رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: مجزرة بيت لاهيا إمعان في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ونتيجة للفيتو الأمريكي    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    توقرت: 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة الجزائرية "علامة" مميزة
نشر في المشوار السياسي يوم 13 - 03 - 2010

الجزائريات يفرضن وجودهن على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
يحتفل العالم يوم 8 مارس من كل سنة باليوم العالمي للمرأة وهي مناسبة تحتفل بها النساء في كامل أنحاء العالم لإيصال صوت المرأة إلى ابعد الحدود، كما تعتبر المناسبة فرصة لإبراز أوضاع المرأة عبر العالم ومستوى التقدم الذي أحرزته عن طريق تعزيز مكاسبها المشروعة في هذا اليوم، حيث يحتفل عالميا بالانجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي حققها الجنس اللطيف في الكثير من المناسبات، كما يحصلن النساء في بعض الدول على إجازة في هذا اليوم.
المناسبة .. قصة لكفاح المرأة عبر العالم
الاحتفال بعيد المرأة دوليا جاء على اثر سلسلة من المراحل تجاوزتها المرأة عبر السنين، والمناسبة قصة للمرأة العادية صانعة التاريخ، هذه القصة التي يعود أصلها وتاريخها إلى نضال المرأة وتحدياتها على امتداد القرون من اجل المشاركة في المجتمع، ففي سنة 1857 خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية، كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا بعد سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية، وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورود" وطالبت النساء في المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
وشكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وكان اسم تلك الحركة "سوفراجيستس" وتعود جذورها النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من اجل انتزاع حق الأمريكيين السود في الحرية والانعتاق من العبودية.
الثامن مارس تخليدا لمظاهرات نيويورك 1909
وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة في مؤتمر كوبنهاغن بالدانمرك، غير أن تخصيص هذا اليوم كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم.
بن بوعلي، قمليكة قايد، وريدة مدادا ...نموذج للكفاح المسلح
شكلت المرأة عنصرا أساسيا في الثورة التحريرية، ووقفت إلى جانب الرجل في تحمل المسؤولية تجاه الثورة المباركة وبالتالي كانت المرأة الجزائرية سندا قويا للزوج الأخ و الابن و الأهل الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي وقد أبلت بلاء منقطع النظير أظهرت من خلاله أنها النفس الثاني للثورة، التحريرية المباركة ولعبت المرأة الجزائرية دورا رياديا من خلال مشاركتها الفعالة في الثورة التحريرية سواء في الأرياف أو المدن على حدد سواء، فالمرأة الريفية استطاعت أن تكون عنصرا فعالا في كسر الحصار الذي حاول الجيش الاستعماري ضربه على المجاهدين في الجبال والقرى والمداشر، فكانت مساهمتها قوية في تقديم الخدمات الكبيرة التي كانت الثورة بأمس الحاجة إليها، دون أن ننسى المرأة في المدينة حيث قامت هي الأخرى بواجبها الوطني وكانت السند القوي للمجاهدين من فدائيين ومسبلين داخل المدن، حيث المراقبة المستمرة على كل ما هو متحرك داخل المدن لذا حلت محلل أخيها الفدائي في العديد من المهام المعقدة والخطيرة.
وكان للمرأة مسؤوليات كثيرة أثناء حرب التحرير أعطيت لها من خلال نضالها في اللجان السياسية والإدارية وكفدائيات إلى جانب المناضلات العسكريات وهن النساء التابعات لجيش التحرير الوطني ومن مهامهن الأساسية التمريض والعناية بالمجاهدين والطبخ.
وهكذا كانت المرأة في الريف والمدينة على سواء مناضلة ومجاهدة وفدائية ومسبلة، لتتنوع بذلك مهامها وهو ما جعل العدو الفرنسي يدرك قيمتها داخل الثورة وفي المجتمع الجزائري، فكانت عرضة للعديد من أنواع القمع والتعذيب، وقد حددت الإدارة الاستعمارية السجون الخاصة بالمرأة الجزائرية، حتى تقلل من قيمة الثورة وتضرب التماسك الاجتماعي المبني على المرأة في الصميم إلا أنها لم تتمكن من ذلك، فكانت النتيجة سقوط العديد من النساء الجزائريات شهيدات أمثال حسيبة بن بوعلي ومليكة قايد وأمثالهن كثيرات، لتتغلب المرأة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي في جميع المواقف، مما جعل الفرنسيون يخرجون يبكون غداة الاستقلال ويعترفون بقوة تلك المرأة التي أبرزت مكانتها وتغلبت عليهم بشجاعتها.
