حققت الحكومة هدفها في تسريع عصرنة الإدارة وتقريبها من المواطن الذي لمس الثورة التي أحدثتها مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتي أفضت إلى تقليص الوقت وتجنب عناء تكوين ملفات تحوي عشرات الوثائق الإدارية والقضاء على ممارسات مشينة ظلت لصيقة بالإدارة وأنهت بذلك كابوسا ظل يؤرق المواطن لسنوات طويلة، كما شهدت السنة المنقضية أيضا ثورة في مشاريع السكن، وخطوة عملاقة في طريق اجتثاث أزمة السكن. انتهت معاناة استخراج الوثائق الإدارية بالنسبة المواطن الذي ظل يشكو لعقود من الزمن من التباطؤ واللهث وراء »معريفة« لاستخراج شهادة ميلاد فقط فما بالك بجواز سفر أو بطاقة تعريف أو رخصة السياقة. فبعد القرارات القاضية بتحديث وعصرنة الإدارة، أصبح المواطن في أريحية تامة حيث يستطيع استخراج وثائقه الإدارية في دقائق معدودة، وعكست الزيارات التي قادت وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي حرصه على تسهيل الإجراءات الإدارية وتخفيف العبء على المواطنين. وتفاعلت الحكومة مع انشغالات المواطن ايجابيا، فأصدرت مرسوما تنفيذيا شهر جويلية الفارط يتضمن إعفاء المواطن من تقديم وثائق الحالة المدنية المتوفرة بالسجل الوطني الآلي للحالة المدنية قصد التخفيف من حجم الملفات والإجراءات الإدارية. وألزم هذا المرسوم الولايات و الدوائر و البلديات و الوزارات و الإدارات العمومية التابعة لها بعدم الاشتراط مستقبلا من المواطن تقديم وثائق الحالة المدنية مثل مستخرجات من عقود الميلاد و الزواج و الوفاة و ذلك بعد ربطها المباشر بالسجل الوطني الآلي للحالة المدنية التابع لوزارة الداخلية و الجماعات المحلية، و استفادت في مرحلة أولى من هذا الربط كل من وزارات التعليم العالي والتربية الوطنية و التكوين المهني. ولم تكتف الحكومة بذلك، بل قرّرت تحويل استخراج وثائق جواز السفر وبطاقة التعريف والبطاقات الرمادية لمصالح البلديات بعدما كانت تتكفل بها الدوائر. كما اتخذت الحكومة تدابير خاصة و لفائدة المرضى والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة لتفادي عناء التنقل إلى المقرات الإدارية، فاستحدثت وزارة الداخلية والجماعات المحلية لأول مرة فرق تقنية مجهزة بحقائب بيومترية متنقلة لتمكين هذه الفئات من بالقيام بإجراءات استخراج مختلف الوثائق الإدارية كأخذ البصمات والتوقيع الالكتروني وكذا الصورة الرقمية من مقرات سكناهم. ولتخفيف وتسهيل الإجراءات الإدارية لفائدة المواطن تقرر أيضا إلغاء شهادة الكفاءة في ملفات تجديد رخصة السياقة بالنسبة للمواطنين الراغبين في تجديد رخصة السياقة عند تغيير مقر إقامتهم من ولاية إلى أخرى. وشمل تحسين الخدمات العمومية وتقريب المرفق العمومي من المواطن جهاز العدالة أيضا حيث أصبح استخراج صحيفة السوابق العدلية رقم 3 و شهادة الجنسية عبر الإنترنت. واستفاد من هذه الخدمات التي جعلت من الجزائر في ريادة الدول الإفريقية والعربية في مجال استعمال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال في العدالة، أيضا أفراد الجالية الجزائرية المقيمين بالخارج من خلال تمكينهم من سحب صحيفة السوابق العدلية القسيمة 3 و شهادة الجنسية الجزائرية من الممثليات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية بالخارج تنفيذا لاتفاقية موقعة بين وزارتي العدل والشؤون الخارجية. و في نفس السياق، تم إنشاء مركز نداء و وضع رقم أخضر مجاني 10 78 تحت تصرف المواطن و المحامي و المحضر القضائي لطرح انشغالاتهم و من ثمة توجيههم. وعلى صعيد آخر، وتنفيذا لوعوده الانتخابية أقر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تقسيما اداريا جديدا بتاريخ 24 ماي الفارط تم استحداث بموجبه 10 مقاطعات إدارية جديدة بالجنوب. ويتعلق الأمر بمقاطعات تميمون وبرج باجي مختار بولاية ادرار وأولاد جلال ببسكرة وبني عباس ببشار وعين صالح وعين قزام بتمنراست وتقرت بورقلة وجانت بايليزي والمغير بالوادي والمنيعة بغرداية. وجاء هذا المشروع الجديد من أجل مكافحة البيروقراطية و تقريب الإدارة من المواطن وتحسين المرفق والإدارة العمومية. تبون يرفع التحدي حقق قطاع السكن في عهد عبد المجيد تبون ما لم يكن في الحسبان وما لم يتوقعه أحد. لقد تمكن الوزير من تحويل الحصول على سكن من حلم إلى حقيقة، وذلك بفضل سياسة تنويع آليات الحصول على سكن، من السكن الإجتماعي لذوي الدخل المحدود من المواطنين، إلى صيغة عدل، والسكن التساهمي لمتوسطي الدخل، إلى الترقوي العمومي لمرتفعي الدخل، إلى السكن الريفي بهدف وقف النزوح الريفي وتحفيز سكان الريف على الارتباط بالأرض والاشتغال في قطاع الفلاحة، إلى توزيع قطع أرضية للبناء الذاتي في الهضاب العليا والجنوب. لقد تعرضت السياسة التي اعتمدها وزير السكن والعمران والمدينة إلى حملة انتقادات من سماسرة العقار، بدعم واضح من سماسرة السياسة، الذين ظلوا يعتقدون أن فشل قطاع السكن يعتبر بمثابة الضربة القاضية للحكومة ولرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شخصيا. وقد واجه عبد المجيد تبون كل هؤلاء على صعيدين: الأول ميداني، من خلال المنجزات المسجلة، التي تشهد فعلا على تحقيق مكاسب ثمينة للشعب الجزائري، الثاني إعلامي، من خلال الرد في تصريحات إعلامية وندوات صحفية على المشككين. لقد عرفت الجزائر التي تطمح لأن تجعل من عاصمتها في القريب المنظور الأولى في إفريقيا من دون سكن قصديري تكثيفا غير مسبوق لعمليات الترحيل خلال 2015 وهذا بوتيرة قياسية منذ استقلال البلاد. وتيرة غير مسبوقة لعمليات الترحيل وقامت السلطات العمومية العازمة على القضاء على السكن الهش بتسريع البرنامج الضخم لإعادة الإسكان والذي تم إطلاقه في يوليو 2015 في مختلف أرجاء الوطن لاسيما في المدن الكبرى التي تنامت فيها هذه الظاهرة لسنوات، ووفقا لآخر التصريحات التي أدلى بها وزير السكن عبد المجيد تبون لوسائل الإعلام فإنه تم تنظيم 19 عملية ترحيل في العاصمة منذ إطلاق هذا البرنامج الذي يهدف إلى تحسين الإطار العام لمعيشة المواطن. ومست هذه العمليات 28 ألف عائلة أي ما يعادل 170 ألف ساكن عانوا من الظروف السيئة التي تشهدها هذه الأحياء القصديرية، وبعد الانتهاء من العمليتين المتبقيتين بداية 2016 ستعلن الجزائر أول عاصمة إفريقية وعربية خالية من السكنات القصديرية. كما ينتظر أن تستمر الجهود الرامية لتوفير السكن اللائق للمواطن عبر كامل التراب الوطني إلى غاية القضاء نهائيا على السكن القصديري في البلاد بنهاية 2017 حسب توقعات الوزير. ولبلوغ هذا الهدف تعول وزارة السكن على الرفع من وتيرة إنجاز المشاريع السكنية حيث تتوقع أن يبلغ عدد السكنات المسلمة بنهاية 2015 حوالي 350 ألف وحدة على المستوى الوطني. وينتظر أن يتم بلوغ هذا العدد الهائل من السكنات بالرغم من الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد التي تراجعت مداخيلها النفطية بحوالي النصف مقارنة بعام 2014. وفرضت هذه الوضعية المالية على الجزائر مراجعة سياستها للإنفاق العام لاسيما من خلال تأجيل بعض مشاريع التجهيز التي لم يتم بعد إطلاقها، غير أن برنامج قطاع السكن الذي يصنف ضمن أولويات الحكومة لم يكن معنيا بهذه التدابير الجديدة تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية. وفي سياق هذا الظرف الاقتصادي الخاص قررت وزارة السكن منع استخدام مواد البناء المستوردة على كل المرقين المكلفين بإنجاز مشاريع سكن ممولة كليا أو جزئيا من الخزينة العامة إذا كانت هذه المواد تصنع محليا بنفس النوعية. ولكن هناك شيء أكثر أهمية، إنه القضاء على حي الرملي، وهو أكبر حي قصديري في الجزائر العاصمة، وترحيل آلاف العائلات إلى مساكن لائقة، في مشهد هوليودي، يستحق أن يتحول إلى فيلم سينمائي، إن عملية الترحيل تلك، هي ثورة اجتماعية بكل معاني الكلمة، لا تقل عن الثورة الصناعية في أوروبا في القرن ال 19 عندما بدأت ألاف العائلات ترحل من الريف نحو المدينة بحثا عن العمل في الصناعة. دفع جديد لبرنامج سكنات البيع بالإيجار لقد سقط المشككون في سكنات عدل وسقط المشككون في الترقوي العمومي وبقي تبون ومنجزاته الباهرة تتحدث عن نفسها وعن صدقية الحكومة وبرنامج الرئيس بوتفليقة. إن تلك المنجزات والتحديات التي رفعها تبون تكفي وحدها بعد أن تقلص العجز في هذا المجال إلى 450 ألف وحدة مقابل 3 ملايين وحدة في بداية الألفية. وتميز عام 2015 أيضا بتلك الدفعة الجديدة التي تم إعطاؤها لبرنامج سكنات البيع بالإيجار الذي تشرف عليها الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره (عدل)، وكان البرنامج يرمي حين إطلاقه مطلع 2013 إلى انجاز 230 ألف وحدة خلال سنتين أي بغضون ديسمبر 2014 غير أن وكالة »عدل« لم تتمكن بهذا التاريخ من إطلاق سوى أقل من نصف هذا البرنامج. وأرجع مسؤولو القطاع هذه الوضعية إلى عدة صعوبات موضوعية وإلى غياب تنظيم فعال يتلاءم مع طبيعية الأهداف الطموحة لبرنامج البيع بالإيجار. واستدركت وكالة "عدل«"هذا التأخر من خلال إطلاق ما تبقى من مشاريع بفضل إعادة هيكلتها التي كرست مبدأ اللامركزية وحرية المبادرة على المستوى المحلي، وبالموازاة مع تقدم إنجاز المشاريع شرعت وكالة »عدل« في آخر المراحل المتعلقة بتوزيع السكنات في إطار صيغة البيع بالإيجار. وقام في هذا السياق مكتتبو 2001 و2002 بدفع الشطر الثاني من سعر السكن واختيار المواقع السكنية في حين ينتظر إن يستلموا قرارات التخصيص المسبق في 2016 وهو نفس المسار الذي اتبعه مكتتبو برنامج السكن الترقوي العمومي التي تشرف عليها المؤسسة الوطنية للترقية العقارية. وبغرض إضفاء المزيد من الفعالية والإنصاف قررت وزارة السكن تعزيز شفافية عملية توزيع سكنات »عدل« والترقوي العمومي من خلال اشتراط شهادة السلبية بعد مراقبة الأملاك العقارية التي تقوم بها مصالح الحفظ العقاري. وبخصوص المرافق العمومية تحت وصاية قطاع السكن تميز عام 2015 بتسليم ملعب 5 يوليو بالعاصمة بعد سنتين من الإصلاحات وكذا بالدفعة المصيرية التي أعطيت لورشة جامع الجزائر. تحدي 5 جويلية وجامع الجزائر ولوزارة السكن الفضل في إنجاز ملعب 5 جويلية بشكل ممتاز وتحويله إلى تحفة في ظرف قياسي، ولها الفضل في ارتفاع جامع الجزائر الكبير بوتيرة سريعة. إننا مطالبون بتثمين المنجزات، وأن نواجه كثيرا من الجزائريين الذين تعودوا بكل أسف على البحث عن السلبيات لتحطيم معنويات الرجال وتشويه المنجزات الوطنية وتشويه آداء الدولة في الخارج. إن عبد المجيد تبون استحق أن يكون وزير عام 2015، اعترافا للرجل بالمجهودات التي بذلها وبالمكتسبات التي حققها.