كانت مناسبة إحياء ذكرى 8 مارس، اليوم العالميّ للمرأة، فرصة طوال الأسبوع المنصرم لتذاكر مختلف القضايا المتعلّقة بالمرأة، سواء هنا أو عبر العالم، وما تمّ إنجازه بعد مرور 99 سنة على تدشين تلك الذكرى سنة 1911 عندما كانت نساء هذا البلد، وقتها، محرومات من التصويت وتعاني أشكالا من التمييز الدونيّ عن الرّجل. وعلى الرّغم من تجاوز العديد من العقبات وبلوغ الكثير من المكتسبات بالمقارنة لحياة الأمهات، تبقى الحقيقة السّاطعة أنّ مسافة أطول مازال على المرأة والرّجل أن يقطعاها معا لبلوغ المراد من تحرير المرأة. ليس من عادة بريطانيا أن تخصّص احتفالات ضخمة لأحياء يوم المرأة، على شاكلة ما تعرفه الكثير من البلدان السائرة في طريق النموّ، على الرّغم من أنّ مكتسبات المرأة فيها أكثر بكثير ممّا شهدته بلدان المهرجانات الإحتفاليّة. وقد تميّزت الإحتفالات بعيد المرأة باستعراض ما حقّقته المرأة، كفرد محليّا ودوليّا، عبر استعراض، من أردن، لتجاربهنّ و خبراتهنّ عبر بثّها مباشرة في بعض قنوات التلفزة، وخاصّة سكاي نيوز والقناة الرّابعة، أونشرها سواء عبر بعض الصحف المكتوبة، وخاصّة الغارديان، أوكثير من المواقع الخاصّة بالمناسبة على شبكة الإنتارنات. وأقصى ما تمّ التعبير عنه فيما يتعلّق بالإحتفال بعيد المرأة هو مطالب من عدّة أطراف بأن يُصبح يوم 8 مارس يوم عطلة وطنيّة للمرأة في المملكة المتّحدة. وحقّا، فكثير من المظالم والمهانات الذكوريّة زالت عن ذاكرة المرأة، وكثير من الممنوعات مثل التصويت والعمل في العديد من مواقع العمل والإلتحاق بصفوف الجامعة ولّت بدون رجعة. وعلى الرّغم من تلك الخطوات الكبيرة التي حقّقتها المرأة في اتجاه المساواة مع الرّجل طوال القرن الماضي فإنّ غالبيّة المناصب العليا، ومواقع التشريع، وسلطة القرار، مازالت حكرا على الرّجل. ومازالت أيضا بقايا، ليست بالقليلة، من رواسب العنف الرّجولي ضدّ المرأة. وقد رافق الإحتفال بذكرى يوم المرأة اهتمام واسع بمناسبة مرور 54 سنة على تأسيس لجنة الأمم المتّحدة المتعلّقة بوضعيّة المرأة عبر امعمورة. وقد عبّرت نساء بريطانيا عن مشاعر التعاطف والتضامن مع أخواتهنّ في الدّول السائرة في طريق النموّ المحرومات من حقوقهنّ الأساسيّة. يقلن ذلك وفي ذهنهنّ أنّ ثلثي المحرومين من المدرسة عبر العالم هم بنات. وأنّ من بين ال 876 مليون فرد بالغ يعاني الأميّة عبر العالم، فإنّ 75 في المئة منهم هم نساء. وأنّ النساء يتلقين 10 في المئة فقط من المداخيل المحصّلة عالميّا في حين أنّ حصّتهنّ من ساعات العمل تصل إلى الثلثين. كما تحتلّ المرأة أقلّ من 14 في المئة من المقاعد في البرلمانات عبر العالم. ولم تنس النساء هنا أن تتذكّر النساء اللاتي تعانين وبناتهنّ على جبهات القتال أويذهبن ضحيّة مختلف أشكال العنف والتهميش والإهانة. ويشكّل العنف الذي تتعرّض له المرأة في المنزل عبر العالم أكبر سبب من الأسباب التي تؤدّي إمّا لإصابتهنّ بجروح أو وفاتهنّ. في هذا الإطار، لا تتوان الأحزاب الكبرى من التأكيد على التزامها بأنّ حصّة المساعدة للدّول الفقيرة لن يتمّ التراجع عنه في ميزانياتها، في حالة الفوز بالأغلبيّة، كما يؤكّد زعمؤها