سيدة توصف بالمثقفة المتواضعة ، لا تحبذ لقب المديرة ، تلح على طاقم إذاعتها أن تلقب بالزميلة ،تسعدها كثيرا كلمة الأخت أو الأم من زوار الإذاعة ومستمعيها ،تبعث حماسا منقطع النظير في شباب إذاعتها ، ممررة نصائحها وتعليماتها بطريقة سحرية ممزوجة بروح النكتة والدعابة ،تلقى القبول والترحاب من الكل مسئولين ومواطنين وجمعيات لمبادرات الإذاعة ، حيث لقبت إذاعتها ب"بيت المبادرات" كل هذا شجعنا لزيارة السيدة رشيدة قاسم مديرة إذاعة المدية المحلية والدردشة معها التي فتحت قلبها ل "صوت الأحرار". نبدأ من الإعلام الجواري، والإذاعات المحلية، والتحدي والرهان؟ الإذاعة الجزائرية لها إستراتيجيتها، ولها مخططها في التسيير عموما و الإذاعات المحلية كانت ولازالت رهان الإذاعة الجزائرية ككل، واليوم أصبح هذا الرهان يمارس على الواقع ،ويجسد فعليا في 48 إذاعة جواريه محلية ، ونحن كمديرين لهذه المحطات لابد أن نتبع المخطط العام في ترجمة الإعلام الجواري على أرض واقع يمارس من خلال روح يسمى "الإذاعة المحلية "، ولكن أعتقد أن المدير ليس آلة مبرمجا على إستراتيجية يطبقها مفروضة عليه ، بل لديه هامش كبير يسمى الذكاء الاجتماعي ،فالمدير الناجح هو ذاك الذي يحسن التواصل مع مجتمعه ،ويكون في تواصل دائم مع الانشغالات التي يعيشها المواطن المحلي ،وبالنسبة لإذاعة المدية سرت بها على هذا المنهج في تنفيذ مخطط الإعلام الجواري للإذاعة الجزائرية ، فقد كان لديا في كل محطة أشرفت على تسييرها البصمة الشخصية التي تميز مدير عن غيره، لأن كل مجتمع لديه خصوصياته. هل من توضيحات أكثر؟ فالإستراتيجية الإعلامية المتبعة في الجلفة تختلف تماما عنها في المدية أو تيارت،وهي المحطات التي عملت بها ،فلكل مجتمع بنيته وتركيبته الاجتماعية فالجلفة مثلا مجتمع نايلي قائم على قداسة الانتماء من خلال عروشية ،الأمر الذي لانجده بالمدية باعتبارها منطقة قريبة من العاصمة لها تركيبة خاصة لابد أن نحترمها، ذاك ماجعلني أتعمق في كل مجتمع وفي كل ولاية عملت بها ،فالمدير الناجح في اعتقادي هو من يغوص في أعماق كل مجتمع يعمل به ويستخرج أجمل مافيه، والمدية لها نقطة توقف عبر التاريخ في أحداث تخصها هي ، مدينة تعود من جديد إلى البحث عن حركيتها ،وفي هذه العودة تجد الإذاعة نفسها من خلال إعادة اليقظة من جديد وإنعاش الروح في هذا المجتمع، إنعاش التماسك الاجتماعي من خلال التماسك الحضاري ، من خلال اللحمة التاريخية التي تلعب دورها ،ومن خلال تحريك الانتماء لهذه المنطقة كعاصمة للتيطري ذات بعد وطني كبير جدا كعاصمة للولاية الرابعة التاريخية ، كمنطقة لها بعدها الاقتصادي من خلال كونها منطقة ريفية زراعية ذات موقع استرتيجي هام تتوسط الجزائر كل هذه العوامل أجدني أنا وطاقم إذاعتي أمامها أطرحها بكل قوة. وكانت هي المنطلق لنغوص فيها ونحركها ايجابيا وهو مانجحت فيه إلى حد بعيد ، وسأواصل العمل والتحدي ،ولن أدخر جهدا فمجتمعي ووطني يستحقان منا الكثير، ولم نقدم سوى القليل لوطن قدم الشهداء أرواحهم لأجل أن نعيش اليوم فيه بكرامة في حرية واستقلال. - كيف استقطبتم هذا الكم من المستمعين في ظل العولمة و التنافسية الإعلامية؟ -بطبيعة الحال هدفنا هو استقطاب كم كبير من المستمعين وهنا كان لسؤالكم الأهمية الكبيرة فلابد من الأساليب لمطلوبة والصحيحة لاستقطاب المستمع في عالم يسير نحو التنافسية والتي تغير مفهومها بعد فتح القطاع السمعي البصري، حيت أصبحت تنافسية المضمون ، تنافسية النوعية ، تنافسية أنني أستطيع أن أستخرج المكنون فمن هو الأذكى الذي يصل إلى قلب المجتمع واهتمام المواطن ، يجعل من لاستطيع الكلام هو من يطلب الكلام ، يجعل من لم يكن يؤمن بالاستماع لهذا الجهاز الذي يراه صغيرا جدا ويسمى" الراديو" لايستطيع التنصل منه مع مرور الأيام ،حيث يجده هو مصدر المعلومة، وناقل انشغاله إلى طاولة المسئول ،وهنا هو ذكاء الإذاعة التي تفرض الثقة ،وتفرض المصداقية من خلال البحث والدقة في المعلومة وفي مصداقية الخبر وبلهجة المكان. وأن لا يكون هناك فرق بين المكان والزمان والإنسان هذه الثلاثية التي إن استطاع مدير المحطة الإذاعية أن يحركها و يتحرك وسطها ويحافظ على هذا الهرم المهم جدا فهنا سيكون نجاح الإعلام الجواري ولاشك. أصبحت إذاعتكم تسمى"بيت المبادرات" ماتعليقكم على ذلك؟ تميز محطة عن غيرها بالغوص في خصوصيات المجتمع والاحتكاك بالمواطن وملامسة احتياجاته تجعل شعاعا ينبعث من الإذاعة يؤهلها بأن تكون هي المبادرة ، تخلق نشاطات، وتقود مبادرات ، تقنع بأفكار وطبعا ذلك إلى جانب الهيئات والمسئولين بل تذهب إلى ابعد من ذلك حيث تصبح صاحبة قرار وإذاعة المدية سارت بخطى جد ثابتة، وسريعة في نفس الوقت ،ومتأكدة من نجاح هذه الخطى نحو الجوارية الحقيقية، حيث أصبحت هي الواسطة بين المواطن الذي يبحث عن حلول لمشاكله والمسئول صاحب القرار،فالإذاعة يجب أن تكون واسطة صدق وثقة ومصداقية وليس واسطة كلام فقط ، في إذاعتنا أصبح المسئول يتعرف على احتياجات المواطن من خلال الإذاعة ، والإذاعة أصبحت هيئة استشارية لدى المسئول ، فهذه الحلقة التي حققتها إذاعة المدية والتي أؤمن بها إيمانا كبيرا جعلها مطلوبة جدا ،بل مطلوبة أكثر من أي هيئة أخرى فرغم شساعة الولاية ب 64 بلدية أصبحت هي الملجأ والمنفذ والمستقر لدى المواطن ،والجميل جدا أن تكون هذه القناعات موجودة عند المسئول حينها نقول أننا ضغطنا على الزر الصحيح للعملية التنموية ككل ، لجوء المواطن المداني للإذاعة في كل مشاكله على اختلاف أنواعها لما وجده من التحرك الايجابي والسريع من خلال طاقم الإذاعة وشبكة مراسلينا غبر كل إقليم الولاية ، الجميع يعملون معا ،يؤمنون بهذه الأهداف ، ومبادرات الإذاعة على غرار "البداية لنا والاستمرارية لكم " وقبلها كانت مبادرة "مفاتيح الخير" التي كانت تسير نحو الخير نحو المجتمع العميق بالمدية ، و رعتها السلطات الولائية فهي قافلة تضامنية ... و"البداية لنا والاستمرارية لكم "منهاج واستمرارية أخرى لمثل هذه المبادرات حيث نقترح نحن كإذاعة ونبدأ في تنفيذ المبادرات ليحتضنها المجتمع المدني ويستمر فيها ، ونقصد بالبداية مشاريع كثيرة كنظافة المحيط واستقراره ، وتربويا مثلا ببعث روح التنافس بين أبنائنا وبناتنا في منافسات فكرية وتربوية وغيرها ، وتحريك المجتمع بمواهبه الرياضية