خاض عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني معارك كبيرة منذ توليه الأمانة العامة للحزب في أوت 2013، خاصة على الجبهتين التنظيمية والسياسية، قبل أن ينجح في تفكيك الكثير من الألغام ويكسب بذلك أهم الرهانات التي رفعها حين ذاك، ويتعلق الأمر بالمؤتمر العاشر الذي اختتمت أشغاله، أول أمس، بعد النجاح الكبير الذي ميز أشغاله. لم يعرف حزب جبهة التحرير الوطني حراكا مثل الذي عرفه في المرحلة الراهنة، سيما بعد حالة اللااستقرار التي عرفها بعد شغور منصب الأمين العام للحزب بين جانفي وأوت 2013 حيث عاش فيها الحزب خلال تلك الفترة فراغا كبيرا وحالة من »التيهان« فانشطر المناضلون بين هذا وذاك، ليقرر الأغلبية في اللجنة المركزية بعقد دورة طارئة لانتخاب أمين عام جديد يوم 29 أوت 2013، حيث تمت تزكية عمار سعداني أمينا عاما للحزب. ولم يأت اختيار عمار سعداني لتولي منصب أمين عام أقوى حزب سياسي بالبلاد من العدم، بل من منطلق دراية الرجل بخفايا الأفلان خاصة وانه يملك رصيدا نضاليا طويلا وحافلا حيث تدرج سعداني في كل هياكل الحزب قبل أن يترأس أعلى هيئة تشريعية بالبلاد ويتعلق الأمر برئاسة المجلس الشعبي الوطني، كما أنه يوصف برجل »الإجماع« الذي بإمكانه لم شمل جميع المناضلين وتوحيد صفوفهم وأن يعيد الأفلان إلى السكة. وقد حمل الأمين العام هذه الثقة التي وضعتها فيه اللجنة المركزية على عاتقه، فاتخذ العديد من الإجراءات التنظيمية واصدر العديد من التعليمات، وهذا من اجل إعادة ترتيب بيت الأفلان كما قام برسم خارطة طريق تتماشى وفق وجهات نظر الحزب ومبادئه، حيث قرر بعد توليه منصب الأمين العام استحداث محافظات جديدة بهدف توسيع القاعدة النضالية للحزب وتقريب القاعدة من القيادة. ولأن حزب جبهة التحرير الوطني بحاجة إلى كفاءات شابة، حث سعداني على ضرورة فتح الباب على مصراعيه أمام هذه الفئة لتولي المسؤوليات والمناصب في هياكل الحزب، فضلا عن ايلائه الأهمية للعنصر النسوي وهو ما تحقق من خلال التمثيل الكبير للمراة في اللجنة المركزية التي تم انتخابها من طرف مندوبي المؤتمر العاشر التي اختتمت أشغاله أول امس بالقاعة البيضاوية. وكان للأمين العام للأفلان مواقف ثابتة وواضحة من مختلف القضايا السياسية والدولية، في مقدمتها دعم الحزب العتيد لبرنامج رئيس الجمهورية، كما أنه كان من المطالبين بتعديل الدستور وشارك في كل المشاورات التي أطلقها الرئيس بوتفليقة، كما أن موقفه من تسيير الحكومة واضحا وهو أن تكون لصاحب الأغلبية البرلمانية، وغيرها من المسائل الداخلية. وعلى مدار السنتين اللتين سبقتا عقد المؤتمر العاشر كان حزب جبهة التحرير الوطني في طليعة المشهد السياسي، بسبب مواقف الأمين العام للأفلان فصنع الحدث بامتياز، رغم سهام الانتقادات التي كانت توجه إليه من داخل الحزب أو من خارجه، خاصة من طرف معارضيه الذين شككوا في شرعيته، قبل أن ينجح سعداني في كسب الرهان ويعيد الأفلان إلى السكة وهو ما تجلى من خلال النجاح الكبير الذي عرفه المؤتمر العاشر. وقد أحدث عمار سعداني ثورة في الحزب العتيد، حيث تم رفع عدد أعضاء اللجنة المركزية إلى 505 عضو، فيما تم رفع عدد أعضاء المكتب السياسي من 15 إلى 19 عضو، وتأتي هذه الإجراءات في إطار تكريس شعار الحزب القائم على التجديد والتشبيب وتمكين الشباب المناضل من اعتلاء مناصب المسؤولية على مستوى الحزب العتيد، لا سيما وأن عدد المحافظات ارتفع من 54 محافظة إلى 120 محافظة بعد قرار إنشاء محافظات جديدة.