فشلت أمس عائلات المفقودين في الاعتصام أمام قصر الحكومة للمطالبة بتسوية وضعيتها، حيث منعتها مصالح الأمن من الوصول إلى قصر الدكتور »سعدان« مما اضطرها إلى الاكتفاء بالتجمّع أمام الساحة المقابلة للبريد المركزي. يأتي ذلك بعد أيام قليلة فقط من قرار السلطات العمومية حظر أي احتجاج لهذه العائلات بمحاذاة مقر اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان. لم تتمكن عائلات المفقودين التي تجمّعت منذ الساعات الأولى من صبيحة أمس غير بعيد عن مقر حزب التجمع الوطني الديمقراطي لولاية الجزائر، من تحقيق هدفها بالاعتصام أمام قصر الحكومة ردّا على التصريحات الأخيرة التي جاءت على لسان كل من فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، ورئيس خلية المساعدة القضائية من أجل تطبيق ميثاق السلم، المحامي مروان عزي، كما جاءت هذه الحركة بالتزامن مع اليوم العالمي للأشخاص المفقودين. واللافت أن مصالح الأمن تعاملت بهدوء مع العائلات التي قدمت للاحتجاج، ولم يتجاوز عددها الثلاثين عائلة على الأكثر، لكنها اضطرت مع مرور الوقت إلى توقيف عدد من الرجال الذين كانوا برفقة النسوة، وهو ما ساهم في تطويق الوضع ودفع بهذه العائلات إلى العودة أدراجها في حدود الساعة الحادية عشر، لكن ذلك لم يمنعها من الاكتفاء بالتجمهر في ساحة البريد المركزي وهي تُردّد هُتافات تطالب ب »الحقيقة«، واستعانت في ذلك بحمل صور ذويها من الذين فقدتهم خلال »العشرية السوداء«. وكان واضحا من خلال توافد التعزيزات الأمنية إلى عين المكان بأن هذه العائلات حضّرت في سرية تامة للتجمّع، لكن قلة عددها سهّل من مُهمة التحكم والسيطرة على الوضع وقطع الطريق أمام أي احتمال لوصول هذه العائلات المُحتجّة إلى قصر الدكتور »سعدان«. مع العلم أن هذه العائلات تُحسب على جمعية عائلات المفقودين التي لا تزال تُصرّ على التصعيد رافضة أي شكل من أشكال التعويض التي أقرّها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الأمر الذي كشفته الشعارات التي رفعتها طيلة حوالي ساعتين من الاعتصام. وتزامنا مع هذه التطوّرات فإن جمعيات عائلات المفقودين التي تقودها »نصيرة ديتور«، قرّرت اللجوء إلى منظمة الأممالمتحدة من أجل ما أسمته »التدخّل العاجل لحل قضية المفقودين في الجزائر«، وهو ما يُمثّل مُحاولة جديدة للتصعيد بعد أن كانت لجأت الأسبوع الماضي إلى نقل الاحتجاج الأسبوعي إلى أمام مقر سفارة الجزائر في فرنسا، كما هاجمت في المُقابل تصريحات رئيس خلية المساعدة لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة، مروان عزي، بخصوص ملف المفقودين، حيث صرّحت نصيرة ديتور أن أرقامه ليست صحيحة، وزعمت أن عدد الرافضين لمبدأ التعويض يتراوح بين 1300 إلى 1500 عائلة. واستنادا إلى مُعطيات مروان عزي فإن 12 عائلة فقط من عائلات المفقودين رفضت الحصول على التعويضات التي منحتها الدولة، مشيرا إلى أنه تمت تسوية 6420 ملف من إجمالي 6544 ملف وصل الخلية طيلة الفترة الماضية، لكن فاروق قسنطيني قدّر أن عدد العائلات التي استفادت حتى الآن من التعويض تجاوز 95 بالمائة من مجموع العائلات المعنية بالعملية، بما يُعادل 6800 ملف.