المختلفة واكتشاف هذه المواهب ورعايتها ،حيث نقول للسلطات :لديكم كنز وثروة يجب المحافظة عليها ، اللحمة مابين البلديات والمواطنين ، أن نتواصل والجميع يخرج كل مالديه ، ،الكل في هبة واحدة ملبين نداء الإذاعة الأمر الذي نعتبره فخرا للإذاعة الجزائرية ومسئوليها ،وما كانت هذه المبادات لتنجح لولا احتضانها من طرف مسئولي الولاية وأصحاب القرار بدءا من الوالي والسلطات المحلية والمنتخبين والجمعيات والمجتمع المدني، فالأفكار الصحيحة هي التي تولد من نية سليمة لخدمة الوطن والمواطن يكون حليفها النجاح دون أدنى شك، ووطننا يستحق أكثر من هذا ،ونبقى نصف أنفسنا بالمقصرين مهما فعلنا لأجله ،وسنستمر في المبادرات الطيبة النبيلة التي صنعت تميز إذاعة المدية ونجاحها ، طبعا بتلقينا كل التشجيع مركزيا ومحليا فالشكر لكل من ساهم في نجاح هذه المبادرات ومنحنا كل الحرية في التفاعل مع مستمعينا ومجتمعاتنا، التي سنستمر فيها ونحافظ على ثقة المواطن فينا . أطباقكم الأثيرية متنوعة يثني عليها المواطن ، على ماذا تعتمدون في ضبط الشبكات البرامجية؟ إذاعة المدية ثرية جدا ببرامجها في مختلف المجالات ، وفق خصوصية الولاية واهتمام وأذواق سكانها ، رهاننا في ذلك كسب اهتمام المستمع خاصة مع الموجة الاستباقية الجديدة 93.3 فقبل اختيار برامج الشبكات المختلفة نفتح فضاءات للمستمع يدلي باقتراحاته حول مايراه مناسبا من برامج ، وباقتراحات الطاقم لندرس ونتدارس الاقتراحات للخروج بأطباق أثيرية تليق بالمستمع بشرائحه المختلفة ،فالمواطن يدخل إلى الإذاعة ببرامج، و الإذاعة تخرج إلى المواطن ببرامج أخرى ، والحمد لله ، إضافة إلى أن شبكتنا البرامجية متنوعة جدا ، تجسد سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار المحلي ،وفتح المجال للشباب وغير ذلك ،وروح برامجنا تحث على الاستهلاك في الإنسان بالدرجة الأولى، فنحن في الرياضة كنا مع اولمبي المدية حتى حقق الصعود، وفرق أخرى محلية صاعدة، وفي التربية التلميذة التي شرفتنا في ايطاليا في اولمبياد الرياضيات كانت إذاعتنا معها، ومنشد الجزائر كانت الإذاعة سنده وبقوة ، نحن مع الخبير ، والباحث والمثقف ،وخير مثال لانغيب عن محاضرات الدكتور كمال يوسف تومي ، كنا مع الطفل وليست برامجنا اعتباطية بل هادفة مدروسة ، نمرر من خلال برامجنا رسائل بيئية تنموية تربوية وغير ذلك ،فإذاعتنا تلعب دورها في تنوير الرأي العام ،وشحذ الهمم نحو الايجابية دوما، نصنع لبنة قوية من فولاذ في سد منيع لحماية الجزائر والجزائري من الأفكار المتطرفة ، الهدامة ، وهذه قناعتي كجزائرية أينما كنت سواء بالقناة الأولى المكان الذي ترعرت فيه أو بإذاعة الجلفة أو المدية أو تيارت، وحتي بالصحافة المكتوبة التي كانت بدايتي بها بعدة جرائد وطنية فطالما سحرني القلم كما سحرني الميكرفون فأنا رشيدة قاسم ابنة الجزائر ومدينة لها اليوم وغد... كلمة أخيرة شكرا جزيلا لجريدة "صوت الأحرار" التي أتاحت لي فرصة البوح عن أشياء كثيرة كنت أحب الحديث عنها، ،تحياتي لجريدتكم ، ولطاقمها ولمديرها المحترم الأستاذ النذير بلقرون فهو صديق أحترم فيه القلم المتميز، والمواقف الثابتة.