كانوا بالمئات يتوافدون على مطار هواري بومدين بعد قرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة القاضي بتسهيل كل الإجراءات لنقل مناصري الفريق الوطني إلى العاصمة السودانية الخرطوم استعدادا للمقابلة الفاصلة التي ستجمع الجزائر ومصر في ملعب أم درمان لافتكاك تأشيرة مونديال 2010، وفور وصولهم إلى الخرطوم تدعم أنصار الخضر بالفرق المناصرة إلى كانت متواجدة بالقاهرة والتي فعلت كل ما كان بوسعها من أجل حضور المقابلة، كلهم جزائريون، يحلمون العلم الوطني في كل مكان من أرجاء السودان، وبصوت حال صنعوا حدثا رياضيا مميزا جعل سكان هذه الأرض المضيافة التي احتضنت المقابلة يساندونهم ويرددون معهم تحيا الجزائر. منذ الساعة الأولى من يوم أول أمس الاثنين عرف مطار هواري بومدين حركة غير مألوفة، وعلى غير العادة اصطف العشرات من الشباب الجزائري المناصرين للفريق الوطني أمام وكالة شركة الخطوط الجوية الجزائرية التي كانت لم تفتح أبوابها، ليرتفع العدد ويتضاعف أكثر فأكثر خلال فترة النهار، شباب مفعم بروح الأمل والحيوية والوطنية التي ل يمكن ا تقهر، قرروا وبكل بساطة الاعتكاف بالمطار من اجل الحصول على تذكرة سفر التي حدد ثمنها في نهاية المطاف ب 20 ألف دينار جزائري والتنقل إلى الخرطوم لمناصرة الخضر, الأجواء كما في الشوارع والطرقات كانت مشحونة والمطار تحول إلى قاعة كبيرة لمناصري الخضر، الكل مجند والحماس يتدفق من عيون كل الناس، فحتى المسافرين الذين كانت وجهتهم مغايرة عن رحلة الخرطوم كانوا يساندون المناصرين ويحفونهم بدعوات من هنا ومن هناك وبشعارات لا تكاد تنقطع. في حدود الساعة التاسعة صباحا زاد قلق المناصرين خاصة وان وكالة الجوية الجزائرية فتحت أبوابها وصرح مسؤولوها أن التذاكر عير موجودة وأنهم في انتظار التعليمات من المديرية العامة، الضغط كان كبيرا على المناصرين وعمال الجوية الجزائرية، لكن الهتافات التي تعلي الجزائر لم تنقطع. شباب قدموا من كل حدب وصوب يرددن أحلى الشعارات، منهم من كان يملك المال لشراء تذكرة الطائرة ومنهم من لم يكن بحوزته فلسا واحدا، ناهيك عن شباب كانوا يسعون على جمع أموال في تلك اللحظة والمغادرة بأي ثمن إلى الخرطوم، فحلم مناصرة الخضر كان بمثابة بريق يرى في عيون كل أولئك الذين حضروا بقوة. تواصل الاحتفال بمطار هواري بومدين بنصر مرتقب على الفريق المصري، لتقرر الجوية الجزائرية في حدود الساعة الحادية عشر إرسال المناصرين على مت حافلتين إلى حي 5 جويلية بشوفالي لشراء تذاكر السفر من إحدى وكالاتها المتواجدة هناك، من المناصرين من غادر ومنهم من أبى وفضل الاعتصام بالمطار أملا في الحصول على تذكرة. الفريق الإعلامي بدوره كان متواجدا بعين المكان استعدادا للإقلاع نحو الخرطوم، وكغيره من مناصري الفريق الوطني كان يسعى على قدم وساق من أجل شراء تذكرة سفر، ساعات انتظار طويلة سبقت لحظة الانطلاق، لكن الجميع مجند من أجل الجزائر والكل يهون من أجل الفريق الوطني لأن هذا الصحفي يحمل بداخله مناصرا للجزائر ليس أكثر. في جو حماسي ومرح تفاعل كل عمال المطار بما فيهم موظفو الجوية الجزائرية مع المناصرين، الجميع تساوى أمام مونديال 2010 لأن الجزائر بحاجة إلى أبنائها، وطنيتهم أصبحت تنضح من على جبين كل فرد منهم، في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال كانت قضية التذاكر قد سويت بطريقة شبه نهائية وتهيأ الجميع لركوب الطائرة التي انطلقت بالتحديد في حدود الثانية زوالا توقيت الجزائر. ونحن نغادر مطار هواري بومدين كان الجميع يحيينا لنشعر في لحظة من الزمن أننا أبطال سيخوضون حربا ضروسا من اجل نصرة الجزائر، الدموع في عيون كل موظفي المطار والجوية الجزائرية، من أول مسؤول حتى أبسط موظف هناك، الكل يهتف تحيا الجزائر، ربي معاكم، جيبونا النصر، ردوا بالكم على أنفسكم وغيرها من دعوات الخير التي تقشعر لها الأبدان. شعارات وطنية ومناصرة الخضر على وقع زغاريد المضيفات رحلة المرح والحماس والفرح لم تنقطع بإقلاع الطائرة، بل بالعكس ازدادت شيئا فشيئا، حيث أن الكل على متن الطائرة يتلك عن ظروف المباراة التي جمعت الجزائر بمصر يوم السبت الفارط، كيف تم تحقيق تلك النتيجة التي يصفها