من يقرأ الصحف الجزائرية يخيل إليه أن أمريكا تخشى الجزائريين، وأنها تصر، من خلال المبعوثين الذين يتوافدون علينا، على إقناعنا بأننا أسأنا فهم قرار إدراج الجزائر ضمن قائمة الدول المصدرة للإرهاب والتي يجب أن يخضع مواطنوها لإجراءات أمنية مهينة، بل إن متابعة هذا الموضوع الممل أنستنا حقيقة أن هذه الإجراءات تطبق فعلا منذ شهرين، وأننا مشتبه بهم إلى أن تثبت براءتنا. سفير أمريكا هنا قال بأن وسائل الإعلام هي التي لم تنقل الحقيقة بخصوص القرار الأمريكي، وقبل هذا كنا سمعنا تصريحات من كاتبة الدولة هيلاري كلنتون تقول إن هذه الإجراءات يمكن أن تراجع في حال حدوث تغير في الوضع، لنجد من يقول أن الجزائر تلقت ضمانات بسحب اسمها من القائمة، مع أن أي مواطن عادي يعرف جيدا أن أمريكا لا تراجع قراراتها إلا عندما تقرر هي ذلك، ويكفي أن نذكر أن اسم نيلسون مانديلا بقي على قائمة سوداء أمريكية منذ أن كانت واشنطن حليفا قويا لنظام الأبارتايد البائد، ولم يفكر أحد في واشنطن أن يرفع اسم هذا المناضل الإنساني الكبير إلا قبل سنة من الآن، فأمريكا تضع القوائم لكنها تنسى تعديلها، سواء تغير الوضع أم لم يتغير، مع العلم أنها هي التي تحتكر حق تقييم الوضع. من الناحية العملية تطبعنا بالفعل مع الوضع القائم، فالإجراءات التمييزية تطبق على الرعايا الجزائريين المسافرين إلى أمريكا وفرنسا، وطوابير حجاج الشمال تطول يوما بعد يوم، ولن نفعل شيئا يمكن أن يؤثر على تلك الدول، وسنتعود على الإجراءات، كما تعودنا على قرار سابق كان قد أرغم الجزائريين على السفر عبر مطار شارل ديغول بدل أورلي، مع إجراءات أمنية مهينة. المسألة هنا لا تتعلق بالدولة فحسب، بل تتعلق بشعور شخصي بالكرامة، وللأسف الشديد فإن وسائل الإعلام، الجزائرية والأجنبية، لا تنقل قصص جزائريين ثاروا احتجاجا على المعاملة اللاإنسانية التي يتعرضون لها في بعض المطارات، وخاصة الفرنسية والأمريكية، بل على العكس من ذلك سمعنا بعضهم يعلق بكل جرأة بأن الإهانات التي نتعرض لها في بلدنا أشد مما نتعرض له في الخارج، وإذا كان هناك من يفاضل بين الإهانات ويحدد لنفسه أي نوع من الإذلال يمكن القبول به، فإن الدولة لن يكون بمقدورها فعل شيء أكثر من تقديم الاحتجاجات التي لا تقدم ولا تؤخر.