أكد كل من المتهمين مزياني عبد العالي رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد وأيت بلقاسم محرز المدير العام للصندوق الوطني للتامين على البطالة، أن عملية إيداع أموال الصناديق ببنك الخليفة تمت بموافقة وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، كما أنكر المتهمان المتابعان بجنحة الرشوة، استغلال النفوذ والحصول على فوائد وامتيازات كل التهم المنسوبة إليهم، ونفوا حصولهم على أي امتيازات من طرف مجمع الخليفة مقابل الأموال التي قاموا بإيداعها، نفس التصريحات صدرت عن عديد المتهمين الذين تم استجوابهم من طرف القاضي عنتر منور حول سبب إيداع أموال المؤسسات العمومية التي كانوا يشرفون عليها بوكالات بنك الخليفة. تواصلت أمس محاكمة بنك الخليفة في يومها العاشر، حيث استمعت هيئة محكمة الجنايات في بداية الجلسة إلى المتهم بولفراد عبد الله المتابع بجنحة الرشوة والذي كان يشغل في تلك الفترة منصب مدير عام لمصنع الجعة بوهران، الذي عين على رأسه سنة 1994، وقد صرح المتهم بأنه قام بإيداع 310 مليون دينار جزائري على 3 مراحل ما بين سنتي 2000 و2001، وهذا بموافقة اللجنة المكلفة بالصفقات التي كانت على مستوى المصنع باعتبار أن المصنع شركة ذات مسؤولية محدودة ولا يوجد به مجلس إدارة. العملية وفق ما صرح به بولفراد تمت بالتوقيع على اتفاقية مع مدير وكالة الخليفة بنك بوهران، قرص حكيم، مقابل سحب أموال المصنع من بنك التنمية الريفية وإيداعه في الخليفة بنك بنسبة فوائد ثابتة مقدرة ب 10 بالمائة وهي نفس النسبة التي كان يمنحها لهم البنك العمومي، وفي رده على سؤال حول الامتيازات التي تحصل عليها بعد إيداعه لهذه الأموال، قال المتهم إنه لم يحصل على أي شيء وأنكر تلقي عمولات مالية بالرغم من أن القاضي واجهه بوثيقة محاسبية من توقع قرص حكيم والتي يذكر فيها أسماء المسؤولين الذين تحصلوا على عمولات. ديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران ضيع 100 مليار سنتيم مقابل عمولات بعد ذلك استمع القاضي عنتر منور إلى المتهم بوستة نور الدين المتابع بنفس التهمة والذي كان يشغل منصب رئيس دائرة المحاسبة والمالية بديوان التسيير العقاري بوهران الذي كان يديره خير الدين وليد، حيث قال المتم، كنا نتعامل مع بنك التنمية المحلية والصندوق الوطني لتعاضدية الفلاحين، وبعدها تقرر إيداع 100 مليار سنتيم ببنك الخليفة على أربع مراحل بداية من تاريخ 26 فيفري 2001، الأموال ضاعت ولم نتمكن من استرجاعها، بالرغم من أننا في البداية حصلنا على فوائد بقيمة 11 مليار سنتيم، بوستة ولدى استجوابه أنكر حصوله على عمولات مقابل القرار الذي اتخذ وذكر بأنه التقى في تلك الفترة بكل من كشاد بلعيد مدير وكالة بنك الخليفة بالبليدة وكذا المستشار الرياضي والمدرب السابق للمنتخب الوطني ايغيل مزيان لمرة واحدة فقط. المتهم مزياني: وقعت مع سيدي السعيد على اتفاقية لإيداع 8.5 مليار سنتيم ببنك الخليفة ومن ثم جاء الدور على المتهم مزياني عبد العالي الذي كان حينها مكلفا بالإدارة والمالي بالاتحاد العام للعمال الجزائريين وكذا رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد، حيث أوضح المتهم أن مكتب المجلس المكون من 7 أعضاء اجتمع بتاريخ 16 سبتمبر 2001 بستة أعضاء فقط ودون باقي أعضاء مجلس الغدارة البالغ عددهم 29 عضوا، ودرس في جدول أعمال 4 نقاط، وعندما وصل المجتمعون إلى المتفرقات كأخر محطة للاجتماع، اقترح المدعو كرار سليمان والذي كان يشغل في تلك الفترة منصب مدير المالية إيداع أموال الصندوق في بنك الخليفة، المكتب أعطى رأيا بالموافقة، وبعد 5 أو 6 أيام نفذت العملية. واستنادا لما أدلى به مزياني عبد العالي أمام هيئة محكمة الجنايات، فإن الوصاية المتمثلة في وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في سنة 2001 لم تعارض القرار باعتبار أنه تم إخطارها من طرف المدير العام للصندوق عريفي صالح وبالتالي تم الإيداع بموافقتها، حيث بلغت قيمة الإيداعات 1200 مليار سنتيم، وبعد ستة أشهر اجتمع مجلس الإدارة بكامل أعضائه وطلب من كرار سحب الأموال كلها من بنك الخليفة، إلا انه قام بسحب 800 مليار سنتيم فقط وكان من المفروض أن تتم العملية كلها قبل تاريخ ديسمبر 2002، وعليه فقد ضاعت 4 ملايير دينار جزائري. خلال الحديث الذي جرى بين القاضي والمتهم، تساءل رئيس الجلسة عن سبب غياب أعضاء مجلس الإدارة عن الاجتماع الذي قد يجعله غير قانونيا وهذا ما أكده المتهم مزياني، كما تساءل القاضي عن الامتيازات التي تحصل عليها مزياني مقابل عملية الإيداع، على غرار استفادة ابنه من تربص كطيار في شركة الخليفة للطيران، ليرد عليه مزياني، أنه لم يتدخل من أجل هذا الغرض وأن ابنه سمع بالمسابقة كغيره من الطلبة، باعتبار انه كان متحصلا على شهادة البكالوريا وسنتين دراسة في الجامعة وهذا ما أهله ليقوم بالتربص الذي أنهاه فيما بعد بالأردن، كما أنكر حصوله على امتيازات، باستثناء أنه كان يملك بطاقات سفر تسمح له بالحصول على تخفيضات على التذاكر له ول 3 أفراد من عائلته، أما التذاكر المجانية فلا. وتحدث المتهم على توقيع اتفاقية باسم الاتحاد العالم للعمال الجزائريين رفقة الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد الذي لم يذكر اسمه صراحة من أجل إيداع مبلغ 8.5 مليار سنتيم ببنك الخليفة وهذا ما تم فعلا في تلك الفترة. صندوق التأمين على البطالة يخسر 183 مليار سنتيم أكد المتهم أيت بلقاسم محرز، الذي كان يشغل منصب المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على البطالة في رده على أسئلة القاضي عنتر منور، أنه خلال إدارته لهذا الصندوق استطاع أن يحقق ما قيمته 24 مليار سنتيم، والتي رأى بأن يقوم باستثمارها في شكل عقارات، وهذا ما اقترحه مع نهاية التسعينات على مجلس إدارة الصندوق، ولكن المجلس وبحكم صلاحياته رفض وأمر بخيار بديل يتمثل في إيداع الأموال بعدة بنوك خاصة وهذا ما حدث بالفعل على غرار ما وقع في بنك الخليفة، مشيرا إلى أن كل ما تم إيداعه في هذه البنوك الخاصة لا يتجاوز 4 بالمائة من الرأسمال الإجمالي للصندوق والمقدر ب 63 مليار دج. المتهم الذي يشغل حاليا منصب مستشار لدى هيئات أممية، من خريجي المدرسة العليا للإدارة تخصص قضاء، وبحكم معرفته بالشؤون القانونية، قال إنه كان حذرا وأنه امتثل لأوامر مجلس الإدارة في تلك الفترة، وعليه تقرر سحب مبلغ 183 مليار سنتيم من البنك الوطني الجزائري الذي كان يمنح فوائد تتراوح ما بين 5 إلى 6 بالمائة ليتم إيداعها ببنك الخليفة وبالتحديد بوكالة الحراش، بنسبة فوائد 11.25 بالمائة وتمت العملية على أربع مراحل. وعن موافقة الوزارة الوصية، قال المتهم، إن التشريع يفرض أن يتم تبليغ الوزارة الوصية المتمثلة في وزارة العمل وذلك من خلال مراسلة إدارة وفي حال عدم ردها بالرفض بعد مرور 30 يوم، فإن القرار يعتبر مقبولا ويمكن تنفيذه، وهذا ما حدث، كما أن الوزارة لم تعترض أي قرار قمنا بإرساله على الأقل في الفترة التي كنت فيها مديرا عاما للصندوق ولمدة 9 سنوات، وعليه فإن الوزارة الوصية كانت على دراية بقرار إيداع أموال »الكناك« في بنك الخليفة. نفس العملية تمت بالنسبة لصندوق ضمان القروض المصغرة، غير أنني في هذه -يقول المتهم- المرة كنت عضوا في مجلس الإدارة الخاص بهذا الصندوق الذي يترأسه مدير مركزي لبنك عمومي، وقمنا بإيداع ما بين 500 إلى 600 مليون دينار جزائري، وفي رده على استفسار للقاضي ، لماذا لم يتم الإطلاع على ميزانية البنك وحساباته قبل اتخاذ قرار إيداع الموال، أوضح المتهم، أن لاضمان