العلاقة بين الجزائر وباريس كانت حاضرة بقوة في الطبعة ال63 لمهرجان كان السينمائي، من خلال الماضي الاستعماري، كما من خلال الماضي القريب، وفيلم »خارجون عن القانون« للمخرج الجزائري الأصل لم منفردا في إثارة هذه العلاقة وتقديم صورة من صور المقاومة الجزائرية للإسعمار الفرنسي، فبدوره المخرج الفرنسي كزافيي بوفوا راح ينبش في صفحات الماضي، في فيلم »رجال وآلهة« ليقدم رؤية سينمائية عن رهبان تبحريين الذين اغتالتهم الجماعة الإسلامية المسلحة »جيا« منتصف التسعينات من القرن الماضي بالجزائر. إن كان المخرج جزائريي الأصل رشيد بوشارب اختار خوض المنافسة على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي بفيلم يصور إحدى صفحات الماضي التعيس والمشين لفرنسا الاستعمارية من خلال فيلمه »خارجون عن القانون«، فإن المخرج الفرنسي كزافيي بوفوا، قرر الخوض في إحدى ملفات الماضي القريب، وهو اغتيال رهبان تبحريين قرب المديةبالجزائر منتصف التسعينيات من القرن الماضي من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة من خلال فيلم »رجال وآلهة«. الفيلم تناول المصير المؤلم للرهبان السبعة الذين تم اختطافهم أواخر مارس 1996 من داخل الدير الذي كانوا يقيمون فيه بمنطقة تبحريين، ثم العثور على رؤوسهم دون أجسادهم في أحدى الطرق الجبلية القريبة من المنطقة بتاريخ 30 ماي من السنة نفسها، وهي العملية التي تبنتها الجيا آنذاك والتي كانت تحت قيادة جمال زيتوني. الفيلم فرنسي يتناول بعض القضايا الأكثر إثارة للسجال، على غرار المسألة الدينية في شكل عام، والحوار بين الإسلام والمسيحية، وكذا الإرهاب الذي استعمل الدين غطاء لتبرير الجرائم التي ينفذها، كما يتطرق الفيلم في بعض جوانبه إلى علاقة سلطة ما بإرهاب ما، من خلال العلاقة بين السلطات الجزائرية والجماعات الإرهابية التي كانت تضرب آنذاك بقوة في عمق الجزائر. وقد سعى كاتب سيناريو الفيلم إلى الابتعاد عن الجدل الذي تحاول في كل مرة أطراف فرنسية إثارته حول مقتل الرهبان في محاولات لتوريط الجزائر في العملية، وفضل في المقابل الاهتمام بالأيام والأسابيع الأخيرة التي قضاها الرهبان في الدير رغم تحذيرات السلطات الجزائرية لهم ومطالبتهم بالرحيل، ومن خلال هذا الفيلم وفيلم »خارجون عن القانون« فإن الجزائر حاضرة بقوة في الطبعة ال63 لمهرجان كان، كما يتقاطع هذا الحضور للجزائر مع باريس، ليضع مجددا العلاقات البلدين على طاولة النقاش.