مازال موضوع الندوة الوطنية لتقييم عملية تطبيق إصلاح المدرسة يثير الجدل والنقاش، ويحدث ردود أفعال في تقييم أشغالها، ولم تسلم ورشاتها العشر وأشغالها من المآخذ والانتقادات، إذ هناك من المختصين الضالعين في شؤون التربية من أعابوا على وزارة التربية المنهجية التي اتبعتها في الورشات، أين كانت مضامينها مداخلات شخصية اسمية لأصحابها، بعيدة عن أرضية المقترحات والتوصيات التي خرجت بها الندوات الولائية والجهوية السابقة، بل وأكثر من هذا أن مُحدثينا أوضحوا أن بعضا من "هؤلاء الخبراء" من نصّص من حيث يدرون أو لا يدرون لتجسيد ما نصت عليه وتسعى إلى تحقيقه »استراتيجية التفتيت الكونية« الأمريكية الصهيونية الغربية للعالمين العربي والإسلامي على أساس إيديولوجي وديني ولغوي. وُجّهت للندوة الوطنية الخاصة بتقييم إصلاح المنظومة التربوية العديد من الانتقادات الجوهرية من قبل مختصين ضالعين في شؤون التربية والتعليم، ومن قبل القواعد العمالية لأهل القطاع ونقاباته، في الوقت الذي لم تُعر فيه وزارة التربية الوطنية وحتى الآن أي اهتمام لهذه الانتقادات، الأمر الذي قد يتولد عنه صراع، ورفض معلن أو غير معلن لما قد تلجأ وزارة التربية الوطنية إلى تطبيقه مع الدخول المدرسي القادم. وأولى محطات الانتقاد تتمثل في كون أشغال كل ورشة من الورشات العشر للندوة الوطنية اختُصرت أشغالها كلها في استماع أعضاء الورشة إلى ثلاث أو أربع أو خمس مداخلات (عبارة عن دراسات ومحاضرات)، وهذه المداخلات كلها وبدون استثناء هي مداخلات شخصية، موقعة ومرتبطة أصلا بأسماء أصحابها، وهم من أعدّها، وهي المضامين الوحيدة التي ارتكزت عليها النقاشات، وانبثقت عنها المقترحات والتوصيات. وتعليقا عن هذا الأمر، وانتقادا له، أكد أحد المختصين الضالعين في شؤون التربية ل »صوت الأحرار« أنه كان أجذر بوزارة التربية الوطنية لو كانت تبحث فعلا عن إصلاح حقيقي أن تُراعي في ندوتها هذه جملة من العوامل الجوهرية والأساسية: أولاها أن تعتمد في أشغال ندوتها الوطنية على الأرضيات النظرية التي انتهت إليها الندوات المحلية الولائية والجهوية، وهي تعني المقترحات والتوصيات التي انتهت إليها منذ مدة، وأحالتها على وزارة التربية لاعتمادها في الندوة الوطنية، ويمكن لوزارة التربية أن تضيف إليها ما تراه مفيدا ويعطي إضافة أخرى لمسعى التقييم والإصلاح. وثانيها وفق ما يضيف محدثنا أنه كان من الأفيد والأجدى والأنفع والأصلح وفق ما جرت عليه التقاليد أن تعتمد هذه الندوة الوطنية على أرضية نموذجية أكاديمية علمية، بعيدا عن الأهواء والميولات والقناعات الإيديولوجية الشخصية، تأخذ بالحسبان كل الجوانب المتعلقة بالتقييم والمراجعة والتعديل، أو التغيير أو الحذف، وهذه الأرضية هي عبارة عن خارطة طريق أكاديمية علمية، أو أرضية عمل فقط لا غير، ولا يجب عليها أن تؤدلج أو تُسيّس أو تُهمل ما تمخض من نتائج عن الندوات المحلية والجهوية السابقة، بل من واجب الندوة الوطنية أن تكون اعتمدت عليها في تحديد أرضية أشغالها بشكل واضح وشفاف، لأنها إرادة وأفكار أهل القطاع ، وهذا وفق ما يقول محدثنا ما لم يحدث في ندوة وزارة التربية المنتهية. الأمر الثالث المهم الذي لاحظه الملاحظون والمتتبعون لأشغال الندوة والأشخاص المساهمين في ورشاتها العشر، وفي مداخلاتها المعروضة في الجلسات العامة، أن كل المكلفين بتقديم مداخلات أو محاضرات أو عروض هم في أغلبيتهم من فصيل فكري واحد، ومن الراضين والمنتشين بما جاء به ما اصطلح على تسميته ب "تقرير بن زاغو"، الذي رفض رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شخصيا جوانب كثيرة فيه، وقطع عليها الطريق نحو التطبيق على أرض الواقع، زد على أن عددا كبيرا من المحاضرين والمدعوين لأشغال الورشات هم من الباحثين، ومن الذين ليسوا هاضمين لواقع القطاع، بل ولهم قناعات مخفية يريدون الاستمرار فيها منذ "العهدة الوطنية لبن زاغو ز وجماعته« ، وأولى هذه القناعات تتمثل أصلا في موقفهم