الوحيد بالنسبة له كان متمثلا في بنك الجزائر. وعن الامتيازات التي تحصل عليها المتهم أيت بلقاسم مقابل إيداع هذه الأموال، قال، أنه لم يحصل على أي امتياز وأن ما تم كانت النية من ورائه تحقيق المنفعة ليس أكثر، وعن استفادة ابنه من تربص كطيار بشركة ايرويز، أكد أن الأمر ليس له علاقة بعملية إيداع الأموال، لأن ابنه التحق بالشركة كغيره من الشباب، كان متحصلا على شهادة بكالوريا وسنة أولى جامعي، والدليل أن الرئيس بوتفليقة عندما أمر بمواصلة تكوين هؤلاء الشباب بالأردن بعد حل مجمع الخليفة، استطاع أبنه أن يحافظ على مكانته في الترتيب بعد أن تم إقصاء 20 طالبا من أصل 300 طالب وأن ابنه اليوم يشغل منصب طيار بشركة طاسيلي بالرغم من أنه عانى من البطالة بعد تخرجه لمدة سنتين وردد قائلا »لو كنت أعلم أني سأكون اليوم هنا...لما سمحت له قط بالالتحاق بهذه الشركة«. المتهم نفى حصوله على بطاقات النقل المجاني وفي رده عن بطاقات تالاسو، أنكر المتهم استفادته من هذه البطاقة، وعلل وجود بطاقة دخول باسمه وبصورته، بلجوء شخص ما إلى استعمال صوره التي كانت متواجدة في كل مكان، وهذا دون علمه، كما ذكر للقاضي أنه ذهب في يوم من الأيام لزيارة والدته التي كانت هناك للاستجمام فوجد عندها حشرات في الغرفة مثل »ابن وردان«، ومن ثم أصبح يشمئز من هذا المكان، وقال في هذا الصدد »أقبل اتهامي بالرشوة وغيرها من التهم لكن ليس بالغباء إلى درجة الذهاب إلى تالاسو«، ويشار إلى أن هذه التصريحات ليست الأولى، فقد اختار كثير من المسؤولين المتهمين الذين تم استجوابهم حول استفادتهم من عطلة استجمام بتالاسو مقابل إيداع الأموال احتقار هذا المكان على غرار مع صرح به المتهم علي عون الرئيس المدير العام السابق لمجمع صيدال..ليصبح انتقاد هذا المكان وسيلة من وسائل دفع تهمة الرشوة، فكيف لمسؤول جزائري أن يقبل بمثل هذه الرشوة. فرع لسوناطراك يودع مليار سنتيم وشركة اينافور تودع مليار ببنك الخليفة أكد المتهم رضا رحال الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للجيوفيزياء التابعة لسوناطراك، أنه أعطى الأمر بإيداع مليار سنتيم ببنك الخليفة وأضاف إليها مبلغ مليون دولار، وقد تم استرجاع المبلغ بالدينار كاملا فيما ضاع المبلغ المودع بالعملة الصعبة، فيما لم ينكر حصوله على بطاقات نقل مجانية استعملها لأكثر من مرة وانتقد المتهم المتابع بالرشوة مسؤول سوناطراك الذي رفض ايداع الأموال ببنك الخليفة لعدم تنبيه الفروع بحقيقة هذا البنك. من جهته أنكر المتهم عميروش أن عمر المتابع بالرشوة التهم المنسوبة إليه وقال إنه ليس له أي علاقة بعملية إيداع الأموال التي تمت من طرف شركة التنقيب لحاسي مسعود اينافور، وأنه لم يحصل على أي امتيازات بالمقابل، وبدوره برر الرئيس المدير العام لشركة اينافور، عسيلة علي، إيداع الأموال في بنك الخليفة بحكم الفوائد المرتفعة وكذا بهدف الحصول على قرض بعد عملية الإيداع وهو الشرط الذي كان يضعه البنك لمنح القروض. وعليه فقد تم ايداع مليار سنتيم ببنك الخليفة وتم استرجاع مليار منها في شكل قرض منحه لهم بنك الخليفة، فيما أنكر عسيلة حصوله على رشوة مقابل ذلك وقال إن الرحلات التي قام بها إلى دبي رفقة عائلته كانت في إطار اتفاقية مبرمة بين ايرويز والشركة الوطنية للتنقيب ولم تمنح له على أساس شخصي. ويذكر إلى أن محاكمة بنك الخليفة لا تزال متواصلة بعد استماع رئيس محكمة الجنايات لأكثر من 40 متهما من أصل 70 متهما، في انتظار فتح قائمة الشهود التي تضم أسماء ثقيلة من وزراء سابقين وإطارات سامية، في محاكمة لا يزال الكثيرون ينتظرون منها أن تسفر عن تفاصيل جديدة من خلال مختلف الشهادات والمرافعات التي يفترض أن يشرع فيها بداية من الأسبوع المقبل كأخر أسبوع في تاريخ هذه المحاكمة.