كشف زعيم ما يسمى ب »الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل « عن كل نواياه الانفصالية التي كان في السابق يحاول إخفائها بدعوى أن مشروعه إنما يهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية عبر ما وصفه بالجهوية الايجابية، وأعلن زعيم » الماك« أمس الأول من باريس عن تشكيلة » حكومته الانتقالية« التي ضمت تسعة أشخاص، وضع نفسه على رأسهم وسمى شخصه رئيسا لهذه الحكومة الوهمية. كشف أول أمس الثلاثاء، المغني القبائلي، وزعيم التيار الانفصالي أو ما يسمى بالحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل عن تشكيلة » الحكومة الانتقالية لمنطقة القبائل«، التي ضمت تسعة أشخاص فضلا عن فرحات مهني الذي أعلن نفسه رئيسا لهذه الحكومة المزعومة، وباستثناء هذا الانفصالي المعروف بنشاطاته المعادية لوحدة البلاد واستقرارها منذ عقود، فإن باقي الأشخاص الذين وضعهم في عصابته هم نكرة بكل المقاييس، وما يلفت الانتباه هو طبيعة الحقائب التي أعلن عنها زعيم » الماك« ، ففيما حصر حدود » جمهوريته الوهمية« في ثلاثة ولايات هي: بجاية وتيزي وزو والبويرة، اسند حقيبة المؤسسات والإدارة والأمن الداخلي إلى المسمى ارزقي بوسعيد، وكلف أرزقي أيت حمو بحقيبة العلاقات الدولية واليزيد أعبيد بوزارة الاتصال والعدل وحقوق الإنسان، في حين عين إدير جودر على رأس وزارة الاقتصاد والمالية والبيئة وتهيئة الإقليم، وعين لحسن زياني على رأس الوزارة المزعومة، وزارة اللغة القبائلية والتعليم والبحث العلمي، في وقت كلف المسمى مولود مرحاب بوزارة الحوار والاتصال بالمجتمع المدني، ومخلوف إدير بوزارة الرياضة، وضمت » حكومة« مهني المزعومة امرأتين هما مليكة مواسي كوزيرة للصحة والتضامن، وأمقود جميلة كوزيرة للثقافة. وأوضح أمس مسؤولون في الحركة من باريس، أن الهدف من الحكومة الجديدة هو إنهاء »ظلم واحتقار وهيمنة« الحكومة الجزائرية، وقال فرحات مهني رئيس » الماك« التي تأسست في 2001 في بيان بالمناسبة »لقد أنكروا وجودنا وتعدوا على كرامتنا ومارسوا التمييز ضدنا في كل المستويات، لقد منعنا من هويتنا ولغتنا وثقافتنا القبائلية، لقد تمت سرقة ثرواتنا الطبيعية، نحن نحكم اليوم مثل المستعمرين بل كأجانب في الجزائر«، وأضاف »ونحن نعلن اليوم تشكيل حكومتنا المؤقتة وذلك حتى لا يستمر تحملنا للظلم والاحتقار والهيمنة والترهيب والتمييز المتواصل منذ 1962«. ويأتي الإعلان عن » الحكومة المؤقتة لمنطقة القبائل« لتنكش النوايا الحقيقية لفرحات مهني ومن يدور في فلكه، فزعيم هذا التنظيم الانفصالي الذي لم يكن اختياره لباريس أو لهذا التوقيت محض صدفة خاصة وانه يتزامن مع قمة فرنسا إفريقيا التي احتضنتها نيس بفرنسا وحضرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ادعى في وقت سابق وفي تصريحات لوسائل إعلام فرنسية بان مشروع الحكم الذاتي بمنطقة القبائل لا يهدف إلى تجزئة البلاد أو هتك وحدتها الترابية بل لتعزيز الديمقراطية وتثمين التنوع الثقافي الذي تزخر به البلاد، وزعم مهني بأن الاستقلال الذاتي بمنطقة القبائل الذي دعا باقي مناطق البلاد الأخرى إلى الاقتداء به، سوف يعزز وحدة البلاد أكثر في المستقبل، وأن رفض هذا المشروع هو الذي يهدد الجزائر بالانفجار والتقسيم. وسبق لزعيم » الماك« أن قام بنشاطات خارجية أكدت بما لا يدع مجالا للشك بأن الرجل يخدم سيناريو خطير يهدف إلى تجزئة الجزائر، وربما تجزئة دول أخرى في المغرب العربي على اعتبار أن نشاطاته الانفصالية امتدت إلى المغرب أيضا، وكانت العديد من وكالات الأنباء فضلا عن قناة »فوكس