تحتفي اللغة العربية بيومها العالمي في وقت يتراجع استعمالها وتطغى اللغة الفرنسية على كل المعاملات في الإدارة والدبلوماسية والتجارة والتعليم، إلى درجة أن اللغة الوطنية أصبحت غريبة في عقر دارها وبين أهليها، وهذا ما يتجلى بوضوح في المحيط ، حيث غابت اللغة العربية من واجهات المحلات وسادتها كل اللغات الأجنبية، واذا كانت هناك اللغة العربية فهي مشوهة أو باللهجة العامية. إن الواقع يسجل تراجعا رهيبا في تعريب المحيط، فاللافتات والإعلانات تكتب بغير لغة الضاد، على مرأى السلطات، التي يقع على مسؤوليتها إلزام أصحاب المحلات والمؤسسات باستعمال اللغة العربية في اللافتات والإعلانات واللوحات، من منطلق احترام الدستور وقانون الجمهورية. ولعله من المفيد، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وفي خضم النقاش حول قضايا السياسة والاقتصاد، التذكير بأن هناك قضايا أخرى ذات أهمية وطنية قد أصبحت طي النسيان، من بين هذه القضايا المهملة، التي سيتهم من يفتحها أو يتحدث عنها بأنه خارج التاريخ، هناك مسألة اللغة العربية، المعتدى عليها، والتي هي أيضا في صلب مطالب الشعب، باعتبار أن اللغة هي الهوية وهي عنوان الشخصية الوطنية. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه، واللغة العربية تحتفي بيومها العالمي، هو أننا نعيش زمنا تتسع فيه الهوة بين لغات تموت ولغات أو لغة بالذات، هي الإنجليزية، تتحول إلى لغة امبراطورية، فماذا نحن فاعلون، ونحن نشهد تراجع اللغة العربية في جميع المجالات، في مقابل هيمنة لغة أجنبية. وليس خافيا على أحد أن الإصرار على نصرة الفرنسية في الجزائر المستقلة على حساب اللغة العربية، يعني تمكين فرنسا من كسب إحدى المعارك التي خسرتها في ثورة التحرير وتراجع الجزائر عن أحد المكاسب التي حققتها في كفاحها المجيد ضد الاستعمار بكل مظاهره. إن استمرار هذا الوضع غير الطبيعي لن يمكن بلادنا أن تسهم في المنتوج العلمي الانساني، ولن تسمح للإنسان الجزائري أن يبدع لا بالعربية ولا بالفرنسية ولا بالإنجليزية، ألا تؤسس سيطرة لغة أجنبية محددة لتحول الخلاف السياسي والاجتماعي إلى خلاف حضاري يحولنا إلى أكثر من شعب في البلد نفسه، مما يعني أن ما يجري هو محاولة خطيرة لزرع بذور نبتة سامة، تؤسس لأزمات هوية حادة. إن تجارب الأمم تؤكد بأنه يصعب على مواطن ياباني أو فرنسي أو ألماني أو حتى اسرائيلي أن يفهم كيف يمكن أن يولد أطفال لوالدين فرنسيين أو يابانيين أو ألمانيين أو اسرائيليين ينمون وينشأون في بلدهم ولا يتحدثون لغتهم الأم في البيت والمدرسة ولا يدرسون العلوم في بلدهم بلغتهم. كل الشعوب والدول التي ترفض إدارة الظهر للعولمة العلمية والتقنية والإقتصادية وتتفاعل معها إيجابيا، إنما تفعل ذلك بلغاتها هي، وتبقى اللغة الأجنبية لغة ثانية. إن المجتمع الذي لا ينجز ذلك في بلده بلغته لا يتفاعل مع العولمة في الواقع ولا يتطور معها بل يقلد ولا يبدع، من لا يتفاعل مع العولمة ولا يجاري التطور في الاقتصاد والعلم والفنون بلغته يبقى على هامش الحضارة الانسانية، بل أكثر من ذلك يحجب التطور عن لغته ذاتها. وكذلك هو الأمر في الولاياتالمتحدة وبريطانيا، حيث يتم التعليم والبحث والتدريس باللغة الأم، وهي اللغة الانكليزية، وعندما يستخدمها السكان