فضل الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الدكتور جمال ولد عباس أن يكون أول نشاط له، بعد توليه مسؤولية الأمانة العامة للحزب، ذا دلالة سياسية، من حيث رمزيته التاريخية وأهميته الوطنية، ويتمثل في زيارته منزل المناضل مراد بوكشورة بالرايس حميدو، الذي احتضن الاجتماع الشهير للأعضاء الستة التاريخيين بتاريخ 23 أكتوبر 1954، وتم على إثره اتخاذ قرار تفجير ثورة أول نوفمبر. وكان اختيار هذه المناسبة التاريخية تأكيدا على اعتزاز حزب جبهة التحرير الوطني، أمينا عاما وقيادة ومناضلين، بما قدمه الشهداء والمجاهدون من تضحيات جليلة، من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، وهذا ما أبرزه الأمين العام، خلال هذه الزيارة، التي ترمز إلى الوفاء لرسالة نوفمبر وعهد الشهداء، كما أنها تبعث برسالة قوية، تؤكد بأن ما تميز به هؤلاء الأبطال من شجاعة وتضحية وبطولات نادرة وإرادة موحدة لتحقيق النصر واستعادة السيادة الوطنية، مسجلا بأحرف من نور في سجل التاريخ. وهذا التقدير الكبير الذي يبديه حزب جبهة التحرير الوطني للمجاهدات والمجاهدين، يرتكز على حقائق ملموسة: أولا: إن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يرتبطان بتاريخ مجيد، وهما مسؤولان بصفة مباشرة على مواجهة كل من يسعى إلى قطع الصلة بثورة نوفمبر وتشويه صانعيها من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار، ومن هذا المنطلق فإن حزب جبهة التحرير الوطني يقف دوما في الطليعة لتجسيد رسالة الشهداء وصون كرامة المجاهدين. ثانيا: إن المهمة المشتركة بين حزب جبهة التحرير الوطني وكل مكونات الأسرة الثورية هي التصدي لكل من يعطي لنفسه الحق في طعن الثورة ومجاهديها والمساس برموزها والاعتداء على عناوينها والاجتراء على المقدسات والإصرار على هتك الهوية وكل ما من شأنه أن يدفع الأجيال للتشكيك في ثورة بلادهم والتساؤل عن جدوى جهاد رجال وتضحيات شعب. إن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يخوضان معركة مشتركة، أساسها حماية الاستقلال الوطني وصيانة سيادة الدولة الجزائرية وركائز الوحدة الوطنية، هذه الركائز التي قامت عليها ثورة التحرير المجيدة وقدم من أجلها المجاهدون بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطني تضحيات جليلة، وهم اليوم في الطليعة لتأمين الاستقلال والسيادة ووحدة الشعب والوطن. هذه المعركة المشتركة، التي كانت بالأمس، يواصل حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدون خوضها اليوم، بنفس العزيمة والإصرار، وبالتالي فإن العلاقة بينهما لن تؤثر فيها زوابع مصنوعة أو حملات معزولة، كما أن المحاولات اليائسة، التي تدعي، من خلال تسريبات مشبوهة، أن حزب جبهة التحرير الوطني يعادي المجاهدين وأن هناك حالة من العداء بين الطرفين، مردود عليها ولا أساس لها من الصحة، وهذا ما تؤكده زيارة الأمين العام إلى الدار، التي احتضنت اجتماع القادة الستة للثورة. لذلك كله، نؤكد بأن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يرتبطان بوشائج قوية وتجمع بينهما قواسم مشتركة ويلتقيان في القضايا الوطنية الكبرى والمصيرية، ولذا كان حرص الأمين العام الدكتور جمال ولد عباس على أن يبدأ أول نشاط له بهذه المبادرة، ذات الدلالات الرمزية الهامة.