نظمت أمس نقابتا ممارسي، وأخصائيي الصحة العمومية تجمعا وطنيا احتجاجيا، بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، شارك فيه مئات الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان، وهم يحملون أوراقا كُتب عليها «القانون الخاص مرفوض»، وعلى سواعدهم شارات سوداء، ، حدادا على ما لقوه من السلطات العمومية، وانتهى التجمع بالتحرك داخل المستشفى في مسيرة رمزية صامتة، لغاية الباب الرئيسي المؤدي إلى ساحة أول ماي، أين كانت قوات الشرطة متمركزة بأعداد معتبرة، تحسبا لمنعهم من الخروج خرج جدران المستشفى، وهنا أكد الدكتور يوسفي محمد، والدكتور الياس مرابط على تمسكك الجميع بالمطالب، ومواصلة النضال النقابي من أجل تحقيقها. لم يستسلم الأطباء العامون والأخصائيون ، والصيادلة، وجراحو الأسنان إلى سياسة الأمر الواقع، التي اتبعتها إزاءهم السلطات العمومية، حين أجبرتهم بقوة الضغط ، والتهديد، واستخدام العدالة على وقف الإضراب، الذي اعتبرته إضرابا غير شرعي ويجب وقفه حالا، وقد أوقفته بعد أكثر من ثلاثة أشهر عن صدوره، وقد نظموا أمس ، بداية من الساعة الحادية عشر صباحا تجمعا وطنيا احتجاجيا بالساحة التي تتوسط مستشفى مصطفى باشا الجامعي في العاصمة، وقد كان كل واحد منهم يحمل بيده ورقة مستنسخة عن بعضها، كُتب عليها بالفرنسية«القانون الخاص مرفوض»، وعلى ساعده شارة سوداء تعبر عن حداد هذه الشرائح من سياسة الأمر الواقع التي تريد الحكومة، والسلطات العمومية المعنية الأخرى فرضها عن طريق التخويف والترهيب، والتهديد بالفصل النهائي من العمل، والخصم من الأجور، وعدم الاحتفاظ بأي اعتبار لهذه الشرائح التي يستمد منها المجتمع صحته وعافيته الجسدية والذهنية والنفسية، وتحرك المتجمّعون في مسيرة صامتة، جابت كامل المساحة التي تتوسط المصالح الطبية بالمستشفى، وانتهت عند المدخل الرئيسي المؤدي إلى ساحة أول ماي في العاصمة، أين كانت قوات الشرطة لهم بالمرصاد، وبأعداد معتبرة،من أجل منعهم من الخروج خارج أسوار المستشفى، ولأن ممارسي الصحة العمومية فضلوا أن تكون مسيرتهم هذه المرة صامتة، وهم من نخب الوطن الحقيقية، لها من التربية والتكوين ما يؤهلها للتعامل مع الشرطة بكامل الاحترام والتقدير ، فقد أعفوا الأعوان المصطفين خلف المدخل المشار إليه من مشقة الدخول معهم في مشادات جسمانية، وعمليات دفع، وفضّلوا الجلوس أرضا لمدة محددة من الزمن عبر هذا المخرج الرئيسي، وهم وكأنهم في حالة حداد حقيقي، وهذا عكس ما كانت تجري عليه التجمعات الوطنية السابقة، حيث كانت تُرفع فيها الشعارات والهتافات المنددة بالسلطات العمومية، والمحذرة من الأخطار التي تستهدف تكسير القطاع الصحي العمومي. وانتهت «جلسة الحداد هذه» مثلما أسماها أحدهم بتأكيد الدكتور يوسفي، والدكتور مرابط إصرار ممارسي الصحة العمومية على التمسك بالمطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة، ومواصلة النضال النقابي العمالي من أجل تحقيقها لكونها مثلما قالت جميع الجهات الرسمية والشخصيات الوطنية التي قابلوها، مطالب مشروعة، ولا غبار عليها، ومن ضمن هؤلاء جميعا وفق ما جاء على لساني القياديين الوطنيين المذكورين، عبد العزيز بلخادم أمين عام حزب الأفلان ، الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، مدير المنظمات والعلاقات العامة برئاسة الجمهورية، أحزاب الأفلان، حمس، الأرسيدي حزب العمال، ولجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان، ثم الكتل البرلمانية. الدكتوران المؤطران للتجمع، والمسيرة الصامتة، وجلسة الحداد، والشارات السوداء، أكدا من جديد أن تجميد الإضراب لا يعني إنهاءه كلية والتنصل منه، بل يمكن العودة إليه في أية لحظة، وأن التجمعات الاحتجاجية ستتواصل، وهي كلها أشكال احتجاجية قانونية ودستورية، ولن تتوقف مهما كان الثمن، كما أن ممارسي الصحة العمومية لن يغادروا القطاع العمومي، وسيدافعون عنه بكل الطرق القانونية المتاحة، ولن يسمحوا بكسره، وإفراغه من محتواه البشري الحقيقي، لأنهم هم الذين دافعوا عنه في الأيام والسنوات العصيبة، ومن تم لاحقّ لأحد بتهجير الممارسين في الصحة العمومية، وسيظلون على ما هم عليه رغم كل ما يحاك ضدهم وضد هذا القطاع، وقد تأسف الاثنان، ومعهما أحد الأطباء الأخصائيين المقتدرين للسياسة المتبعة من قبل السلطات العمومية، التي لم تسمح بسير الحركات الاحتجاجية في الأطر النظامية، وهو ما يطرح مخاطر انفجار الوضع، الذي قد لا يمكن التحكم فيه، بسبب كسر الأطر النظامية، التي هي في الأصل جزء لا يتجزأ من النظام والسلطة القائمة. هذا الطبيب الأخصائي اعتبر هذا الأمر في غاية الخطورة، وأدرجه ضمن العمل التهديمي، الذي يزيد من تعميق الهوة بين الشعب والدولة، ويظهر بالضرورة أوليغارشية خارج إطار الشعب، لها تفكير ومنطق تختلف فيه اختلافا جوهريا عن تفكير ومنطق الشعب. وحذر هذا الأخصائي من الانفصام الحاصل بين السلطات الحاكمة والشعب. وحسب يوسفي ومرابط ، فإن تنظيم تجمعات ومسيرات وأشكال احتجاجية مماثلة سوف يُلجأ إليها بتفويض من الجمعيات العامة للقواعد العمالية، عبر الوطن، ولن يتم التخلي عنها، إلا بتحقيق المطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة.