اجتاز حزب جبهة التحرير الوطني، امتحان المؤتمر العاشر بنجاح، بعد أن شدّ اللغط الذي اتبع التحضير للمؤتمر أنظار المناضلين والمتتبعين للشأن السياسي في الجزائر، وطيلة ثلاثة أيام من النقاش بين المؤتمرين، تم خلالها تزكية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للحزب، وانتخاب أعضاء اللجنة المركزية، والمصادقة على لوائح المؤتمر، التي تضع الخطوط العريضة لسياسية الأفلان في الخمس سنوات المقبلة، انتهاء بتزكية عمار سعداني أمينا عاما للحزب خلال العهدة المقبلة. إمكانيات ضخمة وتنظيم محكم سمحت خطة العمل التي سطرتها قيادة الحزب والمكتب السياسي عشية التحضير للمؤتمر العاشر للأفلان بتحييد كل العقبات التنظيمية التي من الممكن أن تواجه أي مؤتمر لحزب سياسي كبير بحجم حزب جبهة التحرير الوطني، هذا الحجم يترجمه عدد المؤتمرين والمندوبين الذي تجاوز 6300 مندوب من مختلف ولايات الوطن ومن الجالية الجزائرية بالخارج ، وكذا الزخم الإعلامي الذي حضي به . وكان لعدد من القيادات الدور الحاسم في وضع الأمور في نصابها من خلال استقبال الوفود القادمة من الولايات وتوفير الإيواء والنقل من مكان الإقامات إلى القاعة البيضاوية التي احتضنت أشغال المؤتمر، هذا التنظيم دعّمته الصرامة في منع الغرباء والذين لا يملكون أي صفة سواء مندوبين أو من الأسرة الإعلامية من الدخول ، إلى القاعة، مما مكن من تفادي وجود أي تجاوزات، باستثناء بعض المناوشات التي حدثت مع بعض الأفراد الذين تمت الاستعانة بهم للتنظيم بسبب تماديه في استعمال الخشونة مع المؤتمرين. وسخّرت قيادة الحزب إمكانيات لوجستية ضخمة، من المنظمين أو الإمكانيات المادية من الحافلات ووسائل النقل والإطعام والترتيبات المختلفة لإنجاح حدث بهذا الحجم، إذ ليس بالسهل تنظيم مؤتمر يقدر عدد المؤتمرين فيه ب 6300 مؤتمر، وبحجم الرهانات التي يحملها المؤتمر، والضغط الذي مورس على قيادة الحزب عشية المؤتمر. نقاش مثمر والمؤتمرون ينقلون واقع القاعدة إلى قيادة الحزب نجاح المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني لم يقتصر على الجانب التنظيمي فقط، حيث كان المؤتمر فضاء سياسيا ونضاليا تبادل فيه المندوبون النقاش، أعلن فيه الأمين العام عمار سعداني فتح باب النقاش الحر أمام الجميع دون حدود أو فواصل، حيث طالب الحاضرين في جلسات المؤتمر بالتعبير عن مواقفهم وآرائهم بكل حرية. واستغل العديد من المتدخلين الفرصة لاستعراض الوضعية النظامية التي يعيشها الحزب على مستوى القاعدة، حيث كانت ممارسات أمناء المحافظات وانسداد الوضع بالمحافظات والقسمات معظم الانشغالات التي طرحها المندوبين تحت أسماع الأمين العام، هذا الأخير أكد في كل مرة أن الأفلان سيقضي على كل أشكال التمييز بين المناضلين وتحكيم القانون الأساسي والنظام الداخلي في كل العلاقات التي تجمع المناضلين . وتميز الجو الذي ساد أشغال المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني، بكثير من النقاش الهادف بين المندوبين، فبينما ساد عملية انتخاب أعضاء اللجنة المركزية على مستوى الوفود أجواء مشحونة بين مختلف المترشحين لتبوء عضوية اللجنة المركزية، كان النقاش العام بين المؤتمرين مثمرا في كل فصوله . وافتتحت أشغال المؤتمر في اليوم الأول، برئاسة الأمين العام عمار سعداني وبحضور الوزير الأول عبد