حرصهم على تفضيل تخصيص تلك المساعدات مباشرة لبرامج تنجزها النساء. وأهمّ تقدّم حقّقته المرأة هنا كان على مستوى الإلتحاق بسوق العمل، حيث وصل عدد العاملات اليوم في بريطانيا إلى 12 مليون امرأة. غير أنّ المرأة العالمة هنا مازالت تتلقى أجرا أقلّ من الرّجل على أداء نفس العمل ولنفس الساعات، حيث يصل معدّل الفارق إلى 30 في المئة. كما أنّ المرأة تتلقّى مقابلا للتقاعد يقلّ بالثلث عن الرّجل. هذا، بالإضافة إلى أنّ أعباء العمل المنزليّ وتربية الأبناء، في غالب الإحوال، تبقى تقع على كاهل المرأة وحدها على الرّغم من اشتغالها، مثل الرجل، خارج البيت. واهتمّت الصحافة كثيرا بإبراز دور المرأة الرائدة في إنجاز المشاريع الناجحة، حيث أنّ الشركات التي تملكها نساء تُساهم في ضخ قرابة 60 مليار جنيه استرليني لفائدة الإقتصاد البريطانيّ. وهناك إجماع بين علماء الإدارة أنّ المرأة المتعلّمة والمتكوّنة، أحيانا كثيرة أحسن من الرّجل، عندها ما تمنحه من حيث طريقتها الخّاصة في العمل وبما لديها من أفق متميّز عن الرّجل. كما أنّها أكثر احتياطا في تقدير مخاطر المشروع وأكثر حذرا من الرّجل في المجازفة. ولكنّ تقرير الشركات المئة المالية الكبرى في بريطانيا، لسنة 2008، يقول أنّ النساء يشغلن قرابة 12 في المئة فقط من المناصب العليا ضمن هذه الشركات. غير أن النقطة السّوداء في واقع المرأة في المملكة المتّحدة تبقى بدون نزاع تعرّضها لمختلف أصناف العنف والتي تبلغ ثلاثة ملايين حالة سنويا، بما فيها الإعتداء داخل البيت، والإغتصاب، والمتاجرة بعرضهنّ، والقتل بحجّة "الشرف" وغيرها. ولم يخف على أحد حجم العنف الذي تذهب المرأة ضحيّة له في هذا البلد. فقد أكّدت دراسات لجمعيّة: "المساعدة العمليّة" التي تنشط لمحاربة العنف ضدّ المرأة، أنّ هذا الداء عامل أساسي في محيط الفقراء ومصدر لانتشار وباء الإيدز. وتقول الجمعيّة أنّ تكلفة العنف ضدّ المرأة في بريطانيا يصل إلى 40 مليار جنيه استرلينيّ سنويّا. ويشهد سوني هندل، أحد الباحثين البارزين في شؤون المرأة المستضعفة محليّا ودوليا، أنّ العنف بين نساء الجاليات الآسيويّة ظاهرة لا يخفى انتشارها على أحد، حيث أنّ تلك المجتمعات لها ثقافة راسخة في تفضيل الرّجل على المرأة وفي التّسامح مع ما يصدر عن الرّجل من إهانة للنّساء. ومن الملاحظ أنّ التركيز على العنف ضد المرأة يحوم خصوصا حول ختان النساء، وهو تقليد أكثر انتشارا بين النساء الوافدات من بلدان إسلاميّة، خاصّة منها المتواجدة بشمال شرقي إفريقيا. وتقول آخر الإحصائيات التي أوردتها، تيريزا ماي، إحدى القياديات في حزب المحافظين والتي شغلت وزيرة النساء في حكومة الظل، بأنّ 77 ألف امرأة وشابّة تعرّضن للختان في المملكة المتّحدة وأنّ قرابة 24 ألف شابّة مهدّدة بذلك. ويحلو أيضا للصّحافة أن تتكلّم كثيرا عن ظاهرة الإكراه بالزواج المنتشر بين الوافدات من بلدان آسيا. وتذكر تيريزا ماي بهذا الصدد أنّ "خليّة الزواج بالإكراه" التي أنشأتها الدولة لتلقّي شكاوي ضحايا هذه الظاهرة، استقبلت 5 آلاف مكالمة، سنة 2008. ويدعو سوني هندل إلى تشديد العقوبة على من يمارس إكراه بناته على زواجٍ لا ترغبن فيه. ولكنّه يلاحظ أنّ الإعلام ورجال السياسة لا يولون نفس التشهير بممارسات النّساء البيض، لأشكال من العنف المؤكّدة ضد المرأة، كما تغيب الإدانة الواسعة لما يتعرّض له النساء من عنف في المؤسّسات المدرّسميّة مثل المدارس. وكانت الحكومة، منذ نوفمبر الماضي، قد وضعت استراتيجيّة متعدّدة الأبعاد لمحاربة مختلف أشكال العنف تلك، خاصّة باتباع طرق وقائيّة تتجّه ضدّ من يتسامح أو يُغذّي هذا الدّاء. كما يشمل البرنامج جانبا دوليّا تلتزم فيه الحكومة بلعب دورها على صعيد دوليّ. وهو البرنامج الذي يعيب عليه المختصّون غياب التنسيق بين مختلف المؤّسّسات والوزارات المعنية، التربية والتعليم والداخليّة والعدالة، وضعف الإعتمادات المالية المخصّصة له. وفي هذا الشأن، يعد المحافظون بتعزيز شبكة المساعدة للمرأة خلال فترة ما بعد الإنجاب التي تبيّن أنّ العنف عادة ما يبدأ أثناءها، كما وعدوا بوقف التسريح المبكّر لمرتكبي العنف ضد المرأة والذي يتمّ الآن، حسب القانون، دون تقدير خطر الرجوع لارتكاب نفس الجريمة. يشهد التاريخ إذن، أنّ هناك تطورا مطّردا في تحقيق المرأة جملة من المطالب وبلوغ مجموعة من الأهداف بدءا من المشاركة في العمليّة السياسيّة، إلى الألتحاق بمختلف أصناف ومستويات التعليم والتكوين إلى الوصول لمختلف مناصب العمل وبلوغ بعض المواقع بين صفوف النخب الحاكمة. وترى الأدبيات الإنجليزية المتعلّقة بالحركة النسويّة، أنّ المشاركة في الإنتخابات كان، مبكّرا، هو المطلب الرئيسيّ اعتقادا بأنّه السبيل لتحرير المرأة. وتلك كانت الموجة الأولى من مسيرة حركات المطالبة بالمساواة بين المرأة والرّجل. وبعد أن تأكّد الحقّ في التصويت للمرأة على مستوى عالميّ، قبيل منتصف القرن الماضي، تبيّن أن هذا الحقّ السياسيّ والقانونيّ ليس كاف في حدّ ذاته لحلّ إشكاليّة حريّة المرأة ومساواتها. وبالفعل، فمنذ أن تمّ إقرار حقّ المرأة في التصويت، ولمدّة ثمانين سنة، فإن مجلس العموم البريطانيّ لم يصل إلى بلوغ نسبة 20 في المئة من التمثيل النسويّ. ومنذ سنة 1918، تاريخ منح المرأة حق التصويت، تمّ انتخاب 4559 رجل في البرلمان مقابل 291 امرأة. وهكذا، جاءت الموجة الثانية من المطالب على إثر نشر كتاب بيتي فريدنز سنة 1963: "التصوّف النسويّ" الذي دشّن نقد الدّور الضيق المنوط بالمرأة وحصر نشاطها في العمل المنزلي وتربية الأطفال. وأصبحت قضيّة المرأة، منذئذ، ليست مرتبطة بالترقية السياسيّة فحسب بل بتحرير المرأة ممّا يوصف بتسلّط الرّجل وسيادة الذكورية. ويرتبط بهذا الفهم، المسعى لتغيير جذريّ في العقليّات والمسلّمات المتعلّقة بتقسيم العمل بين الرّجل والمرأة داخل البيت وخارجه. أمّا الموجة الجديدة للحركة النسويّة فتتوجّه بالنقد للواقع الرّاهن للمرأة. حيث تمكّنت من التحصيل المعرفي والتأهيل لللإرتقاء لمختلف مناصب العمل ولكنّ وضعها في سوق العمل بقي دونيّا بالمقارنة للرّجل حيث تتلقّى أجرا أقلّ من أجر الرّجل، وتتتولّى مناصب عمل استصغاريّة، وكثيرا ما لا تنال سوى منصب عمل غير دائم. كما أنّ المرأة فقدت تحكّمها في جسدها الذي أصبح خاضعا لقيم ما يسمّى بالجمال وخصال الأنوثة يفرضها الإشهار ووسائل الإعلام