لا يقلدون بذلك أحدا، إنها لغتهم، وفي الكيان الصهيوني توجد جامعات خاصة وأخرى رسمية، وكلها تدرس بالعبرية، وسميت الجامعة الأولى الجامعة العبرية وليس اليهودية أو الإسرائيلية، نسبة إلى اللغة والثقافة التي تريد إحياءها وتطويرها من خلال التدريس بها والبحث العلمي بواسطتها، فالعبرية بالنسبة لهم هي أداة بناء الأمة. لا أحد يستطيع أن ينفي أن التفتح على اللغات الحية ضرورة حيوية وحتمية علمية، لكن التفتح شيء والإعلان بالإذعان والتبعية للغة أجنبية شيء آخر. ولن نأتي بأي جديد، حين نؤكد بأن اللغة العربية هي إحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة ويتوزع متحدثوها في المنطقة العربية، بالإضافة إلى عديد المناطق الأخرى المجاورة، وهي من بين اللغات السبع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموا، فهي متفوقةً على الفرنسية، كما أنها ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن، وهي أيضا لغة شعائرية رئيسة لدى عدد من الكنائس في الوطن العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، فكان لها بالغ الأثر في اللغة والدين والأدب اليهودي. ولا اختلاف على أن اللغة العربية هي أكثر لغات الأرض مفردات وتراكيب،وهي لغة العلم والفن والعقل والروح. لقد بلغ الأمر قدرا من الاستفزاز، يثير القلق ويستدعي التفكير، فإذا كان الفرنسيون قلقين على مستقبل لغتهم، فماذا نصنع نحن، ألا يجب أن نقلق على لغتنا، المعتدى عليها والتي تتعرض للإهانة والازدراء. إن دولة القانون تضمن تطبيق الدستور، الذي من المؤكد أن المادة كذا منه ستبقى كما هي، لن تتغير، وهي تنص دوما على أن " العربية هي اللغة الوطنية والرسمية"، وها هي العربية، في يومها العالمي تريد حلا، يرفع التجميد عن قانون استعمالها، يصد عنها العدوان الذي تتعرض له ويعيد لها الاعتبار الذي تستحقه، فهل من مجيب؟ لأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي ينبغي الارتقاء باللغة العربية وحمايتها أكد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي أهمية الارتقاء باللغة العربية وحمايتها، باعتبارها إحدى اللغات الرئيسية في العالم وحامية التراث الثقافي والفكري العربي. دعا غالي حسب مانقلته مصادر إعلامية بمناسبة احتفال الأممالمتحدة من خلال منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة »اليونسكو« باليوم العالمي للغة العربية والذي يوافق 18 ديسمبر من كل سنة، الإعلاميين العرب ممن يتحدثون ويكتبون في وسائل الإعلام المختلفة، إلى أن يكونوا نموذجا يحتذي بهم للحفاظ على اللغة من محاولات تشويهها بمرادفات دخيلة عليها، وأن يتوازى مع ذلك ربط اللغة العربية بالتقدم والتطور العلمي أو التكنولوجي بحيث تكون حافزا لإرساء قاعدة علمية، وأيضا ربطها باللغات المختلفة والدراسات والأبحاث التقنية والعلمية مع الحفاظ على سلامة التراث العربي. وأكد غالي أهمية أن تكون المناهج الدراسية وكافة الإصدارات، على المستوى اللائق باللغة العربية، باعتبارها إحدى أقدم اللغات السامية وأكثرها تحدثا. وتحيي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" اليوم العالمي للغة العربية 2015 تحت شعار "اللغة العربية والعلوم"،لإبراز أهمية لغة الضاد ومكانتها في الحضارة البشرية