المالك سلال وعدد من أعضاء الحكومة وممثلي السلك الدبلوماسي بالجزائر وعدة وفود أجنبية جاءت لحضور المؤتمر، ومشاركة أزيد من 600 آلاف مندوب . وباشرت اللجان السبع في اليوم الثاني في إعداد التقارير النهائية التي تليت في اختتام المؤتمر، ويتعلق الأمر بلجنة البرنامج العام و لجنة القانون الأساسي ولجنة السياسة العامة ولجنة المنتخبين ولجنة المنطلقات الفكرية بالإضافة إلى لجنتي انتشار الحزب والعلاقات الخارجية. وتم في الفترة المسائية من اليوم الثاني إعلان قائمة لجنة الترشيحات، حيث تم تكليف كل عضو بالإشراف على إدارة العملية الانتخابية لأعضاء اللجنة المركزية بكل وفد، فيما تم أجراء الانتخابات في ليلية السبت وصبيحة يوم السبت، في أجواء مشحونة في بعض المحافظات وبالتراضي والتزكية في محافظات أخرى . وصبّت تدخلات المندوبين في إطار ضرورة إعطاء المكانة اللائقة لعنصري الشباب والمرأة في صفوف الحزب العتيد مثلما حث عليه الأمين العام للأفلان في عديد المناسبات، في الوقت الذي بارك فيه المتدخلون قرار تزكية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للحزب واعتبروه إضافة قوية للأفلان، كما توالت رسائل المباركة والتأييد لأشغال المؤتمر العاشر من طرف العديد من الهيئات والتنظيمات وفعاليات المجتمع المدني. ومن بين أهم النقاط التي تمت في أشغال اليوم الثاني من المؤتمر تزكية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للحزب، حيث اعتبروه إضافة قوية للأفلان، وأكد المتخلون المكانة الكبيرة التي يحظى بها رئيس الجمهورية في الأفلان باعتباره المجاهد والابن البار لحزب جبهة التحرير الوطني، وكان الرئيس بوتفليقة قد بعث برسالة إلى المؤتمرين استرسل فيها في مدح الحزب العتيد باسمي عبارات المدح التي لا يمكنها إلا أن تؤكد الرابطة العميقة التي تجمعه بالأفلان. إلى جانب ثمن عدد من المتدخلين المجهودات الكبيرة التي بذلها رئيس المؤتمر عمار سعداني منذ توليه الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني من أجل وضع الأفلان على السكة، منوهين بالتعليمات التي أصدرها والتي أثمرت بعقد مؤتمر ناجح، وكذا بالإجراءات التي اتخذها من خلال استحداث محافظات جديدة بغية توسيع القاعدة النضالية للحزب، فضلا عن ايلائه الأهمية الكبيرة لعنصر الشباب ودعوته إلى فتح الباب على مصراعيه أمام هذه الفئة من أجل ولوج المناصب وتقلد المسؤوليات في هياكل الحزب وهو ما يتجلى من خلال شعار المؤتمر »التشبيب والتجديد«. اجتياز عقبة المصادقة على اللوائح وانتخاب اللجنة المركزية ومن بين المنعرجات الصعبة التي تميز كل مؤتمر لحزب جبهة التحرير الوطني، هي عملية انتخاب أعضاء اللجنة المركزية الجدد سواء على مستوى وفود المحافظات التي كان لها نصيب 3 مقاعد للمحافظات القديمة ومقعدين للمحافظات التي استحدثت مؤخرا، وللنساء مقعد على مستوى كل محافظة . حيث جرت الانتخابات ليلة السبت وصبيحة السبت وسط أجواء تنافسية كبيرة بين المندوبين، وبعد الانتهاء من العملية ساد ترقب كبير للقئامة الوطنية التي يختارها الأمين العام، هذا الأخير قال في كلمة له قبيل تلاوة القائمة الوطنية أمام المؤتمرين إن إرضاء جميع الناس غاية لا تدرك . وصادق صادق المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني على لوائحه التي تضمنت نصوص وقوانين بإمكانها