المرأة تساهم في معركة التنمية بعد الاستقلال
تراهن الجزائر على المرأة في إحداث توازن داخل المجتمع والنهوض بسلوك المواطنة وتعميق ثقافة الديمقراطية ونشر التسامح، باعتبار أن المرأة الجزائرية أثبتت وعيها المتنامي في استيعاب الأفكار المؤسسة لمجتمع الغد، حيث تلعب دورا مهما في إحداث التوازن داخل المجتمع وفي المشروع التنموي الذي تخوضه البلاد، من خلال الحرص على الرقي والتقدم وترشيد الاستهلاك واكتساب المعارف والعلوم وتربية الذوق السليم في الناشئة وهذا يعتبر كله رهانا مفصليا في مشروعنا التنموي بكافة أبعاده.
المرأة الجزائرية أثبتت وعيها المتنامي في استيعاب الأفكار المؤسسة لمجتمع الغد في دعمها للمصالحة الوطنية الشاملة وتحليها بالموقف النبيل تجاه كل الاستحقاقات الوطنية الهامة، فهي من خلية واحدة مع الرجل وتصب معه في خانة واحدة في بناء الأسرة وتأسيس المجتمع المتكامل المتناغم مواجهة إلى جانبه كامل التحديات والصعوبات التي يفرضها الواقع بكل شجاعة وشهامة.
فالمرأة الجزائرية هي الخلية المركزية في المجتمع والمؤسسات التربوية وفي المعامل ومراكز البحث والمستشفيات والتجارة وجل الأنشطة في قطاعات الدولة والخواص ما يؤكد قدرتها ونجاعتها وتفوقها في إدارة الأعمال وأداء المهن والإسهام في التنمية الوطنية بجميع فروعها.
بوتفليقة يعزز حرية المرأة
أصبحت المرأة الجزائرية تملك حظوظا أوفر ومشاركة أوسع في مجال التنمية عن طريق المواد الواردة في التعديل الدستوري الجديد، الذي بادر به رئيس الجمهورية سنة 2009، فكانت هذه السنة سنة انتصار بالنسبة للمرأة الجزائرية بامتياز، حيث نصب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لجنة وطنية كلفت بإعداد القانون العضوي الذي يسمح بتطبيق المادة 31 مكرر المتعلقة بترقية الحقوق السياسية للمرأة وإقرار كوطة للمرأة في المجالس المنتخبة، كما التزم خلالها الرئيس بوتفليقة بإعادة جميع الحقوق المسلوبة للمرأة، مما أدى إلى أخذ المرأة الجزائرية مكانتها في حركية المجتمع، مشاركة بذلك في كافة مسارات التنمية والتطور سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي أو السياسي حيث وضع التعديل الدستوري في المادة 31 مكرر المعالم في اتجاه تكريس حقوق المرأة وتعزيز حضورها في المجالس المنتخبة.
وتعتبر هذه الخطوة الهامة في تعديل الدستور، خطوة تضاف إلى العديد من المكتسبات التي حققتها المرأة الجزائرية في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على غرار الإجراءات المتخذة في السنوات الأخيرة والتي ترمي إلى ضمان حماية حقوق وحريات الإنسان بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة، تماشيا مع المعايير الدولية المتخذة في هذا الشأن.
مكاسب هامة حققها قانون الأسرة الجديد للمرأة
كما جاء قانون الأسرة في موعده ليجسد واحدا من الالتزامات الكبرى التي وعد بها الرئيس بوتفليقة من أجل ترقية وضعية المرأة على وجه الخصوص، من خلال تعزيز حقوقها في المساواة وفي المواطنة طبقا لما ينص عليه الدستور من استعادة التوازن في الحقوق والواجبات بين الزوجين، والاعتراف للمرأة بحق إبرام عقد زواجها، وتوحيد سن الزواج بالنسبة للرجل و المرأة و تحديده بسن التاسعة عشر.
كما جاءت التعديلات التي أدخلت على القانون المتضمن قانون الجنسية الجزائرية لتكرس المساواة بين الأب والأم في حالة اكتساب الجنسية، وذلك طبقا للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل، وكذا تلك المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتزامنت هذه التعديلات مع المكاسب التي حققها قانون الأسرة الجديد للمرأة فيما سبق والذي يعطي للأم حق منح جنسيتها لأطفالها إلى جانب حق الاحتفاظ بالسكن العائلي في حالات وجود الأطفال ووقوع الطلاق، وفي ما يتعلق بمقاربة النوع الاجتماعي، فقد أصبح يؤخذ بعين الاعتبار في كل البرامج الحكومية تقريبا، وذلك بهدف تقليص الفوارق بين الرجال والنساء داخل المجتمع حتى لا تبقى المرأة مقصية وغير مؤهلة لتلعب دورا فعالا في التنمية.
وبانقضاء سنة 2009 وحلول سنة 2010 تكون المرأة الجزائرية قد حققت مكاسب هامة لصالحها ولصالح المجتمع، وأصبحت قادرة على أن تكون شريكا حقيقيا للرجل في العمل السياسي والتنموي، وكذا المساهمة الفعالة في تدبير الشأن العام، وعلى أمل أن تشكل الانتخابات المقبلة 2012 محطة حقيقية لترجمة الإرادة السياسية في الرفع من مشاركة المرأة في اتخاذ القرار السياسي، وتفعيل الالتزامات الوطنية والدولية في مجال التمييز لتبقى مشاركة المرأة ضرورة يفرضها الواقع خدمة للمجتمع بكامله.
غن جميع القطاعات في عهد الرئيس بوتفليقة لا تدخر جهدا في سبيل النهوض بوضع المرأة الجزائرية سواء على مستوى تشجيع وتعميم تمدرس الفتيات خاصة في العالم القروي أو على مستوى تقديم الخدمات الصحية للنساء، أو في ما يتعلق بموضوع التشغيل، مسجلة تزايد الوعي بأهمية تحسين أوضاع النساء.
النساء الجزائريات علامات مميزة في الوطن العربي
قطعت المرأة الجزائرية أشواطا معتبرة في مشوارها السياسي، فهي وزيرة وزعيمة حزب والأهم أنها أول امرأة عربية تترشح لمنصب رئيس الجمهورية عن طريق لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال سنة 2004، لكن المرأة الجزائرية لم تصل إلى ما وصلت إليه بسهولة، وما احتلت هذه المكانة بالمجان أو الإهداء، وإنما حاربت وناضلت وكان طريقها حافلا بالعقبات والعراقيل حتى حققت الأهداف التي سطرتها في المجتمع، كما أن ترشح المرأة لمنصب رئيس الجمهورية ليس بالأمر السهل فالكل يعلم أن هذا المنصب هو منصب حساس وصعب بالنسبة إلى الرجل، فما بالك على امرأة من الجنس اللطيف فهو يحتاج إلى الكثير من التضحيات، لكن المرأة الجزائرية أثبتت جدارتها في جميع الميادين وأكدت أنها قادرة على التحدي في جميع الأوقات، والتجربة السياسية للمرأة الجزائرية والمصاعب التي تعترض طريقها نحو تحقيق طموحاتها السياسية بدأت من عضو منتخب بالبلدية وهي اليوم تطمح لاحتلال منصب رئيس الدولة الجزائرية، فكل القوانين الجزائرية تعترف بالمساواة بين المرأة والرجل منذ استقلال الجزائر خلال عام 1962، أي أن المجال مفتوح أمام كل الجزائريات لتترشحن لأي منصب سياسي مهما كان راقيا، فالكثير من العراقيل تعترض طريق المرأة السياسة في الجزائر وما عادت العادات والتقاليد الشماعة التي نعلق عليها تعثر المرأة في الوصول لأهدافها حيث ما عاد ممكنا التخفي وراء مبررات كالتقاليد والعادات وما شابهها، لأن هده التبريرات ما عادت مقنعة في العصر الحالي، فوجود أكثر من 500 ألف جامعية دليل على أن الآباء ما عادوا يمنعون بناتهم من الخروج من البيت، خاصة لمتابعة الدراسة ولو تطلب الأمر الإقامة بعيدا عن الأسرة.
