تواصل المعارضة في موريتانيا انتقاد الإستراتيجية المعتمدة منن قبل نواكشوط في حربها على الإرهاب، ففيما اتهم قيادي في المعارضة نظام الجنرال ولد عبد العزيز بالقيام بحرب بالوكالة عن باريس وواشنطن ضد الزمر الإرهابية، أكد رئيس حزب الاتحاد والتغيير المعارض أنه يستحيل على الجيش الموريتاني، رغم جاهزيته ورغم التجربة التي اكتسبها في الميدان أن يحسم المعركة ضد عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، مؤكدا بأن الحل يكمن في التعاون مع دول الجوار لمواجهة المجموعات الإرهابية بالمنطقة، وهو انتقاد ضمني للتنسيق الأمني مع فرنسا والقيام بعمليات عسكرية ضد معقل التنظيم الإرهابي دون التنسيق مع دول الجوار كما تنص على ذلك الاتفاقيات الأمنية التي وقعت بين دول الساحل الصحراوي في الجزائر. صرح رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني صالح ولد محمدو ولد حننا لوكالة الأنباء الموريتانية المستقلة » الأخبار « بأن التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »هو تهديد جدي ويطرح تحديات مختلفة، يتعين النظر إليها من مختلف جوانبها ومستوياتها، ويحتاج أي قرار بشأنه إلى دراسة عميقة وتشاور واسع، وذلك ما لم يتأخر عليه الوقت لكونه موضوعا في غاية التعقيد«، وأوضح من جهة أخرى بأن »الجيش الوطني الموريتاني هو من حيث جاهزيته أصبح على مستوى جيد،وذو جاهزية عالية ويمتلك ما يكفي من الشجاعة والإقدام والخبرة أيضا، ولكن الأمر لا يتعلق بمستوى جاهزية الجيش الوطني وإنما يتعلق بطبيعة الميدان الذي تخاض فيه المواجهة وطبيعة الطرف المواجه«، وهي إشارة واضحة إلى التدخلات العسكرية الفاشلة التي قام بها الجيش الموريتاني بمساعدة الجيش الفرنسي في شمال مالي، في محاولة أولى لتحرير الرهينة الفرنسي ميشيل جيرمانو، وضد قافلة لجماعة أبو زيد بشمال تومبوكتو. وتحدث المسؤول الحزبي في موريتانيا عن العوامل التي تحول دون تحقيق نصرا حاسما ضد الخلايا الإرهابية في المنطقة، مشيرا إلى أن الميدان هو مفتوح ومتحرك بدرجة تصعب السيطرة عليه، والمواجهة هي مع عصابات تنتشر عبر صحراء شاسعة تعرف تضاريسها بشكل دقيق، و»تتعايش مع سكانها بشكل ملتبس«، على حد قوله، وتتداخل فيها أطراف عديدة ومصالح مختلفة وأجندات متنوعة وسيكون من الصعب لطرف واحد، مهما كانت جاهزيته، أن يحسم المعركة بشكل كامل، دون تنسيق وتعاون مع دول الجوار. وحسب ولد حننا فإن المواجهة العسكرية »ليست وحدها كافية لمواجهة تهديد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، بل لا بد من اتخاذ إجراءات مصاحبة منها توحيد الجبهة الداخلية والعمل على تجفيف منابع الفكر المتطرف من خلال رعاية الشباب وترشيدهم والحوار معهم«. هذا فيما صرح الحسن ولد محمد، وهو قيادي في حزب »التواصل« المعارض، أن الإرهاب هو ظاهرة دولية وإقليمية وليست ظاهرة تختص بها موريتانيا وعليه لا يمكن أن »تنفرد بلادنا بسياسة لمحاربة هذه الظاهرة وإنما نحن بحاجة إلى تنسيق وإجماع داخلي وإقليمي«، في حين رأى قيادي أخر في حزب »اتحاد قوى التقدم«، محمد ولد مصطفى ولد بدرالدين أن »الحرب التي تخوضها موريتانيا ضد القاعدة هي حرب بالوكالة عن فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية والدليل على ذلك أنها جاءت بعد اختطاف رعايا فرنسيين في النيجر، وليس انتقاما لاغتيال جنودنا من طرف التنظيم الإرهابي في 2005 و2008«. وخلافا لمواقف المعارضة لا يزال الحزب الحاكم في موريتانيا »الاتحاد من أجل الجمهورية«، ينسج على منوال وزير الصحة ولد حامة الذي وجه اتهامات خطيرة للزائر وادعى بأنه مواقفها من الحرب على الإرهاب غير مفهومة، وأوضح المختار ولد الداهي، وهو قيادي في حزب الجنرال ولد عبد العزيز، في تصريح للقناة الفضائية القطرية »الجزيرة«، أن موريتانيا ليست في حرب ضد »القاعدة«، مكررا نفس الخطاب الذي ردده مؤخرا الرئيس الموريتاني، مضيفا »وإنما لديها سياستها الأمنية الداخلية، وليست بحاجة على استشارة أحد ولو أن التنسيق قائم مع الجزائر..«، وأكد المسؤول في حزب الجنرال ولد عبد العزيز أن لدى موريتانيا مقاربة أمنية لمكافحة الجريمة وعصابات التهريب وحتى الإرهاب، مضيفا ردا على الانتقادات التي تتهم موريتانيا بالقيام بحرب بالوكالة عن باريس وواشنطن، »لسنا بحاجة لتقديم قرابين لاكتساب الشرعية لأن الرئيس ولد عبد العزيز منتخب شرعيا، مع أن العالم أجمع يعرف الظروف التي جاء فيها ولد عبد العزيز إلى السلطة والإستراتيجية التي يعتمدها في مجال مكافحة الإرهاب والتي تضر بمصالح الموريتانيين وبتقوض سيادتهم على بلدهم فضلا عن أنها تضر بالمصالح الأمنية لدول الجوار بما في ذلك الجزائر«.