توحيدُ لغة التدريس في جميع مراحل التعليم بالجزائر هو من أوكد الواجبات الوطنية التي تقتضيها المصلحة العليا للوطن، وهو مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتق الدولة الجزائرية، وحتى وإن كان هناك من الأفراد والجماعات من تحجّج من أن تجميد قانون تعميم اللغة العربية في وقت ما كان اضطراريا، فإنه من غير المنطقي ولا العمل الوطني الخالص الاستمرار في هذا الوضع اللغوي العالي، والتسليم به، والتنكر لما نصّت عليه المادة الثالثة في دستور الجمهورية، والسماح في ظل هذا الوضع الشاذ للوزيرة بن غبريت أن تقرر ما تشاء، ومتى تشاء دون حسيب أو رقيب بدء ب »أدرجة« المرحلة الأولى من التعليم بالجزائر، وانتهاء ب التمهيد لفرنسة هذا التعليم في مرحلته الجامعية عن طريق ما أسمته بتدابير »تعليم المصطلحات العلمية باللغة الفرنسية«، رغم أن هذا الأمر أكبر منها، ويقتضي العودة فيه للشعب الجزائري، والهيئات الرسمية الأعلى منها، وأهل الاختصاص. مصدر مطلع بوزارة التربية، وضالع في الشؤون التربوية كشف ل »صوت الأحرار« أن وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريت، التي اتهمت من سبقوها من الوزراء »بعدم الجُرأة « »هي وزيرة جانحة وبقوة نحو إحياء وإعادة بعث ما تخلفت لجنة بن زاغو عن إقراره أو تجسيده على أرض الواقع«، ومن بين الأمور الخطيرة التي كانت رفعتها لجنة بن زاغو، وكانت تسعى لتجسيدها على أرض الواقع في التعليمين الثانوي والمتوسط ما أسمته ب »تعليم التلاميذ مصطلحات المواد العلمية والتكنولوجية باللغة الفرنسية« لتحضيرهم وفق ما قالت الوزيرة اليوم «للدراسات الجامعية الملقنة بالفرنسية«. وقال مصدرنا: » السيدة بن غبريت إذن تسعى لتحقيق هدف مزدوج: الحيلولة دون السماح بتمكين التلاميذ من لغتهم التعليمية الوطنية التي هي اللغة العربية في السنوات الأولى من التعليم التحضيري والتعليم الابتدائي، وفي نفس الوقت الحيلولة دون السماح لهم بالدراسة بها في مرحلة التعليم الجامعي، بتهيئة الظروف لفرنستهم في مرحلة التعليم الجامعي عن طريق »حبكة تعليم المصطلحات العلمية والتكنولوجية بالفرنسية«، وهي بهذا »تقطع الطريق على التدريس بالغة العربية مرتين متتاليتين: الأولى في مرحلة التعليم التحضيري والابتدائي، التي تعنيها كقطاع، والثانية في مرحلة التعليم الجامعي التي هي موكولة رسميا لوزير آخر لا نعتقد أنه من طينتها«. وما يؤسف له أن إقرار هذين الأمرين هما من تدبير مجموعة تغريبية فرانكو شيوعية من بقايا مجموعة بن زاغو، وليس من إقرار المختصين والباحثين الأكاديميين البيداغوجيين التربويين الفعليين، ولا من أهل القطاع البالغ عددهم بكامل فئاتهم أزيد من نصف مليون فرد، وأكثر من هذا هما إجراءان يضربان في العمق اللغة العربية التي هي لغة التدريس، واللغة الوطنية والرسمية المنصوص عليها في المادة الثالثة الطويلة والعريضة في دستور الجمهورية. وما يراه مصدرنا أنه » كان لزاما على السيدة بن غبريت إن كانت فعلا تريد تقييم الإصلاح، أو إصلاح الإصلاح أن تستعين بالخبراء والباحثين الحقيقيين في التربية، وأن تُلزم نفسها بالعودة إلى أهل القطاع، لأن أهل مكة وفق ما يقال أدرى بشعابها، وإن رأت أنه من الضروري أن تطرح أي أمر بين أيديهم للبحث والدراسة والنقاش، فلتطرحه أمامهم في شفافية ووضوح مطلق، وأن تبتعد عن عقلية الإقرار ضمن الدوائر الضيقة، لأن أمر التعليم بأطواره الثلاثة، وبما يليه من تعليم جامعي هو أمر يهم أزيد من عشرة ملايين ولي تلميذ وطالب جامعي، وإن أضفنا لهم الأمهات فإن هذا الأمر يهم أزيد من عشرين مليون ولي وولية تلميذ وطالب جامعي«. مصدرنا يرى ونحن نرى أيضا أنه على بن غبريت أن لا تغترّ بالمجموعة التي هي في إسناد لها من قواعدها الخلفية غير الدستورية ، وغير القانونية، وأن لا تسمح لها بتشويه صورتها أو إعطاء انطباع سيء قد يمسّها في شخصها، وأولى الخطوات الواجب عليها القيام بها إن كانت فعلا تريد الخير للمنظومة التعليمية في الجزائر من أولى سنة تحضيري إلى أعلى سنة جامعي هو أن تسعى جاهدة صوب الهيئات الرسمية للدولة الجزائرية، وتقترح عليهم الشروع في إصلاح حقيقي للتعليم في الجزائر بكامل أطواره ) ومبادرتها حتى هنا تبقى مجرد اقتراح وزيرة، ولن ترقى إلى أكثر من ذلك(، ولن يُقبل منها هذا طبعا إلا إذا وضعت يدها في يد وزير التعليم العالي، ووزير التعليم والتكوين المهنيين، ووزير الداخلية، ووزير الشؤون الدينية، وهيئات رسمية أخرى، ويجب عليها وعلى غيرها ممن ذكرناهم أن يقوموا بتسليم أمر هذا الإصلاح الشامل، وبما فيه توحيد لغة التدريس، والبث في حال المواد المكونة للشخصية الوطنية إلى أعلى الهيئات الرسمية في البلاد، التي تختزل فيها دستوريا وقانونيا إرادة الشعب وهي رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى .