تركيا تقصف مواقع قوات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على مناطق في شمال سوريا، وفي هذا القصف إعلان صريح عن النوايا التركية، فأنقرة التي لم تخفها سيطرة داعش على مدينة عين العرب كوباني تحركت عسكريا لضرب القوات الكردية، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية التي سلحها ودربها الأمريكيون، وهم حلفاء تركيا. حجة الأتراك هي أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي حركة إرهابية، وأنه يساند حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة هو الآخر إرهابيا، وتعتقل زعيمه عبد الله أوجلان الذي حكم عليه بالسجن المؤبد وهو محبوس منذ سنة 1999، غير أن الحليف الأمريكي لتركيا لا يعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومنظمته العسكرية إرهابيين. القوائم التي تضم التنظيمات الإرهابية تبدو غير متجانسة، فكل دولة تلقي تهمة الإرهاب على الجهة التي تعتقد أنها معادية لها، أو يمكن أن تشكل خطرا على مصالحها، ومن هذا المنطلق تصبح جبهة النصرة، وهي فرع لتنظيم القاعدة منظمة غير إرهابية في نظر تركيا، بل وتصبح داعش، التي يدعي العالم بأسره أنه يحاربها، أقل إرهابا من قوات كردية حاربت داعش، لأن المصلحة التركية هي منع سيطرة الكرد على مناطق واسعة في شمال سوريا، والأهم من هذا هو الحيلولة دون قيام دولة للكرد في المنطقة، ولهذا السبب لم تجد تركيا أي حرج في غض الطرف عن سيطرة داعش على كوباني وسعت إلى قطع خطوط الإمداد الكردية التي كانت تريد الإسهام في تحريرها. السعودية أيضا تعتبر أن منظمة جيش الإسلام والنصرة ليست تنظيمات إرهابية، وهي تقدم الدعم بالمال والسلاح لهذه التنظيمات، في حين أنها تصنف جماعة الإخوان المسلمين إرهابيين، وتقدم قطر أيضا الدعم المالي والعسكري لتنظيمات تصنف على أنها إرهابية، لكنها تختلف مع السعودية بخصوص تصنيف الإخوان، في حين يصنف الروس كل التنظيمات الإسلامية المسلحة في سوريا كمنظمات إرهابية. الحروب والفوضى المنتشرة في الشرق الأوسط زادت في غموض مفهوم الإرهاب، وضربت مصداقية الدول التي تدعي مكافحة الإرهاب في مقتل، وقد كشفت المواجهات الدموية في سوريا والعراق واليمن وليبيا، أن كل المتورطين في هذه الحروب إرهابيون بدرجة ما، وأن لا أحد يتردد في استعمال الإرهاب لتحقيق مصالحه أو الدفاع عنها.