ومنتجات السّوق سواء كانت حليا أوحلى أو مساحيق تجميل أوتصفيف. أمّا فيما يتعلّق بطبيعة الحركة النّسويّة ذاتها، فقد مرّت ذكرى أول مارس هذه السنة وقد فقدت، مقارنة بأشدّ فترات صخبها العالمي في السبعينات، المزيد من جاذبيتها لدى البنات من الجيل الحالي، اللاتي أصبحن، حسب آخر ثلاثة كتب عن مسيرة الحركة النسويّة، يفكّرن في ذواتهنّ فقط كعارضات لتلبية رضا الرّجل، وخاضعات لقوالب الإستهلاك، لا غير. كما تنوّعت مشارب الحركة النسويّة أكثر فأكثر، وإن بقي الهدف البعيد مشتركا. وتعدّدت فرق الحركة وتشعّبت الإختلافات فيما بينها سواء فيما يتعلّق بسبل بلوغ تلك الأهداف أو حتّى مدلولها على الواقع. وأهمّ سبب لذلك التشرذم هو ظهور العديد من القضايا الجديدة ضمن انشغالات المرأة، ومن بينها حريّة الإجهاض، وتصنيف الدّعارة كمهنة، والعلاقات السحاقيّة، ووضعيّة الأم العازبة، وانتشار المجلات الإباحيّة... وآخر نموذج لمثل تلك القضايا، كان موضوع نقاش حلقة أوّل أمس من برنامج: "الأسئلة الهامّة" للبي بي سي 1 والمخصّص لرصد مواقف الأديان من القضايا الرّاهنة، حيث كان السؤال المطروح حول جدوى وجود رجل يعيش مع الأطفال الذين تتولّى أمّهاتهنّ تربيتهم وحدهنّ، عادة، منذ ولادتهم. وهو الوضع الذي قد ينشأ لدى تولّي الزوجين المثليين، أيّ المرأتين أو الرجلين المتزوّجين من بعضعها زواجا قانونيّا هنا، تبنّي ولد أو بنت أو تولّي تربيتهم. وهكذا وصل التنوّع في أنصار الحركة النسويّة لدرجات شديدة التنوّع تراوحت بين التراجع إلى مطالب شديدة المحافظة تمجّد عودة المرأة للبيت وبين اتجاهات تطرّف جديدة، أمججها تلك الإباحيّة. فظهرت حركات نسويّة جديدة منها الحركة النسويّة للسوداوات والحركة النسويّة للمسلمات والحركة النسويّة لما بعد الحداثة والحركة النسويّة للأصوليات (مسلمات أو مسيحيات) وحركة الرّجال المطالبين بمساواتهم بالمرأة، والحركة النسويّة للسّحاقيات، وغيرها. ونذكر هنا، على سبيل المثال، أنّ تلك الحركة التي يطالب فيها الرّجال بالمساوات مع المرأة يُقصد بها مطالب أولئك الذين يرون أنّهم ضحايا للإمتيازات التي تحظى بها المرأة على حسابهم، مثل آباء الأطفال في حالة الطلاق، أو الفوائد التي تحصل عليها المرأة من ثروة الزوج لدى الطلاق، أو تأثير تفضيل المرأة على الرجل في الحصول على مواقع عمل. وقد ذهب بعض الباحثين أنّ بعض تلك الإمتيازات قد خلقت انعكافا سلبيا وانهزاميّة بين الرّجال جعلت بعضهم يعانون عجزا نفسيّا عن الوقوف ندّا للمرأة. وتُسجلّ الإحصائيات غيابا كبيرا للنساء من مختلف الجاليات الإثنية، الوافدة إلى المملكة المتّحدة، في مواقع العمل، وبالأخص، في مواقع إصدار القرار سواء في القطاع العمومي أو الخاص أو المجتمع المدنيّ. وحسب "جمعيّة فاوسات" المدافعة عن حقوق المرأة، وضمن دراسة لها عن مكانة النساء من هذه الأقلّيات، فإنّ هناك امرأتان فقط منهنّ بين 646 نائب في البرلمان، كما أنّ هناك امرأة واحدة من هذه الجاليات تشغل منصبا في هرم القضاء، وامرأة واحدة مديرة بشركة من الشركات المالية الكبرى المئة، وليس هناك امرأة واحدة مسؤولة بأيّ من الجمعيات الخمسين التي تحظى بأعلى تمويل. أكثر