ولإسهاماتها في التطور العلمي على مدى القرون. وكان المجلس التنفيذي لليونسكو قرر خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس في أكتوبر 2012, تكريس يوم 18 ديسمبر للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وجاء اختيار هذا التاريخ لأنه اليوم الذي أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها ولكل المنظمات الدولية المنضوية تحتها. اليونيسكو العربية ساهمت في حفظ المعارف ونقلها منذ العصور القديمة قالت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا في رسالة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للغة العربية إننا نحتفل باليوم العالمي للغة العربية تحت راية العلم والتواصل العلمي، موضحة أن الاحتفال يتيح إبراز الدور التاريخي للغة العربية في البحث العلمي ونشر المعرفة، وإبراز أهمية التعدد اللغوي للأوساط المعنية بالبحث العلمي في الوقت الحاضر« حيث يعد العلم ركنا من أركان الثقافة العربية مند البداية، ويبدو الشغف بالعلم جليا في النصوص العربية القديمة، إذ يتجلى فيها حب المعرفة والإطلاع والاكتشاف عن طريق الاهتمام بالكيمياء القديمة وعلم التنجيم والكيمياء السحرية في البداية ثم عن طريق الاهتمام بالعلوم الحديثة. وأضافت المديرة أن اللغة العربية سادت كلغة علمية دولية منذ العصور الوسطى وتبوأت في هذا المجال مكانة لم تسبقها إليها أية لغة أخرى، وساهمت في حفظ المعارف ونقلها منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، فضلا عن العلماء الذين كانوا يكتبون باللغة العربية ومنهم ابن سينا وابن رشد، وترجمت مؤلفاتهم الخالدة ونشرت في جميع أرجاء العالم". العربية في يومها العالمي عامر بغدادي يعتبر 18 ديسمبر من كل سنة يوما عالميا للغة العربية، ولكن عندنا لا أحد يسمع بذلك ولا يريدون الحديث عنه أصلا. لكن المعروف أنه في مثل هذا اليوم من سنة 1973 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية كلغة رسمية في أعمال المنظمة إلى جانب خمس لغات عالمية أخرى مرتبة حسب انتشارها وهي الانكليزية والصينية والاسبانية والروسية والفرنسية. وفي وقت لاحق اتخذ ذلك التاريخ يوما عالميا للاحتفال بلغة الضاد. لم تأت تلك الحظوة التي نالتها العربية في العالم المعاصر من فراغ بل تسندها أسس كثيرة. فالعربية تعد من أوسع اللغات انتشارا في العالم، حيث يتكلم بها كلغة أم ويستعملها حوالي 400 مليون نسمة، متجاوزة بذلك اللغتين الروسية والفرنسية، كما أن العربية هي اللغة الرسمية في 22 بلدا يشكلون منظمة جامعة الدول العربية. إلى جانب أن لها حضورا بارزا في أفريقيا جنوب الصحراء، ابتداء من السنغال وغامبيا غربا إلى الصومال وتنزانيا شرقا، مرورا بمالي والنيحر وتشاد، حيث تعتبر في هذا البلد لغة رسمية إلى جانب الفرنسية. فضلا عن ذلك تتواجد العربية بنسب مختلفة في البلدان التي تقيم بها جاليات عربية. وهي اليوم من أبرز اللغات التي تدار بها، على المستوى العالمي، شبكات تواصل اجتماعي وقنوات تلفزيونية وصحف دولية، ولو كانت منبوذة ومهجورة لما سمع بها أحد. كما أن العربية الحالية هي واحدة من بين أقدم اللغات ومن أبرزها حضورا عبر مسيرة الجنس البشري. فقد ظهرت أولى الكتابات بها، كما هو مثبت تاريخيا، في