نيوز« الأمريكية قد نقلت تصريحا لفرحات مهني يؤكد فيه اعتماده على الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما، في الضغط على الحكومة الجزائرية لحملها على فتح الحوار من أجل تحقيق الاستقلال، مقابل اعتماد الأخيرة على سكان القبائل في دحر الإرهاب، وقال فرحات مهني إنه يعتمد بشدة على دعم الإدارة الأمريكية في تحقيق هذا المطلب في الجزائر، كون إجراءا كهذا سيعزز من الديمقراطية التي تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى إرسائها في المنطقة، وراح فرحات مهني يؤكد أنه إذا كان أهم ما يقلق الولاياتالمتحدةالأمريكية في الجزائر هو الإرهاب، »فإننا قادرون في منطقة القبائل على إنجاز مهمة مكافحة الإرهاب والقضاء عليه والارتقاء أيضا بالديمقراطية على أتم الأوجه«• وسبق لهذا المغني، المهوس بالزعامة والعمالة للخارج، أن تقدم بطلب رسمي إلى رئاسة الجمهورية و الحكومة والمجلس الشعبي الوطني من أجل تحقيق الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، وبعث رئيس ما يسمى بالحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل نسخة من نفس الطلب إلى بعض الهيئات الدولية على غرار الأممالمتحدة والاتحاد الأوربي فضلا عن هيئات دولية أخرى تعنى بقضايا حقوق الإنسان، واعتبر فرحات مهني أن القضية الأمازيغية تعكر الأجواء السياسية في البلاد منذ أن طالبت المنطقة بحقها في الحكم الذاتي، مستعرضاً أهم الأحداث التي مرت بها منطقة القبائل بداية من »المواجهة المسلحة عام 1963«، في إشارة إلى التمرد المسلح الذي قاده حزب جبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين أيت أحمد ضد نظام بن بلة ، ثم »الربيع البربري« عام 1980، وأخيرا ما سمي ب »الربيع الأسود« 20012003 الذي شهد بدوره مواجهات دامية. صحيح أن الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل قد ولدت في خضم أحداث العنف التي اجتاحت منطقة القبائل سنة 2001 وسقوط عدد من الضحايا في المواجهات مع قوات الأمن، لكن مع هذا فإن هذه الحركة ليس لها وجود حقيقي بالمنطقة، وأتباعها يعدون على الأصابع، ثم إن أطروحاتها الشاذة ليس لها أي صدى في الواقع، مع العلم أن زعيم » الماك« الذي بدأ حياته كمغني قبل أن ينتقل إلى النضال ضمن الحركة الثقافية البربرية التي كانت تنشط بفرنسا وتنشط في الجزائر في السرية، ثم انضم إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بعد تبني التعددية السياسية في الجزائر عقب أحداث أكتوبر 88، هو شخص غير مرغوب فيه بمنطقة القبائل ولا زال سكان منطقة القبائل يذكرون بأن الذي قاد في سنة 94 ما سمي ب»إضراب المحافظ«، أي الإضراب عن الدراسة بمنطقة القبائل، عثر عليه ضمن المسافرين على طائرة »الأرباص« الفرنسية المتجهة إلى باريس والتي اختطفت كما هو معروف من قبل كموندو الجماعة الإسلامية المسلحة،»الجيا« سنة 94، وهو ما دفع بالعديد من المتتبعين إلى اتهامه بالهروب من ساحة المواجهة بعدما ترك أطفال منطقة القبائل بلا دراسة خلال سنة كاملة. ويلوم العديد من السياسيين السلطة ويحملونها مسؤولية تمادي فرحات مهني وجماعته في خدمة أهداف خطيرة تتمثل في تجزئة البلاد وضرب وحدتها الترابية، يعلى غرار زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي اتهمت مؤخرا بحركة الانفصال بمنطقة القبائل بالعمالة لإسرائيل ولدول غربية لم تذكرها بالاسم، ويرتقب أن تثير » حكومة مهني« زوبعة من ردود الفعل المنددة داخل البلاد، وإن كانت ستشكل مادة دسمة لكل القوى الخارجية التي تسعى منذ سنوات إلى هتك وحدة الجزائر والمساس باستقرارها.