سجل أمس الأطباء العامون، والأخصائيون، والصيادلة، وجراحو الأسنان وقفة احتجاجية كبيرة بمستشفى مصطفى باشا الجامعي في العاصمة، من أجل تحقيق مطالبهم، اعتبرت الأولى من نوعها، من حيث كثافة العدد،إذ شارك فيها حوالي 2000 ممارس من هؤلاء حسب تقديرات الدكتور يوسفي، جابوا في مسيرة رمزية، الساحة التي تتوسط المستشفى، وحاولوا الخروج لمسافة محدودة بمحاذاة جدار المستشفى، والدخول من جديد عبر المدخل الرئيسي، إلا أن قوات الشرطة لم تسمح بخروجهم، مما حتم عليهم العودة أدراجهم، وقد ناشدوا رئيس الجمهورية ، والوزير الأول التدخل لإنصافهم مثلما قالوا قبل تعفين الوضع. نظم أمس الأطباء العامون، والأخصائيون، والصيادلة، وجراحو الأسنان تجمعا حاشدا، بشهادة الجميع كان الأول من نوعه، من حيث عدد المشاركين فيه، وقد قدره الدكتور محمد يوسفي رئيس النقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية بحوالي 2000 مشارك من مختلف الأسلاك المذكورة، أغلبية الحضور فيه هم من العنصر النسوي، بحكم التواجد الكبير المتزايد للمرأة في قطاع الصحة. المحتجون جابوا المساحة التي تتوسط المستشفى، في مسيرة رمزية، حاولوا خلالها الخروج من الباب المحادي لفوّارة ساحة أول ماي، والعودة إلى المستشفى عن طريق المدخل الرئيسي، المقابل لشارع حسيبة بن بوعلي وهم يهتفون ، وقد منعتهم قوات الشرطة من ذلك، وحالت دون خروجهم من المستشفى، وبعد عودتهم إلى مكان الانطلاق، نددوا على لساني الدكتورين يوسفي ومرابط بالموقف السلبي اللا مبالي لوزارة الصحة والسلطات العمومية المعنية الأخرى من مطالبهم المرفوعة، التي هي مطالب مهنية اجتماعية مشروعة، تهدف في مجملها إلى تحسين الأجر الشهري، وضمان العيش الكريم للطبيب، والصيدلي، وجراح الأسنان، مثلما هو الحال في جميع البلدان وفي مقدمتها دول الجوار، وهو القول الذي رددوه في العديد من المناسبات، وكذا ضمان ظروف العمل الملائمة، عبر إشراكهم في كل القرارات المتعلقة بهم، وبقطاع الصحة العمومية الذي هم حماته، والمحافظون عليه مثلما قال الدكتوران يوسفي والياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية. هذا الحشد الضخم من ممارسي الصحة العمومية رفع شعارات عديدة، كتبت على اللافتات التي كانوا يحملونها بأيديهم، وكان الجميع يهتفون بأعلى أصواتهم بها وبغيرها، وهي كلها في محصلتها النهائية أظهرت حالة الغضب والتذمر التي بلغها هؤلاء، إزاء وصايتهم، وإزاء بقية السلطات العمومية المعنية الأخرى، التي يؤكدون في أنها لم تقيّمهم، ولم تلتفت إليهم بعين الجدية وروح المسؤولية المطلوبة، لا ، وهم في حالة إضراب مفتوح، مثلما هو الحال الآن، ولا في الأحوال العادية، التي يرون في أنها تجاهلتهم بالمطلق، ولم تسمع إلى ما يطالبون به، رغم أن مطالبهم كلها مطالب اجتماعية مهنية مشروعة، وتنفيذها لا يحتاج إلا لقرارات شجاعة، مسؤولة ومنصفة. وتوجه الدكتوران يوسفي ومرابط بانتقادات كبير إلى وزارة الصحة التي مثلما قالا، عوض أن تلجأ إلى فتح حوار حقيقي جاد ومسؤول مع الشركاء الاجتماعيين، والاستماع لمطالبهم وانشغالاتهم، راحت تتمادى في نظرتها الاحتقارية لممارسي الصحة من الأسلاك المذكورة سابقا، ولم تجد ما تفعله سوى الخصم من أجور المضربين التي هي أصلا في وضع مزر، ومخصومة بطبيعتها منذ خروجها من خزينة الدولة، وراحت تتفنن أيضا في ممارسة كافة الضغوط والتهديدات عليهم، وآخرها مثلما قال المسؤولان النقابيان، التعليمة التي وجهتها وزارة الصحة يوم 17 جانفي الجاري إلى مديريات الصحة الولائية، وطلبت منها تعليق بيان لكيان نقابي ميت، ادعى أنه نقابة، يحرض على بث البلبلة وكسر الإضراب الجاري، وهذا طبعا مثلما قالوا، هو هدف الوزارة أيضا والسلطات العمومية التي تقف خلفها أيضا، وفي هذا الشأن قال الدكتوران الياس مرابط : نحن ندين ونندد بهذا التصرف المشين، اللا أخلاقي، وسوف نراسل وزير العمل، والوزير الأول، ورئيس الجمهورية، ونبين لهم أن هذا التصرف وهذا السلوك من قبل وزارة الصحة، هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للنقابات، ومخالف لما نص عليه القانون 90/14 ، الذي يمنع صراحة أن تسخر الإدارة للتدخل في الشأن النقابي. وحذر الدكتوران يوسف ومرابط من تطور الأوضاع وبلوغ حالة التعفن مثلما قالا، ومن الآن برّآ نفسيهما وممارسي الصحة من أية انزلاقات خطيرة، قد تحصل لاحقا في حال استمرار موقف السلطات العمومية المعنية على ما هو عليه، خصوصا إذا علمنا أنهما هددا بالخروج إلى الشارع بالمآزر البيضاء، ولتضربهم السلطات العمومية إن شاءت بهراوات الشرطة. وبناء على هذا الوضع الذي يبدو أنه مُتّجه نحو القبضة الحديدية للطرفين، ناشد الدكتوران محمد يوسفي، والياس مرابط من جديد الوزير الأول أحمد أويحي، ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التدخل قبل فوات الأوان لإنصاف ممارسي الصحة في مطالبهم، وحماية الصحة العمومية، المهددة بالتضعضع والزوال التدريجي.