منتصف القرن التاسع قبل بدايات التقويم الميلادي، أي منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة خلت. وهي الوريثة المعاصرة لما يعرف في علم اللسانيات باللغات السامية التي تكلمت بها الأقوام التي استقرت في منطقة الشرق الأوسط. فضلا عن ذلك تعد العربية اللغة التي نزل بها الاسلام الديانة السماوية الثانية في العالم وبالتالي فهي لغة مقدسة لدى المسلمين، الذين يتجاوز عددهم اليوم المليار ونصف المليار نسمة، حيث بها تتم صلواتهم اليومية عبر الكون. كما يستخدمها ملايين المسيحيين في البلدان العربية بالمشرق في حياتهم الدينية بوصفها لغتهم الأم. ونظرا لحجم انتشارها في المجتمع ولأنها اللغة الأم للأغلبية العظمى من الجزائريين، تم الإقرار بالطابع الرسمي للغة العربية مع أوائل القرن الثامن عشر وتحديدا منذ سنة 1711 مع بدايات حكم الدايات خلال العهد العثماني، أي قبل أن تكون الفرنسية الحالية لغة رسمية في فرنسا بحوالي قرن من الزمان، واستمرت كذلك إلى أن احتلت فرنساالجزائر سنة 1830. بعد هذا التاريخ المشؤوم، بدأ التخطيط من قبل منظري الاستعمار لتهميش العربية وإقصائها لتصبح خلال الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين لغة أجنبية، مثلها مثل الإنكليزية والألمانية في التعليم حيث يتم الاختيار بينها وبين تلك اللغات الأوروبية في المدارس. وسعى قادة الاحتلال الفرنسي لتعويضها باللهجة العامية قصد القضاء التام على اللغة الفصحى من جهة ولتمكين الأوروبيين من معرفة العامية الجزائرية لاستخدامها في التعامل مع الجزائريين من جهة أخرى. تصدى الجزائريون المكافحون من أجل الاستقلال لتلك التوجهات الاستعمارية. وقادت الحركة الوطنية نضالات مريرة من أجل استعادة العربية لوجودها في المجتمع. ولذلك ارتبط الكفاح من أجل الاستقلال بالمطالبة بإعادة الاعتبار للعربية. وشكل الشعار الثلاثي التي رفعته جمعية العلماء المسلمين- الجزائر وطننا والإسلام ديننا والعربية لغتنا- خلاصة تلك المطالب. كما كانت المطالبة بإعادة ترسيم العربية وتدريسها في المدارس الرسمية بندا رئيسيا من ضمن المطالب التي رفعها حزب الشعب الجزائري وكذلك الحركة من أجل الانتصار للحريات الديمقراطية ومن بعدهما جبهة التحرير الوطني التي قادت الكفاح المسلح من أجل استرجاع السيادة الوطنية. واستجابة لتلك المطالب الوطنية، تم الإقرار بأن تكون العربية هي اللغة الوطنية والرسمية في الجزائر، أي أن تحتل المكانة اللائقة بها في المجتمع كلغة تواصل وعلم وعمل. وظهر ما يسمى حينئذ بالتعريب أي تحويل المعاملات الادارية ولغة التعليم من الفرنسية إلى العربية، والتي أولها البعض من المناهضين للعربية بأنها حملة تهدف لتعريب المجتمع الجزائري أي جعله عربيا وكأنه ليس ذلك هو واقع حاله أو على الأقل واقع حال الأغلبية العظمى فيه، وقادوا حملة موجهة ومركزة ضد العربية. بعد نصف قرن من استرجاع السيادة الوطنية ما تزال العربية تعاني من معوقات كثيرة. فلا هي أصبحت لغة العلم والعمل ولا صارت لغة التفكير والبحث. وظلت ليست فقط مهمشة ومقصية في ميادين التسيير الإداري والمالي والاقتصادي وكذا البحث العلمي، بل منبوذة في حياة المجتمع بالرغم من الجهود التي تبذل على مستوى المدرسة في أطوار الابتدائي والمتوسط والثانوي، حيث