التشويه والإساءة ونشر المعلومات الكاذبة حول قضايا مختلفة تخص الجزائر، واستغلال كل شاردة أو واردة لمضاعفة الحمالات الدعائية، أضحت منذ فترة إستراتيجية قائمة بذاتها عند الجار الغربي، فنظام محمد السادس لم يعد يجد أي حرج في توجيه اتهامات مباشرة ضد الجزائر، بل إن عدد من المسؤولين في الحكومة ومستويات أخرى لا يتوانون عن الإدلاء بتصريحات تستهدف مباشرة الجزائر ووصفها على أنها دولة عدوة تهدد ما تسميه الرباط وحدتها الترابية، وهذا كلما أثيرت قضية الصحراء الغربية في المحافل الدولية. وتبدو الحملة المركزة لعدد من وسائل الإعلام المغربية ظاهرة للعيان بل إن من يتصفح المواقع الاليكترونية يمتلكه إحساس بان المغرب ليس له أي شيء أخر يتلهى به غير الجزائر، حتى وصل الأمر ب »محللين« مغاربة ممن كلفوا على ما يبدو بتتبع كل ما له علاقة بالجزائر، حد الإساءة إلى رئيس الجمهورية واستغلال بعض الأطروحات التي تكررها للأسف الشديد بعض أطراف المعارضة عندنا، للحديث عن الجزائر بلا رئيس، أو جزائر يحكمها العسكر، والترويج لصورة سوداوية لا تمت بأي صلة عن الواقع الجزائري، من خلال الحديث عن قمع الحريات وعن البؤس وما إلى ذلك من الكلام الذي لا وجود له إلا في مخيلة هؤلاء المغاربة. لقد أثار الخطاب الذي ألقاه الوزير الأول عبد المالك سلال بجوهانسبورغ بجنوب إفريقيا في افتتاح الدورة العادية ال 25 لقمة رؤساء دول و حكومات الاتحاد الإفريقي بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وقال فيه أن الصحراء الغربية لا تزال تعاني من ويلات استعمار من عصر ولى مشيرا إلى أن التعجيل بمسار تصفية الاستعمار من هذا الإقليم يتم من خلال تضافر الجهود، ردود فعل مغربية في شكل هستيريا إعلامية غريبة تذكرنا بتلك التي أصابت النظام المغربي ووسائطه الإعلامية والسياسية والجمعوية قبيل الهجوم على القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء وتمزيق الراية الوطنية، بعد دعوة الرئيس بوتفليقة المجتمعين في قمة بأبوجا في نيجريا بضرورة توسيع مهمة البعثة الأممية في الصحراء الغربية »المينورسو« لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، وحينها كادت الأمور أن تفلت من السيطرة وتدفع بالبلدين إلى متاهات مواجهة ساخنة لولا حكمة الطرف الجزائري الذي تعامل مع سيناريو »النعناع« بحكمة وصبر كبيرين. الحملة المغربية التي ارتفعت حدتها بعد خطاب سلال، علما أن حمالات الإساءة المغربية التي تستهدف الجزائر لم تتوقف ولو ليوم واحد منذ سنوات، تجاوزت هذه المرة كل الخطوط الحمراء، فالجزائر أضحت عدوة في نظر المخزن وصحافته و» محللي البلاط«، وكل ما تقوم به الجزائر يتم تفسيره على أنه استهداف للمملكة، مع أن الحقيقة والواقع يبينان بأن العكس هو الصحيح، فالنظام المغربي لم يعد له ما يشغله إلا الجزائر، وكل همه في المنطقة وفي العالم العربي وفي المحافل الدولية هو تشويه صورة الجزائر ومعاكسة سياساتها، ففي إفريقيا يبحث النظام المغربي من خلال توظيف الدين إلى محاصرة الجزائر في منطقة الساحل جنوب الصحراء التي تشكل عمقا استراتيجيا بالنسبة لها، وفي تونس يسعى المغرب عبر أساليب كثيرة ومختلفة، فضلا عن الدعاية، إلى ضرب العلاقات المتميزة مع الجزائر، وفي ليبيا يحال المغرب عبر دبلوماسييه ومخابراته التضييق على الجزائر وتهديد أمنها، ويسعى إلى الاستثمار في الخلافات بين الجزائر وموريتانيا وفي المنطقة العربية يستغل النظام المغربي الخلافات القائمة بين بعض الدول العربية خصوصا العربية السعودية والجزائر، بعد اندلاع »عاصفة الحزم« لاستهداف الحوثيين في اليمن، والتي رفضت الجزائر المشاركة فيها، لضرب العلاقة بين الجزائر وبعض الدول العربية الخليجية، ولا تتوقف ممارسات النظام المغربي عند هذا المستوى، فالاستثمار في الإرهاب ومحاولة استهداف الجزائر بالمخدرات..الخ كلها ممارسات تؤكد بأن أطروحات استعداء الجزائر انتقلت فعلا من المستوى النظري إلى التطبيقي، فالمغرب يعتبر الجزائر عدوة ويتحرك وفق هذه النظرة.