الجميع بأنها غير عادلة، ظلم المصريين للمناصرين واللاعبين الجزائريين، الاعتداءات التي استهدفت الخضر بالقاهرة، حديث لا يكاد ينقطع عن لقاء اليوم الأربعاء الذي يعد حدثا مميزا وفاصلا في نظر كل الجزائريين، لأنه تجاوز حيز اللعب وأصبحت القضية مرتبطة برد الاعتبار إلى درجة أن عديد المناصرين كانوا يقولون غنهم لم يأتوا لمناصرة الفريق الوطني فحسب، بل جاؤوا أيضا من أجل الرد على الاعتداءات الصارخة والظلم الذي سلطه المصريون على الجزائريين. صوت المناصرين الذين انطلق من الجزائر انضم إليه صوت الجزائريين الذين عادوا من القاهرة نحو الجزائر العاصمة وقرروا في تلك الليلة أن يغادروا مجددا نحو السودان، والله لم أرى وجه أمي ووجدتها نائمة، قبلتها على جبينها وخرجت مهرولا من البيت لالتحق بزملائي ورفقائي لتغطية الحدث، كلمات رددها احد المصورين وهون يعج حماسا من أجل نصرة الجزائر. حتى قائد الطائرة كان ترحيبه مميزا بالمناصرين، المضيفات يزغردن وشعارات الشباب ترتفع هنا وهناك، حقيقة تلك الرحلة التي دامت خمس ساعات وعبرت فيها الطائرة أجواء عديد البلدان للوصول إلى الخرطوم مرت وكأنها لحظات، الجميع يروي قصص وروايات عن مغامرته في مصر والشعارات تتواصل، وان تو تري فيفا لالجيري، الجيش الشغب معاك يا سعدان، الجيش الشعب معاك يا سعدان والفرحة في السودان، يالصحافة يالصحافة يعطيكوم الصحة، رابحين وربي كبير، الجيش الشعب معاك يا سعدان والشبكة يا غزال وغيرها من الشعارات التي لا تنتهي. أباء وأمهات حثوا أبناءهم من أجل مناصرة الخضر في الخرطوم اذهب تناصر إخوانك الجزائريينبالخرطوم بكلهم أبنائي، هي عبارات رددها أحد المناصرين الشاب وهو على متن الطائرة نقلا عن والدته التي استأذنها من أجل السفر إلى السودان فما كان لها إلا أن حفزت ابنها على مناصرة الفريق الوطني، هو محمد أمين كوشيح شاب يبلغ من العمر 23 سنة ومتحصل على دبلوم في الصيدلة، جاء من الحراش بالعاصمة، هو لا يملك أموالا لكنه يحمل حبا جما للجزائر في قلبه وبين أضلعه، يكاد يحترق وينصر الجزائر ويهتف باسم الخضر، لم يتردد في التأكيد أن أبوه وأمه راضون عنه وشجعانه بكل قوة من اجل السفر ومناصرة الفريق الوطني. بوقرة وليد البلاغ من العمر 17 سنة والذي يصنف في حقيقة الأمر ضمن خانة القصر، وبالرغم من انه صغير إلا انه حبه للجزائر كبير، قرر التنقل على الخرطوم وبأي ثمن من اجل مناصرة الخضر والاحتفال بالفوز، وبدوره ابن عمه بوقرة فيصل البلاغ من العمر 18 سنة والذي يعمل مجارا بإحدى الورشات بالعاصمة، أكد أنه سيشجع الفريق الوطني بكل ما أوتي من قوة، وقال إن الجزائريين سيثارون لواقعة مصر، فريقنا قوي ونحن أكثر احترافية من غيرنا، الجميع ورغم نقص الإمكانيات ابدوا استعدادهم لمرافقة الخضر إلى أنغولا وجنوب إفريقيا. الأعلام الجزائرية تغزو الخرطوم والمناصرون يتوعدون كانت مدينة الخرطوم نقطة التقاء عدد كبير من مناصري الخضر، فمنهم من قدم من الجزائر ومنهم من قدم من القاهرة نحو الجزائرفالخرطوم، وهناك فريق من المناصرين والإعلاميين الذين تمكنوا بالتنسيق مع سفارة الجزائر بمصر من الانتقال مباشرة على الخرطوم، فنجد من حلق على متن طائرة مدنية ومنهم من لجا إلى طائرة عسكرية قامت بترحيلهم إلى السودان بعد أن نجوا من اعتداءات المصريين لا سيما بعد نهاية مقابلة السبت الفارط. الوصول إلى العاصمة الخرطوم كان في حدود الساعة التاسعة ليلا حسب التوقيت المحلي لهذا البلد علما أن فارق الوقت مع الجزائر مقدر بأقل من ساعتين، وبمجرد النزول في مطار الخرطوم وفي كل لحظة وحين، بل ومع كل خطوة هتافات الجزائريين تتعالى نصرة للفريق الوطني، كل السودانيين يرتقبون هذا الحدث المميز الذي جعل مدينتهم لا تنام باعتبار أنا استضافت المقابلة الفاصلة التي ستجمع الجزائر ومصر في لقاء مصيري من أجل الذهاب إلى المونديال. مناصرونا وفي كل مكان يرددون الأغاني الوطنية والشعارات التي تشعل نار الوطنية في الوجدان، يمر عشرون جزائريا أمام عينيك لترى مصريا واحدا من بعيد يمر مرور الكرام، مناصرو الخضر كانوا دبلوماسيين على درجة كبيرة واستطاعوا أن يكسبوا دعم وتأييد السودانيين الذين أصبحوا بدورهم مناصرين أوفياء للخضر.