تجديد الحزب وعصرنته مثلما وعد به الأمين العام عمار سعداني، وعرفت اللوائح التمهيدية إثراءات ومناقشات من طرف المندوبين الذين قدموا إسهاماتهم. وتضمنت لوائح المؤتمر العاشر للأفلان تعديلات جوهرية ستمكن الحزب من تبوأ الريادة في الساحة السياسية، حيث سيدعم بإطارات ومناضلين شباب ونساء بإمكانهم تجديد العمل الحزبي وعصرنته وفق الاستراتيجة التي دعا إليها الأمين العام عمار سعداني، وقد عرفت اللوائح التمهيدية نقاشا مستفيضا من طرف المندوبين الذي قدموا اقتراحات جدية بإمكانها تقوية الحزب. كما وضع المؤتمر العاشر خارطة طريق تتعلق بالسياسة العامة للحزب التي تتضمن المبادئ الأساسية للعمل السياسي وعلاقة الحزب بمؤسسات الدولة والأحزاب السياسية وكل ما له علاقة بنشطات الحزب وسياسته العامة، حيث يسعى الأفلان أيضا إلى الانتشار في ربوع الوطن والتقرب من المواطنين من خلال شرح برنامجه باعتبار الأفلان صمام أمان للجزائر. وعرفت مختلف اللوائح تعديلات خاصة القانون الأساسي الذي تمكن من سد الثغرات القانونية التي كانت تشوب القانون السابق خاصة فيما يتعلق بقضية شغور منصب الأمين العام ورئيس الحزب، عدد أعضاء اللجنة المركزية وكيفية انتخاب الأمين العام للحزب، حيث كانت هذه المواد مبهمة ما أدى إلى الفهم الخاطئ والتأويل حسب الأهواء وبهذا يكون المؤتمر قد وضع حدا للتأويلات وفصل في العديد من القضايا التي كادت أن تعصف بالحزب في وقت سابق. مباركة تزكية بوتفليقة رئيسا للحزب وإجماع على سعداني أمينا عاما وفي ختام أشغال المؤتمر زكت اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني أمينا عاما للأفلان لعهدة جديدة خلال الدورة الأولى للجنة التي انتخبها المؤتمر العاشر للحزب، وجدد الأمين العام للأفلان عمار سعداني شكره لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رئيس الحزب قائلا »أجدد خالص العرفان إلى رئيس الجمهورية رئيس الحزب، إنه الرجل الذي انخرط في الكفاح المسلح وساهم في إنجازات كبيرة، يعتبر انتسابه للأفلان شرف لنا جميعا، لقد كانت رسالته دعما قويا ومساندة واضحة لمسعى حزبنا في تعزيز لحمة وتأدية أدواره في خدمة الأمة ومجتمعنا«. وساد عملية التزكية جو حار من التصفيقات لأعضاء اللجنة المركزية وإشادة بنجاح المؤتمر ودور الأمين العام لتحقيق ذلك، وفي تعبيره قال سعداني إن القيم والمعاني التي عبر عنها رئيس الحزب في رسالته إلى المؤتمر ستكون العنوان الأبرز في إستراتيجية الحزب، داعيا المؤتمرين إلى نقل الرسالة إلى بنات وأبناء الحزب، مباركا في نفس الوقت نجاح المؤتمر العاشر للأفلان الذي دارت أشغاله في شفافية، حيث تمكن المندوبون من التعبير عن آرائهم بكل حرية وقد كان المؤتمر بالمناضلين وللمناضلين، موجها تشكراته لكل من ساهم في إنجاح العرس الوطني. وأرجع الأمين العام نجاح المؤتمر إلى الإطارات والمناضلين الذين عملوا دون انقطاع لإنجاح المؤتمر، مثمنا الوعي الكبير وروح المسؤولية العالية التي أبداها المندوبون طيلة أيام المؤتمر، مشيرا على أن هذا الوعي يؤكد رغبة الجميع في إنجاح العرس، موجها شكره لكل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المناضل عبد المالك سلال وطاقمه الحكومي الذي ساهموا في توفير أسباب النجاح وكانت عونا وسندا في تحقيق النجاح الباهر الذي يعتبر إنجازا وطنيا كبيرا.