إضافة إلى تقلد المرأة مناصب حساسة أخرى ، فبعد المرأة الوزيرة والمرأة الوالية، والمرأة رئيسة الحزب، هناك أيضاً المرأة "الجنرال"، كما هو حال فاطمة الزهراء عرجون، التي رقاها الرئيس بوتفليقة من مرتبة عقيد إلى جنرال رفقة 14 جنرالا آخرين، بحكم انضباطها ولصغر سنها نسبياً ولكونها بلغت السن القانونية لترقيتها لرتبة جنرال، لتكون بذلك أول امرأة تتقلد هذه الرتبة العسكرية الرفيعة في تاريخ الجزائر المستقلة، وكان هذا بهدف ضمان مكانة المرأة في صفوف المؤسسة العسكرية وتعزيز الكفاءات العسكرية، خاصة في قطاع الصحة العسكرية الذي يعرف تطورا نوعيا خلال الأعوام الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن تعديل الدستور في نوفمبر 2008 مكن من ترسيم الحقوق السياسية للمرأة باتجاه رفع نسبة مشاركتها في المجالس المنتخبة، في الوقت الذي توجد المرأة الجزائرية حالياً في الحكومة والبرلمان بغرفتيه، كما توجد في مناصب المسؤولية في الجامعة والولاية والدبلوماسية والرياضة.
كفاح المرأة الجزائرية ليس وليد اليوم
إن نضال المرأة الجزائرية ليس وليد اليوم أو اكتشفناه في السنوات الأخيرة فقط، بل هو سلسلة لتاريخ حافل بالتضحيات والانجازات، حيث نجد أن المرأة الجزائرية أبرزت مكانتها منذ سنوات خلت وقادت معارك كبرى في فترة الاستعمار وناضلت من أجل أن تحيا الجزائر مستقلة، وكم هن كثيرات اللائي قدن جيشا للمضي قدما إلى الحرية في عهد الاحتلال الغاشم، فنحن أبدا لن ننسى اللبؤة الجزائرية فاطمة نسومر التي أبهرت الفرنسيين بشجاعتها وصمودها الدائم في وجهه، وبرهنت أن قيادة المقاومة الجزائرية لم يختص فيها الرجال فقط، بل شاركن فيها النساء وشاركت فاطمة إلى جانب قادة كثيرين في المقاومة للدفاع عن منطقة جرجرة وأبرزت شجاعتها في الكثير من المعارك، وتظل لالا فاطمة نسومر نموذجا فذا لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل، فهذه المرأة استطاعت بكل ما تملك من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة، ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية، دون أن ننسى المجاهدة الفذة جميلة بوحيرد التي التحقت بصفوف الفدائيين وهي من اكبر المناضلات اللائي ساهمن في الثورة الجزائرية، فهي مثال ناصع للمرأة العربية الأصيلة وإنها أم الجزائر وصفحة مشرفة في سلسلة الكفاح العربي عبر التاريخ، وهكذا صنعت المرأة الجزائرية منذ الاحتلال بطولات وتاريخ نقش من ذهب في جدران التاريخ بفضل مثابرتها ووقوفها إلى جانب الرجل في جميع المجالات وشجاعتها التي قهرت الأعداء، فالمتتبع لنضالات المرأة الجزائرية عبر العصور، ولملاحمها البطولية على مر تاريخ بلادنا، لا يسعه إلا أن يجزم على أن هذه المرأة تستحق مكانة جديرة بهذه النضالات والتضحيات وهي التي عانت الويلات والمحن التي لم تعانيها امرأة في هذا العالم المعاصر، ومهما أسهبنا في ذكر مناقب المرأة الجزائرية وفضائلها، فلن نفيها حقها من التنويه والإشادة، وستظل الأمة بأسرها مدينة لها بالعرفان والامتنان لدورها الرائد والفريد ومساهماتها القيمة في المحافظة على تماسك المجتمع وصونه من كل الهزات والإختلالات التي عرفها ماضيا وحاضرا، فيكفيها فخرا أنها كانت‘ إبان الحقبة الاستعمارية، بمثابة الحصن الحصين الذي تحطمت عليه كل مخططات المستعمر ومحاولاته الدنيئة الرامية إلى طمس الشخصية الوطنية وهدم مقومات المجتمع الجزائري التاريخية والحضارية، ويكفيها فخرا وقوفه بالأمس القريب جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، تشارك وتساهم بحيوية متدفقة في بناء وتشييد صرح الدولة الجزائرية الحديثة.
وعلاوة على كل هذا، فإن دور المرأة المعاصرة، ما فتئ يتعاظم يوما بعد يوم، ويترسخ في مجتمعنا بحكم التطورات والتحولات العميقة التي شهدتها بلادنا منذ عقد من الزمن، وقد فرضت وجودها وحضورها على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.