باعتبار أن إعادة النظر في القوائم تتم دوريا. وشدد المتدخل بفعل الخلط الذي حصل حول الوساطة القضائية، على أن هذا الإجراء هو مهمة وليس وظيفة يتم الاسترزاق منها، ولا يشترط فيها أن يفتح الوسيط مكتبا مثلما هو معمول في مهنة المحاماة وإنما هي مهمة يقوم بها في أي مكان. أما المحامي الأستاذ سماعين شامة، فقد انتقد طيلة مداخلته الإجراء الذي جاء في قانون الإجراءات المدنية المعدل، وأشار إلى أن هناك تداخلا بين صلاحيات الوسيط القضائي والمحامي، وقال أن القانون لا يحدد بصورة واضحة صلاحيات الوسيط القضائي والأكثر من هذا أن مهمة الوسيط القضائي تلغي الواقع الذي سبق في إشارة منه إلى العمل الذي يبدأه المحامي عند رفعه القضية أمام المحكمة، ونبه إلى أن المواطن يدفع الأتعاب مرتين مرة إلى المحامي ومرة أخرى إلى الوسيط القضائي في حال اللجوء ليه من طرف القاضي. وطالب المتحدث من وزارة العدل بإمكانية تعديل القانون المتعلق بالوساطة القضائية في حال تطلب الأمر ذلك، إلا أن مدير الشؤون القانونية بوزارة العدل رد عليه بالقول أنه لا توجد أي دولة في العالم تدخل مادة تجبر المشرع على التعديل في مدة معينة. من جانبه تدخل المحامي مروان عزي ليدلي بدلوه في موضوع الوساطة القضائية، إلا أنه سار عكس زميله في المهنة سماعين شامة، وراح يدافع عن الإجراء وذهب إلى حد وصفه بالثورة في مجال إصلاح العدالة وساير على طول مداخلته طروحات وزارة العدل، وهو ما تعجب لع الحاضرون. كما انتقد الأستاذ في القانون بجامعة مولود معمري بتيزي وزو رناي فريد بعض حوانب إجراء الوساطة القضائية وخاصة ما تعلق منه بالمقاييس، حيث أعاب غياب معايير محددة في القانون تجعل إختيار الوسيط القضائي يكون صائبا ودعا إلى وضع ضوابط تحدد المهمة كما دعا إلى إلغاء الأتعاب الممنوحة إلى الوسيط القضائي و قال أن فعل الصلح هو فعل خير يتم من دون مقابل.