انتقد اللواء وعضو مجلس الشعب المصري سعد الجمال في حوار خص به »صوت الأحرار« على هامش انعقاد الدورة السابعة لمجلس الشورى المغاربي بالعاصمة دور الإعلام المصري الذي لعبه قبل وبعد الأزمة الرياضية وقال »نحن لا نرضى أبدا عن من يشتم الشهداء ومن يخطئ في حق الجزائر«، مبديا افتخاره بتمثيل الجزائر للأمة العربية في كأس العالم الذي تحتضنه جنوب إفريقيا. ** كيف تقيمون مبادرة البرلمان العربي بإرسال قافلة إنسانية لكسر الحصار على غزة؟ طبعا، هذه المبادرة تحسب للبرلمان العربي، بعد وقوع هذا الحادث الإجرامي الإرهابي سارع البرلمان العربي على الفور بعقد جلسة طارئة، وفي هذه الجلسة خرج عن بيانات الشجب والتنديد واتخذ قرارات فاعلة، وكان أول هذه القرارات هو تحدي هذا الحصار الإسرائيلي وكسره بوفد كبير من البرلمانيين العرب، شاركت فيه كل الدول العربية بنوابها برئاسة الدكتورة هدى بن عامر، وتوجهنا على الفور من خلال معبر رفح إلى قطاع غزة، والتقينا بالأخوة في القطاع والقيادات الموجودة فيه الأخ إسماعيل هنية، ممثلي كل الفصائل الفلسطينية، عائلات الأسرى والمعتقلين، كانت زيارة مفيدة، أشعرنا الشعب الفلسطيني بقطاع غزة أنه ليس بمعزل عن أمته العربية و شعوبها من خلال تنقل ممثلي الأمة إليهم،كنا ننوي أخذ مساعدات للفلسطينيين لكن فضلنا أن نسأل عن طبيعة الاحتياجات، فعلا سألنا واستفسرنا عن الاحتياجات المطلوبة من الإخوة الفلسطينيين، وقد اتخذ قرار آخر إيجابي يتمثل في تشكيل لجنة من البرلمان تكون معنية بتسيير قوافل إنسانية برية وبحرية من أي دولة عربية أو من غير الدول العربية عن طريق معبر رفح، وبناء على ترشيح من نواب مصر تم اختيار النائب عبد القادر سماري رئيسا للجنة وتم احتياري أنا منسقا عاما معه حتى يتم تذليل العقبات التي تواجه عملية تسيير القوافل، كما كانت هناك قرارات أخرى من طرف البرلمان الذي شعر بخيبة أمل من القرار الأخير لمجلس الأمن الذي لم يأت منصفا للفلسطينيين ، ناهيك عن إدانة الموقف الأمريكي المساند لإسرائيل مساندة عمياء في كل انتهاكاتها وضرورة المشاركة في اتخاذ الإجراءات القانونية وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، مع التأكيد على أن يكون دور الجامعة العربية فعالا. ** لماذا لم يبادر النواب المصريون من قبل لمساعدة الفلسطينيين، ما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ مصر لم تكف عن تقديم المساعدات الإنسانية للإخوة الفلسطينيين، القوافل الإنسانية نحو قطاع غزة لا تتوقف. ** لكن أنا أتحدث عن فترة ما قبل الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية؟ أنا شاركت في قافلة من قبل وكانت هناك حتى سيارات إسعاف، المحافظات المصرية وحتى المزارعين البسطاء ومحدودي الدخل يساهمون في هذه القوافل ببعض محاصيلهم،كانت مصر خلية نحل، فكيف عاش الفلسطينيون؟ لم يكن لهم متنفس غير هذا المعبر ونحن كلنا نعلم هذا،كان متنفسهم الوحيد هو الجانب المصري، من أين تأتي لهم المساعدات فالبر محاصر والبحر كذلك . ** هل أنتم راضون على هذه المساعدات؟ نحن لا ندخر جهدا في تقديم المساعدات، إذ قدمنا للقضية الفلسطينية آلاف الشهداء، فنحن لا نبخل عليهم بالمساعدات مهما كانت قيمتها، ثم الجرحى والمصابين من الذي تلقاهم ومن الذي عالجهم؟ يؤسفني أنه عندما يكون غضب بين بعض الدول العربية مثل الذي حصل بيننا نحن لا نتقبل الأمور على طبيعتها ونبقى متأثرين بذلك الغضب؟ ** أخيرا تم فتح معبر رفح لتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ما هي العوامل التي كانت وراء هذا القرار؟ ما أود أن أؤكد عليه هو أن مصر حينما فتحت معبر رفح لم يكن ذلك بناء على ضغط، الرئيس المصري حسني مبارك اتخذ قرار فتح المعبر قبل أن يبدأ انعقاد جلسة مجلس الشعب ، كنا بالفعل في هذه الجلسة نستعد للمطالبة بفتح المعبر المصري، وفوجئنا بقرار الرئيس قبل بدء الجلسة، وأؤكد أن مصر اتخذت هذا القرار بناء على وفائها بالتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية. والمعبر لم يكن مغلقا على الإطلاق كان يفتتح ثلاثة أيام في الأسبوع وباقي الأسبوع يغلق، لكن هذا القرار جاء تحديا للحصار الإسرائيلي وأوضح هنا أنه تم السماح لكل القوافل بالدخول عبر معبر رفح، ولم تعترض السلطات المصرية أية قافلة إنسانية. ** كيف ترون مستقبل العلاقات بين الجزائر ومصر في ظل هذه المتغيرات الجديدة؟ أرى أن صوت العقل والحكمة في مصر والجزائر لابد أن يعلو على الأصوات التي تدعو إلى استمرار الشقاق، لأن استمرار الشقاق ليس في مصلحة مصر ولا الجزائر ولكن هو في صالح أعدائنا، العدو الصهيوني متربص بنا، نحن أمة واحدة واستشهد بقول المولى عز وجل "وأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" لا بد أن نؤمن بهذا نحن أمة لها تراث ديني وحضاري ولابد أن هذه القيم تحكمها، الخلافات تحدث داخل الأسرة الواحدة وداخل البيت الواحد بين الإخوة وبين الأب وأبنائه، فهل هذا يؤدي بنا إلى قطيعة بين الشعوب، كانت هناك أخطاء من هنا أو هناك، أخطاء من الإعلام هنا وهناك، يعني أننا لا ننكر أبدا أن هناك أخطاء حدثت، هنا تعرض مصريون إلى ما تعرضوا إليه، كما حدثت تجاوزات وحصلت أخطاء في مصر، الخطأ وارد، حيثما وجدت المجتمعات وجدت الأخطاء، الكمال لله وحده، العيب أننا لا نتعلم من الأخطاء ونأخذ منها درسا مفيدا، يجب أن نعلي صوت الترابط والحب والود بيننا على صوت الشقاق والخلاف والصراع. ** لماذا التزمتم الصمت بعد الاعتداء الذي تعرض له اللاعبون الجزائريون في القاهرة والحملة التي طالت كل ما هو جزائري حتى الشهداء الأبرار؟ لا نحن لم نلتزم الصمت ونحن لا نرضى أبدا عن من يشتم الشهداء وعن من يخطئ في حق الجزائر، يجب أن نكون على مسافة واحدة ونقول كلمة الحق ولا نرضى أن يخطيء أحد في حق الآخر، نقول للمصري الذي أخطأ في حق الجزائر أنت مخطئ وللجزائري الذي أخطأ أنت مخطئ كذلك، نحن لم نصمت عقدت اجتماعا للجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب وأبلغت سعادة السفير الجزائري بمصر الأستاذ عبد القادر حجار بالبيان الذي توج هذا الاجتماع ، حيث تم التأكيد بأن العلاقة بيننا هي أكبر وأبقى من مباراة في كرة القدم، ربما تداعيات مباراة أم درمان وما نشر عن وجود وفيات قد أسهم في خلق موجة من الغضب. وأقول أن الشيطان في هذه الحالات يكون دائما حاضرا وهو الذي يدفع بالمخطئ إلى التمادي في خطئه، من المفروض أن أصوات العقل والخير تتحرك فليس من المعقول أن ننزل إلى الهاوية في علاقتنا أمام المجتمع الدولي. أنا لما تلقيت دعوة للمجيء إلى الجزائر سعدت كثيرا وقبلت الدعوة حتى أشعر إخواننا أنني سعيد، يمكن أن العلاقات بين البرلمانيين الجزائريين والمصريين من أقوى العلاقات على مستوى البرلمان العربي، وسيؤكد لكم ذلك الأخ مدني برادعي، إذ لتذليل أي عقبة يجدني فورا لأنه أخ شقيق وأعمل على أن يكون سعيدا وهو في مصر مثلي أنا الذي سعدت بالتواجد بينكم. ** ألا تتفق معي على أنه لو تم رفع الصوت العاقل مباشرة بعد الاعتداء في القاهرة لكان ذلك قد جنبنا الكثير؟ لقد حاولنا وأسالوا سعادة السفير الجزائري بمصر وقولوا له ما مضمون البيان الذي أصدرته لجنة الشؤون العربية برئاسة سعد الجمال؟ لقد شكرني عليه، ومضت الأمور وشاهدنا رئيسي البلدين وهما يتعانقان، ألا تنعكس هذه العلاقة الحميمة على الشعبين، الجزائر ومصر هما أكبر الدول العربية، يعني أقوى دولتين عربيتين، فهل نقطع العلاقات حتى يضعف الصف العربي أمام العالم؟ هل هذا في صالح العلاقات العربية أو في صالح الأمة العربية؟ إذا رأيتم هذا فأنا في هذه الحالة أختلف معكم . ** لكن لنا أن نسأل: من يتحمل مسؤولية ما حدث بين الجزائر ومصر؟ أحمّل المسؤولية إلى كل من صدر منه خطأ سواء كان إعلاميا أو رياضيا أو مواطنا أو مشجعا لا يليق بمستوى مواطني الطرف الآخر أو الدولة الأخرى، هذه شعوب مناضلة، حاربت وناضلت من أجل الاستقلال لمواجهة الاستعمار، من الذي حارب الاستعمار مثل الجزائر ومصر، من الذي يمتلك مسيرة نضال مشتركة مثل مصر مع الجزائر والجزائر مع مصر، لا يمكن الاستهانة واللعب بهذا التاريخ المشترك، ومثلما قلت المسؤولية تقع على كل من أخطأ في حق الطرف الآخر، آن الأوان لإعلاء أصوات العقل والحكمة ولا يعقل أن نبقى متخاصمين، داخل الأسرة العربية نسعى دائما إلى رأب الصدع. ** ما تعليقكم على الدور الذي لعبه الإعلام المصري قبل وبعد الأزمة؟ الإعلام تجاوز كل الخطوط الحمراء، صحيح أن الإعلام عادة ما يكون مع وطنه لكن إلى حين وليس إلى مالا نهاية، الله أنعم علينا بنعمة النسيان، ابني أو أخي أخطأ في حقي لكن سأسامحه وأصفح عنه لأن بيننا رباطا قويا والمفروض أن هذا الرباط لا ينال منه أية أمور عارضة، تاريخ النضال الجزائري والمصري راسخ في أعماق التاريخ ولا يمكن أن تنال منه مقابلة في كرة القدم، العلاقة التاريخية بين البلدين اكبر من أي شيء. الإعلام المصري اخطأ والإعلام في الجزائر اخطأ، ما حدث في القاهرة يحدث في مباريات البطولة الواحدة سواء في مصر أو الجزائر بوقوع جرحى في صفوف المناصرين الذين لديهم هوس كروي، وهذا الشيء عادي لكن ليس للحد الذي وصل بيننا، الرياضة تهذيب للنفس وكرة القدم لعبة جماعية الذي يلعب بمفرده لا يستطيع أن يصل إلى الفوز، الفريق يجب أن يلعب جماعيا ليفوز وهو حال الدول العربية يجب أن تلعب بروح جماعية، الرياضة تهذب الخلق وتعلم الإنسان التسامح على المشجع أن يشجع بروح الرياضة. ** أنتم تحملون الصحافة في الجزائر المسؤولية وتغضون الطرف على ما قامت به ترسانة من القنوات الفضائية المصرية من شحن وحملة سب وشتم للجزائريين؟ أنا أحمل الإعلام المصري الذي أخطأ، علما بأن القنوات الخاصة وحرية الإعلام وحرية التعبير لها جزء من المساوئ، الأمن القومي والعلاقات العربية هذه خطوط حمراء يحب على الإعلام التفكير جيدا قبل أن يقول شيئا عنها، لابد أن تكون غرف إعلامية لتكون هناك بلورة لما يقال. أقول أن الإعلام من الجانبين قد أخطأ ويجب أن نعالج الاختلالات التي وقعت كل واحد من جانبه، ونكف عن تسفيه بعضنا البعض، نحن نريد خيرا للجزائر ومصر والحفاظ على ما يجمع بينهما من تاريخ مشترك، قد يرى البعض أنني أتحدث عن ضعف من الجانب المصري وأتودد وأتحايل لكني أقول كلمة الحق، فقد أزعجني تعليقكم على تصريحاتي لأن فيها نوعا من التجني، نحن نقول كلاما في صالح الشعبين العربيين المحكومين بعلاقات دائمة لا ينبغي أن تؤثر فيها مباراة في كرة القدم. ** هل هناك مبادرات في الأفق لإصلاح ما أفسده الإعلام المصري من أجل إعادة المياه إلى مجاريها؟ لقد تحدثت مع البرلمانيين الجزائريين، وحتى الآن لم أتلق ردا لبلورة هذا الدور الذي سنقدم عليه ولا نمانع أبدا في لعب دور داعم لإزالة أية غيوم على العلاقات العربية العربية وبالذات الجزائرية المصرية، إن شاء الله في القريب سيكون هناك تقدم في هذا المجال. ** ما هي قراءتكم للقاء الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وحسني مبارك في مدينة نيس الفرنسية نهاية الشهر الفارط؟ كلنا شاهدنا حميمية اللقاء بين إخوة أشقاء يبدو عليهم الحب والود ولا يظهر عليهم أية غضاضة، هذا الأمر انعكاس طيب جدا على مشاعر العقلاء المثقفين المدركين الواعين المحافظين على مسيرة العمل العربي المشترك، هذه المشاعر العروبية التي بدرت من الرئيسين يجب أن تنعكس على شعبينا. ** يشارك الفريق الوطني لكرة القدم للمرة الثالثة في المونديال الذي تحتضنه جنوب إفريقيا، ماذا تقولون في هذا الشأن؟ نحن فخورون بتمثيل الجزائر للأمة العربية في كأس العالم، طبعا نحن سنشجع الفريق الجزائري ولا تتوقعي أننا لن نناصر هذا الفريق الذي نتمنى أن يحقق نتائج مشرفة للرياضة في الوطن العربي.