من هذا، انّ أرقام المركز الوطنيّ للأحصاء تقول أنّ الإثنيّة والأصل العرقيّ تُشكّل عوائق للتّرقية، مع معاناة النساء بشكل خاص مقارنة بمثيلتهنّ من البيض. وتقول خلاصاتها أنّ هذا العائق يكاد يستحيل تجاوزه في المستقبل المنظور. وفي رأي إحدى المُسْلِمات الدّاعيات لتأصيل حقوق المرأة المسلمة، والتي تصنّف نفسها ضمن الحركة النسويّة الإسلاميّة، فإنّ هناك مُسَلّمات أساسيّة بالنسّبة لها كمسلمة تناضل ضمن الحركة النسويّة، هي: أولا: أنّ واقع المرأة المسلمة لا يتوافق مع نظرة الإسلام لها، حيث أنّ القرآن الكريم ينصر المرأة، ولكّن تطبيقات مبادئه لا ترق لِمَا بشَّر به لأنّ تأويلاته عادة ما تخضع للثقافات، والتّاريخ، ومقتضى الحال، وخاصّة للتّقسيم القائم في علاقات القوّة. وتذكر أنّ في بريطانيا، على سبيل المثال، توجد بين الجالية المسلمة ممارسات مثل إكراه الفتاة المسلمة على الزواج، وقتل المرأة بحجّة حفظ الشّرف، وختان الأنثى. ولكّل من هذه الممارسات تبريرات باسم الإسلام. وهنا تلوم إحجام الفقهاء عن التّصريح برأيهم في هذه المسائل، وغياب مبادرتهم بالفعل للحدّ من هذه الممارسات. وثانيا: أنّ المسلمين منجذبين للماضي كثيرا. وعادة ما يشيرون إلى مواقف السيدة خديجة، للتّدليل على تقدميّة الإسلام. ولكنّ، تقول، ماذا عمّا جرى خلال الألف سنة التالية؟ حيث لابدّ أنّ يكون هناك نساء مسلمات تحدّين، مثلما فعلت السيّدة خديجة، تلك النظرة السائدة عن المرأة واقترحن حلولا تكون صالحة للمرأة اليوم. وتتساءل: لماذا لا تُقلّد النّساء المسلمات اليوم تلك الرّائدات الأخريات؟ ثالثا: أنّ المسلمين يعانون من سوء فهم للعلاقة بين الجنس والممارسة الإجتماعيّة. وهنا تُوَضّح بأنّ الحركة النسويّة تُميّز بين الطبيعة البيولوجيّة للجنس بين الرجل والمرأة، من جهة، ودور كلّ منها في رعاية وتربية الأطفال والقيام بالعمل المنزلي وممارسة وظيفة خارج البيت، من جهة أخرى. وفي رأيها أنّ الإسلام يُعطي أولويّة لدور المرأة في تربية الإطفال، ولكنّها لا ترى مبرّرا لتردّد الرّجال في القيام بالعمل المنزلي وإحجامهم عن مساعدة المرأة حتى ولو كانت تعمل مثلهم خارج البيت. وتتساءل: لماذا لا يُدرك الرّجل أنّ تحرير المرأة لا يتأتّى إذا كانت المرأة تعمل خارج البيت والرّجل يمتنع عن المشاركة في العمل المنزليّ. رابعا: أنّ الرّجل المسلم منشغل بوضع المرأة. ولكنّه، في منظور الحركة النسويّة، مطالب بالعمل على تحقيق المساوات بينه وبين المرأة لأنّه معني بضعف مكانتها في المجتمع. فلماذا لا يتطرّق المسلم إلى واقع المرأة المسلمة ويعمل على تغييره. خلاصة قولها: أنّ المسلم يجب أن يكون نشطا في تكريس المساواة بينه وبين المرأة المسلمة وفي مقاومة كلّ أشكال قمع المرأة المسلمة. ويرى سوني هندل أنّه من الأفضل أن تصمد المدافعات عن حقوق المرأة في تكرار الصيحات حيثما كان هناك هدر لحقوق المرأة، فذلك هو الأسلوب الوحيد الذي سيفرض مسار التغيير في السلوكات ويُجبر النّاس على تقدير الحجم الحقيقي لمعاناة المرأة. ويدعو: "لتوحّد الرّجال والنّساء للإقرار بوجود هذا المشكل وبأنّ سلوكاتنا، إن لم تتغيّر، هي التي تسمح باستمراره."