أجرى وفد عسكري مصري رفيع المستوى أول أمس في واشنطن محادثات عسكرية مقررة مسبقا، في الوقت الذي انتشر فيه الجيش في مصر لمواجهة الاحتجاجات التي تجتاح البلاد،مما اضطر رئيس أركان حرب القوات المصرية الفريق سامي عنان إلى قطع زيارته والعودة مسرعا إلى القاهرة مساء الجمعة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الكولونيل ديف لابان إن رئيس أركان حرب القوات المصرية الفريق سامي عنان ترأس الوفد المصري في المحادثات التي بدأت الأربعاء وكان مبرمجا أن تستمر أسبوعا. وأضاف لابان أنه يتوقع أن تتواصل المحادثات كما هو مقرر لها على الرغم من الاضطرابات، وأنه لا يعتقد أن المحادثات قد تتأثر. وكانت مصادر إعلامية مقربة من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية قد نقلت عن مصادر في واشنطن أن وزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي وصل واشنطن طلبا للدعم الأمريكي العاجل ضد حركة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد بشكل متنام. وحذر طنطاوي المسؤولين الأمريكيين من أن تأييدهم لاستخدام اليد الناعمة ضد المتظاهرين والاستجابة لمطالبهم، يضر أكثر مما ينفع، قائلا إن النظام سينهار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتظاهرين. وقد انتشر الجيش في أكثر من مدينة مصرية بعد أن فرض الحاكم العسكري (الرئيس المصري حسني مبارك) حظرا للتجول في مدن القاهرة والإسكندرية والسويس. وقد سبق للجيش أن تدخل في مظاهرات لإخماد أعمال شغب بسبب الاحتجاج على أسعار الغذاء في 1977، كما وضع حدا لاحتجاجات قوات الأمن على الأجور في 1986. وتقع القوات المسلحة المصرية -وهي عاشر أكبر جيش في العالم، إذ يبلغ قوامها 468 ألف جندي، وأقل من قوات الأمن البالغة 1.4 مليون جندي- في قلب السلطة منذ أن أطاح ضباط في الجيش بالنظام الملكي في 1952. ويشكل الجيش -الذي جاء منه رؤساء مصر الأربعة- وقوات الأمن والحزب الحاكم ونخبة رجال الأعمال الصاعدة، أساس المؤسسة التي دعمت حكم مبارك المستمر منذ ثلاثين عاما. وحسب برقية دبلوماسية أمريكية صادرة من السفارة الأمريكية في القاهرة، ومؤرخة في جويلية 2009، ونشرها موقع ويكيليكس على الإنترنت الجمعة الماضية، فإن »فكرة بقاء الجيش قوة سياسية واقتصادية رئيسية من المسلمات«. وأضافت البرقية »لكن مراقبين آخرين يبلغوننا أن الجيش أصبح أقل نفوذا وأكثر تصدعا، وأصبحت قيادته أضعف في السنوات الأخيرة«. ويستفيد الجيش المصري من معونة عسكرية أمريكية سنوية قيمتها 1.3 مليار دولار. ويرى مراقبون أن رفض جنرال في الجيش التونسي دعم حملة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي لقمع المحتجين، كان نقطة تحول أجبرت الرئيس على مغادرة البلاد في 14 جانفي، بعد احتجاجات شعبية استمرت أسابيع.