تظل لغة تلقي المعارف في تلك الأطوار من التعليم، لكن بمجرد انتقال المتلقي لها لمستويات تعليمية عليا حتى تنعدم العربية وتبقى محصورة في حقل العلوم الاجتماعية. وعندما يقطع التواصل المعرفي يقل الابداع بها وقد ينعدم، فتبدو العربية وكأنها عقيمة لا تلد وقاصرة لا تستوعب مدارك العصر. ولكن التقصير لا يرتبط بها لعلة في ذاتها ولكنه يعود على من حاربوها. ففي الواقع اليومي تخاض معارك متعددة ضدها وفي مختلف الميادين وتنعت بأنها لغة دخيلة ومتخلفة ولغة العقلية البدوية والمقابر، لآن بها تكتب شواهد القبور. وكانت آخر معركة شنت ضد العربية هي المحاولة الرامية لإقصائها من التعليم في السنتين الأولى والثانية ابتدائي، وكأنها لغة أجنبية وإحلال اللهجة العامية، وأي لهجة، بديلا عنها. لكن الموقف الشعبي المدافع عن العربية دفع بالذين يقفون وراء ذلك التوجه إلى التراجع مرحليا لكن لو يشعرون للحظة واحدة بأن الأمور تسير لصالحهم سيعودون ثانية لتطبيق نهج إقصاء العربية كما فعل المحتل الفرنسي تماما، بينما تظل الفرنسية، لغة وفكرا، هي السيدة بلا منازع وهذا بإرادة النخبة وليس بتوجه من غالبية المجتمع. إن الفرنسية هي لغة الإدارة والعلوم ولغة الصحافة والإعلام ولغة الاقتصاد والمال ولغة الدبلوماسية والخطابة ولغة النخبة. واليوم بعد نصف قرن من الاستقلال يوجد أكثر من أحد عشر مليون جزائري يستعملون الفرنسية في حياتهم كلغة تخاطب وعمل، مما يعني أنه تم فرنسة المجتمع بدلا من تعريبه كما كان يقول المناهضون للعربية، وهو ما لم تستطع فرنسا القيام به طيلة وجودها في الجزائر. لقد ابتليت هذه البلاد، دون سائر بلدان العالم، بنخبة فرنكوفونية معادية للعربية ومناهضة للعروبة والاسلام. تنطلق من موقف عقائدي يقف أتباعه في الخندق المعادي للعربية ولا يختلفون في ذلك عن منظري الأيديولوجية الاستعمارية الفرنسية، خلال حقبة الاحتلال بل أشد عداوة وأكثر حقدا. ونحن إذ نحيي اليوم العالمي للغة العربية نذكر، لعل الذكرى تنفع المؤمنين، بأن العربية في هذه البلاد لغة أصيلة ممتدة الجذور وارفة الأغصان وليست وافدة ولا مقطوعة الأوصال، لأنها بين أهلها وذويها. وهي اللغة الأم للغالبية العظمى من الجزائريين، لأن اللغة الأم هي اللغة التي ينشأ عليها الفرد في بيئته ويتعاطى بها في محيطه وهو يخطو خطواته الأولى في الحياة وليست أقدم لغة في تاريخ المنطقة التي يعيش فيها. والعربية على هذا الأساس ليست دخيلة حتى تعوض بالدارجة ولا هي عقيمة حتى يستعاض عنها بالفرنسية. ولعل وجود العربية كلغة رسمية في هيئة الأممالمتحدة من بين اللغات العالمية الأكثر حضورا والأوسع انتشارا في العالم لأبلغ دليل على سمو مكانتها في عالم العلم والعمل وفي ميادين البحث والتفكير. وهي فوق هذا وذاك مكسب تاريخي قوامه أربعة عشر قرنا من الزمان وليست مجرد غنيمة حرب دامت سبع سنوات ونصف. وهي حاملة لقيم دينية عالمية تحث على الأخوة والمحبة والمساواة والعدل والحرية وتحارب الشقاق والكره والظلم والجور والعبودية. وهي ركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع، الحافظة لوحدته والمرسخة لتجانسه. لذلك فإن فسح المجال للعمل باللغة العربية لتصبح لغة وظيفية كغيرها من اللغات الرسمية في العالم ولا تحجم على مستوى شواهد