في سوريا حرب، وفيها أيضا تفجيرات تستهدف المدنيين، والمعارضة التي تتهم حكومة دمشق وحلفاءها بارتكاب جرائم حرب في حق المدنيين لا تجرؤ على التنديد بالتفجيرات التي تستهدف المدنيين كما حدث أمس في حمص وريف دمشق. الإعلام العربي الموالي للمعارضة يصف منطقة السيدة زينب بأنها مستوطنة إيرانية، والمعارضة تغض الطرف عن إعلان داعش مسؤوليته عن التفجير في السيدة زينب وتشير إلى مسؤولية النظام لأنه يريد أن يثبت أن في سوريا إرهاب، وأكثر من هذا يتم تبرير التفجيرات التي طالت المدنيين في حمص استهدفت منطقة تقطنها أغلبية موالية للنظام، وهو ما يمثل تبريرا لجريمة استهداف المدنيين. عندما تتحدث القنوات الخليجية عن الموالين للنظام فالذي تريده من المشاهد هو أن يفهم بأن هؤلاء شيعة أو علويون، وهذا يكفي لقتلهم، وعندما تتحدث عن تحول بلدة السيدة زينب في ريف دمشق إلى مستوطنة شيعية فهذا يعني أن قتل كل من يقيم هناك مبرر سلفا، بصرف النظر إن كان يحمل السلاح أم لا، وكل هذا يصب في النهاية في هدف واحد هو تأكيد الطابع الطائفي لكل الحروب التي تجري في المنطقة، وتقديم الأمر على أنه حرب سنة ضد شيعة، وهذا نوع من الحروب لا يقبل تسويات سياسية. هذا التجييش الطائفي الذي يصل إلى حد تبرير الجريمة ضد المدنيين هو في حقيقته مجرد غطاء على الرهانات الحقيقية للصراع القائم في المنطقة، والمغامرة التي أطلقتها بعض القوى الإقليمية في سوريا، خدمة للمصلحة الأمريكية، بدأت تنقلب عليها، والدماء التي سفكت في هذه السنوات حولت الطائفية من ذريعة إلى ثارات متراكمة ستجعل وقف إطلاق النار الذي يقول كيري إنه بات في المتناول إلى مجرد هدنة. هذا القتل العشوائي الذي يجري تبريره طائفيا سيقتل وحدة الكيانات في منطقة تعايشت فيها أعراق وديانات مختلفة عبر العصور، والتقسيم سيطال أيضا أولئك الذين حركوا الخيوط، وقد بدأت الآن تلتف حول رقابهم.