سارعت أحزاب التحالف الرئاسي، وفي مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطنى، الى السعي لاحتواء التململ الذي يشهده الشارع منذ الاحتجاجات العنيفة التي أشعل شرارتها الارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك. فقد نزل اطارات الأفلان الى الميدان للاستماع لانشغالات الشباب واعداد تقارير عن حاجيات كل منطقة مثلما أوصت قيادة الحزب. أما حركة مجتمع السلم فقد طرحت مبادرة سياسية لم تتضح ملامحها بعد، الا أنها تصب في نفس السياق، في حين تواصل الحكومة اعتماد آليات لضبط الجبهة الاجتماعية. دفعت الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مختلف مناطق الوطن، الأحزاب السياسية، وبالأخص أحزاب التحالف الى التحرك لاحتواء التململ الذي يشهده الشارع الجزائري، من خلال تحركات ميدانية، كما هو الحال مع حزب جبهة التحرير الوطني الذي سارع الى ارسال اطاراته الى الميدان والاستماع الى الشباب وحصر انشغالات المناطق التي تعرف احتجاجات بين الحين والآخر من أجل رفع تقارير للسلطات قصد التدخل الاستباقي لمعالجة الانشغالات اليومية للمواطن، ويسعى حزب جبهة التحرير الوطني من خلال هذا التحرك المكثف الى ملء الفراغ الذي يعرفه الشارع جراء فشل جمعيات المجتمع المدني في احتواء المطالب الشبانية المتزايدة والغير منظمة. أما حركة مجتمع السلم، فقد استغلت التحركات الأخيرة لطرح مبادرة سياسية، يقول أصحابها أنها تهدف الى عقد ندوة وطنية من شأنها تقييم مسار السياسة الاجتماعية المنتهجة من قيل الحكومة وتفعيل اقتراحات عملية تساعد الحكومة في تدارك النقائص التي من شانها تأجيج الاحتجاجات. ويعترف المراقبون، أن تحرك أحزاب التحالف الرئاسي يأتي استكمالا للتحرك العاجل الذي بادرت به الحكومة على الصعيد الاجتماعي، حيث أقر المجلس الوزاري المصغر ألية لحماية القدرة الشرائية من خلال تسقيف أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، والتزام الحكومة بدفع الفارق رغم ما يكلف الخزينة العمومية من تكاليف اضافية. وفي هذا الاطار بعتقد المتتبعين للوضع أن المشاريع الضخمة التي أطلقتها الحكومة في السنوات الأخيرة، سيما في قطاع السكن، وتحسين الخدمات الصحية والتربية والتعليم واقرار زيادات في الاجور، لم تلق الشرح الكافي والتسويق الاعلامي من قبل الحكومة والأحزاب المشاركة في السلطة ونوابها في البرلمان، وهو ما يعكسه تذمر فئات شبانية تجهل الاجراءات والبرامج التي خصصت لها. بالمقابل استغلت أحزاب وشخصيات محسوبة على المعارضة الوضع الاجتماعي المتذبذب جراء تقلبات السوق الدولية وانعكاساتها على الأسواق المحلية، ثم بعض التطوات التي حصلت في تونس، لمحاولة العودة الى الشارع والمطالبة بما تسميه اصلاحات سياسية، حيث أعلن حزب التجمع من الثقافة والديمقراطية، عن تنظيم مسيرة في العاصمة السبت المقبل رغم قرار منع المسيرات في العاصمة المعتمد منذ سنوات. كما أعلن ذات الحزب عن مقاطعته لجلسات البرلمان، ويحاول حزب الدكتور سعدي، استغلال الظرف الاقليمي الذي تمر به المنطقة لتجديد »عذريته السياسية« بعد ركوض سياسي وتنظيمي، هذا في الوقت الذي دعا فيه رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور ما أسماها »القوى النشطة في المجتمع« الى التحرك من أجل بلورة مشروع اصلاحي. وبالاستناد الى المعطيات المتوفرة فإن الضرورة تستدعي تدخل الحكومة من خلال جملة من التدابير الوقائية في مجال السياسة الاجتماعية، سيما ما تعلق منها بحماية القدرة الشرائية ومحاربة البطالة كأولوية وطنية.