القبور وفي عناوين المراحيض العمومية، وتفعيل المؤسسات التي عهد لها بخدمة العربية وترقيتها كالمجلس الأعلى للغة العربية وأكاديمية اللغة العربية، وجعلها لغة فاعلة في محيطها متفاعلة معه ، كلها مهام ينبغي أن تنال الأولوية في الدولة الجزائرية. إن أحداث التاريخ تشهد أن تضحيات أسلافنا من أجل التمكين للغة العربية خلال الحقبة الاستعمارية كان جزءا لا يتجزأ من كفاحهم من أجل استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية. وعلى أجيال الجزائر المستقلة الوفاء لتلك التضحيات في سبيل الجزائر والعربية لأنها جزءا أصيلا من تاريخهم والضامن الأكبر لوحدتهم والعامل الأساسي لتماسكهم والمعبر الأبرز عن تطلعاتهم والحامل لقيم دينهم والمفصح عن عبقريتهم. المنتدى القومي العربي يحيي مبادرات الدفاع عن اللغة العربية في الجزائر سهام بلوصيف حيّى المنتدى القومي العربي كل المبادرات المتصلة بالدفاع عن اللغة العربية في الجزائر، ودعا إلى عقد ملتقى عربي جامع لبحث استراتيجية الدفاع عن لغة الضاد، مبرزا تصاعد المحاولات في أكثر من قطر عربي لوأدها. ثمن المنتدى القومي العربي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في اجتماع له عقده بلبنان، كل المبادرات المتصلة بالدفاع عن اللغة العربية في الجزائر، وقال إن »لغتنا العربية هي لغة حية، مبنية على قواعد علمية، قابلة للتطور، صالحة للآداب والعلوم على أنواعها والرياضيات والشعر والخطابة، مواكبة لتطور العصر، مضيفا أن »هذا ما حمل منظمة الأممالمتحدة على اعتمادها كإحدى اللغات الست المعترف بها رسمياً«. واعتبر المنتدى في بيان له تلقت »صوت الأحرار« نسخة منه أن اللغة العربية هي أهم عوامل الانتماء القومي العربي من المحيط إلى الخليج وهي أداة جمع للأمة وتوحيدها، مشيرا إلى تعرض لغة الضاد لمخاطر داخلية على حاضرها ومستقبلها تتعلق بعدم إعداد أساتذة اللغة العربية والتلامذة والطلاب في المدارس والمعاهد والجامعات، وعدم إيلاء اللغة العربية الاهتمام اللازم. ودق المنتدى ناقوس الخطر، حيث أوضح أن اللغة العربية تتعرض لمحاولات فرنسة التخاطب والخطاب كما في المغرب العربي وأنكلزته كما في الخليج والكثير من الدول العربية الأخرى. إضافة إلى السعي الممنهج لحمل الأجيال الصاعدة إلى هجر لغتهم الأم لصالح بدع ظهرت على الإنترنت كالتواصل الاجتماعي بالعربية بأحرف لاتينية وأرقام تحل مكان الحروف وغيرها. ومن هذا المنطلق، يرى المنتدى القومي العربي ضرورة الاهتمام الأكبر باللغة العربية بغية النهوض بها وجعلها من بين أهم اللغات الحية في العالم المعاصر، وكشف عن إنشاء منتدى اللغة العربية، وملتقى عربي للدفاع عن هذه اللغة ، وإقامة مباراة سنوية في »القواعد والتشكيل« في اليوم العالمي للغة العربية، من أجل الحفاظ عليها ورفعاً لشأنها بين الأمم واللغات خصوصاً مع تصاعد المحاولات في أكثر من قطر عربي لوأد هذه اللغة. وأوضح المنتدى القومي العربي أن اللغة العربية باتت من اللغات السبع الرئيسية في العالم والتي أقرت الأممالمتحدة منذ عام 2012 اعتبار يوم 18 ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية وهي اللغة التي بلغ عدد المتحدثين بها حوالي 433 مليون إنسان، والتي تعتبر اللغة الرسمية في العديد من أقطار الأمة.