من اللغة العربية. ومن المواد الهامة المكونة للشخصية الوطنية، وتحديدا من ثلاثية الجزائر المقدسة ) الإسلام، العربية والأمازيغية (، وهؤلاء تحديدا ومن معهم على مستوى الندوة ومستويات أخرى هم من اقترح مزاولة التعليم في مرحلته التحضيرية وما قبلها بما أسموه ب "لغة الأم"، ولغة الأم هنا وفق ما يريدون ليس لها ألف معنى، بل لها معنى واحد موحد، واضح ولا لُبس فيه، وهو أنهم أوصوا بأن تشرع الجزائر ابتداء من السنة الدراسية القادمة في تدريس أبنائها ب »اللغة الأم«، التي تعني حسبهم اللهجات الدارجة عبر الوطن، واللغة الأمازيغية، الموزعة عبر : الشاوية والقبائلية والميزابية والشنوية والشلحية والترقية، والمطماطية، وهذه كلها هي »لغات أم« بالمعنى الذي أوصى به »خبراء الندوة«، واللغة العربية حسب طرحهم المسموم والخطير ليست لغة أم، لأن الأطفال والتلاميذ في سن التعليم التحضيري وما قبله لا يفهمون اللغة العربية. قد يُسعد هؤلاء إن قلنا أن هذا الطرح لا يخرج من حيث يدرون أو لا يدرون عمّا تسعى إلى تحقيقه الاستراتيجية الكونية التفتيتيّة الأمريكية الصهيونية الغربية للعالم العربي والإسلامي، الذي قسمته ومازالت عاكفة على تقسيمه وتفتيته وتهشيمه وتحطيمه على أساس إيديولوجي، وعلى أساس ديني، وعلى أساس لغوي، وهذا الأخير هو عين مقترح الخبراء الموقرين للتربية والتعليم في الجزائر. تعميم التعليم التحضيري لتوفير قاعدة مشتركة لكل الأطفال كشف ممثلا من وزارة التربية الوطنية، أن الوزارة ترتقب مراجعة امتحان نهاية التعليم الابتدائي لاستبداله بنظام التقييم قصد تحديد مستوى ومؤهلات كل تلميذ، معلنين في نفس الوقت، إلى أنه سيتم تعميم الأقسام التحضيرية على كامل التراب الوطني ابتداء من سنة 2017 حرصا على تحقيق مبدأ المساواة. أكد الأمين العام لوزارة التربية الوطنية مسقم نجادي والمستشار المكلف بالبيداغوجيا فريد بن رمضان، أن الوزارة تنوي استناد إلى توصيات المشاركين في الندوة الوطنية حول تقييم إصلاح المدرسة استبدال امتحان نهاية التعليم الابتدائي بنظام تقييم بهدف إعادة تثمين الجانب البيداغوجي. وأوضح المسؤولان، أنه »سيتم اتخاذ إجراءات لتكريس وقت أكبر لتحصيل المعارف بغرض التخفيف من آثار التقييم-التنقيط امتحانات وواجبات واستجوابات«. وفيما يتعلق بالأسباب المبررة لهذا المسعى صرح المتدخلان، أن 84 بالمائة من التلاميذ تحصلوا على المعدل في اللغة العربية و 80 بالمائة في الرياضيات إلا أن مؤهلاتهم طيلة الخمس السنوات من الدراسة تبقى غير معروفة، مضيفين أن النظام الجديد سيسمح بتحديد مستوى ومؤهلات كل تلميذ من خلال وضع نظام دائم للمتابعة والتقييم لتمكين التلاميذ من فهم وتحصيل المعارف بشكل أفضل. كما أوضحا ذات المتحدثان، أن »الغاية تكمن في تحديد أهداف جديدة لهذا الامتحان وإعداد خريطة للمؤهلات ووضع إستراتيجية جديدة من أجل تكفل أفضل بالتلاميذ الذين ينتقلون إلى الطور المتوسط من خلال تحديد نقاط الضعف والقوة«. ومن جهة أخرى، أشار ذات المسؤولان، إلى أنه سيتم تعميم الأقسام التحضيرية على كامل التراب الوطني ابتداء من سنة 2017 حرصا على تحقيق مبدأ المساواة، مضيفين أنه في انتظار ذلك ستكون هذه الأقسام معممة بنسبة 65 بالمائة، ابتداء من الدخول المدرسي المقبل، حيث تسمح هذه المرحلة التي تسبق الطور التعليمي الإجباري للطفل بتحصيل تعليم عام وكامل، علما أنه لا يستفيد من هذا التعليم حاليا سوى 50 بالمائة من الأطفال. وفي ذات الصدد، أوضح ممثلا وزارة التربية الوطنية، أن التعليم التحضيري يخص عدة قطاعات وزارية، موضحين أن وزارة التربية تسعى إلى توفير قاعدة مشتركة لكل الأطفال في هذا الطور بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية التي تتوفر على أقسام من هذا النوع. كما ستسهر الوزارة على تحضير الأرضية بالتعاون مع شركاء آخرون، على غرار البلديات والمؤسسات لتمكين الأطفال في هذه الأقسام من الاستفادة من برامج يتم إعدادها من طرف مصالحها.