تجمّع أمس بمستشفى مصطفى باشا الجامعي في العاصمة الأطباء العامون والأخصائيون، والصيادلة، وجراحو الأسنان، احتجاجا على حالة الانسداد الحالية الحاصلة مع وزارة الصحة، التي يرون أنها أغلقت أبواب الحوار الحقيقي معهم، وتنكرت رفقة السلطات العمومية المعنية للمطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة، والوضعية بالقطاع مثلما قال الدكتور محمد يوسفي مفتوحة على كل الاحتمالات. للمرة الثالثة على التوالي يتجمّع أمس الأطباء العامون والأخصائيون، والصيادلة، وجراحو الأسنان بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، وقد هتفوا كعادتهم بشعارات منتقدة للوصاية والسلطات العمومية المعنية على السلوك المتبع إزاءهم وإزاء مطالبهم المهنية الاجتماعية المرفوعة ، ويأتي هذا التجمع في ظل أجواء المقاطعة المعلنة من قبل ممثلي هذه الشرائح العمالية مع وزارة الصحة، المتمثلة في مقاطعة جلسات الحوار، التي حرصت وزارة الصحة على تنظيمها مباشرة عقب وقف الإضراب الوطني الأخير. وقد رأت فيها النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، والنقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية مضيعة للوقت، ولا طائل من ورائها طالما أن جدول أعمالها لا يتضمن أهم المطالب المطروحة، وفي مقدمتها القانون الأساسي الخاص، ونظام المنح والتعويضات، اللذين يعول عليهما كافة ممارسي الصحة العمومية، وهذا ما لا تراه وزارة الصحة والسلطات العمومية الأخرى، التي تمانع بقوة في العودة إلى فتح أي حوار حول هذين الأمرين. ويبدو حسب المعلومات التي لم يُفصح عنها، أن هذا التشنج والرفض المتواصل لتلبية المطالب المهنية الاجتماعية في مختلف القطاعات ليست وليدة الرفض الذي تلوح به وزارة الصحة ونظيراتها من الوزارات الأخرى، وفي مقدمتها وزارات التربية الوطنية، التعليم العالي، والداخلية ، بل هو في أصله وفصله مثلما يقال، وليد الموقف الرسمي للوزارة الأولى، والسياسة المالية الرسمية التي حددتها الحكومة، والطاقم الفاعل فيها، وبناء على هذا الوضع ، فإن الوزير الأول أحمد أويحي ومن معه يرون في أن فتح أبواب حقيقية لزيادات حقيقية معتبرة في أجور عمال القطاع الصحي، سوف يتسبب وبشكل لا إرادي في إقرار زيادات حقيقية معتبرة لعمال كل القطاعات، وفي هذا مثلما يرون مخاطرة كبيرة بالمال العام ، الذي هو مال يأتي بالأساس من الريع البترولي للدولة الجزائرية، وغير متجدد بالضرورة بنفس المعايير، ونفس الأحجام، ولا يخضع إلى دورات اقتصادية منتجة. وهذه هي عقدة الحكومة، والدولة الجزائرية، وما هو حاصل اليوم أمام هذه الحكومة أنها تواجهُ تراكمات كبيرة من ذاتها، بحيث أنها تناست ومازالت حتى يومنا هذا تتناسى مسألة الزيادة الحقيقية الأتوماتيكية للأجور، وقد استمر الوضع على هذه الحال لسنوات عديدة، مع تسجيل الغياب المطلق لآليات وميكانيزمات قياس القدرة الشرائية للعامل والمواطن بشكل عام، التي هي في الأساس الاقتصادي تنبني على التوازن والتناسب الفعلي بين الأجور الممنوحة وواقع الحياة ،والأسعار السائدة فيها. وعلى هامش هذا التجمع، حذر الدكتور محمد يوسفي من جديد من مخاطر من أسماهم ب « اللوبيات المافياوية» في قطاع الصحة، الذين مثلما قال يمتد نفوذهم من العاصمة إلى تمنراست، وقد تجد شخصا واحدا نفوذه يمتد عبر كل هذه المسافة، في القطاع وفي التجهيزات. ومقرر مثلما أوضح الدكتور يوسفي أن ينظم تجمع وطني آخر بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بعد خمسة عشر يوما من الآن، وكل الاحتمالات واردة ، وغير مستبعد أن يدخل ممارسو الصحة العمومية في حركة احتجاجية جديدة، قريبا ن ضمن إطار كنفدرالية النقابات الجزائرية، بعد استكمال أرضية تأسيسها.