"المجاهدون في ميدان الشرف"، هي العبارة التي خصّ بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون منتسبي القطاع الصحي في رسالة دعم وشكر لهم على المجهودات الجبارة التي يقومون بها في الوقت الحالي لمواجهة جائحة كورونا واصفا إياهم ب"الأشاوس"، فعبر كامل التراب الوطني تجندت الأطقم الطبية والأطقم المساعدة وكل من يعمل في قطاع الصحة من قريب أو بعيد، لإبقاء هذا القطاع جاهزا وتحت خدمة المواطنين، كل هذا باسم الانسانية وحب الوطن، وهو ما جعلهم اليوم فخرا لكل جزائري نظير الجهود التي يبذلونها للتخفيف عن المصابين وتلقين العامة طرق الوقاية، ومنهم من فتك به الوباء وفارق الحياة، ليواصل الآخرون نضالهم وحياتهم على المحك.. اكتسح فيروس كوفيد-19، والمسمى "كورونا"، العالم وفتك بالقوي قبل الضعيف، على غرار الجزائر التي سجلت أول حالة مصابة شهر فيفري المنصرم، ثم تأزم الوضع وازداد خطورة أمام جهود السلطات والجهات المعنية للحد من انتشار الوباء ومحاولة احتوائه، وهنا بالتحديد برز دور أصحاب المآزر البيضاء وعلا صيتهم، محاولين نشر ثقافة الوقاية قبل العلاج في أوساط المواطنين. فمنذ أن حل الوباء تجنّد "البروفسور" والطبيب، الممرض والمسعف، الصيدلي والمخبري، سائق سيارة الإسعاف وحارس الأمن، كلهم من أجل محاربة هاته الجائحة التي تهدد حياة الصغير والكبير، فبعد أن نادتهم ضمائرهم، لبوا نداء الوطن وعقدوا العزم على النضال في سبيل حماية الأفراد وعلاجهم، وفي الوقت الذي اضطرت فيه الأغلبية إلى التزام البيت والتوقف عن العمل واصلوا كفاحهم في المستشفيات والعيادات ومراكز العلاج أمام هول الفيروس ومصائبه. كما اختار العديد من منتسبي قطاع الصحة التطوع لتلقين الناس طرق الوقاية من الفيروس، فانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فديوهات لأخصائيين يشرحون فيها طرق غسل اليدين واستعمال المطهرات الكحولية والقفازات والكمامات، فيما اختار البعض الآخر الحديث عن فيروس كورونا وعن أعراضه وكيفية انتشاره، كما شارك الكثيرون مع رجال الأمن والدرك والحماية المدنية في حملات التوعية والتحسيس لحثّ المواطنين على المكوث في بيوتهم تجنبا للعدوى وانتشار الفيروس. ليبقى الجهاد والنضال الأكبر عند المداومين في المؤسسات الاستشفائية بكل أنواعها، اللذين سبلوا أنفسهم لاستقبال الحالات المصابة بالفيروس أو المشتبه بإصابتها، من أجل علاجهم والتكفل بهم معرّضين حياتهم لخطر العدوى، كما تجدر بنا الإشارة إلى الظروف الصعبة التي يواجهها عمال وعاملات قطاع الصحة، في الظروف الحالية، أمام نقص في وسائل الوقاية كالقفازات والكمامات المعقمة ومحدودية أماكن استقبال المرضى بالإضافة إلى اللاوعي من طرف المواطنين. في ذات السياق، تطوّع الكثير من أطباء القطاع الخاص و الأطباء المتخصصون في الأمراض الأخرى، بخلاف الأمراض المعدية، للعمل عن بعد وتقديم المساعدة لزملائهم المداومين، نذكر من بينها مبادرة أطباء الأسنان بولاية وهران الذين اجتمعوا وتواصلوا مع زملائهم في المستشفيات لتسجيل النقائص وتوفيرها، كذلك الطاقم الطبي العامل بالمستشفى الجامعي بتيزو وزو استطاعوا وضع نظام للاستشارات الطبية عن بعد عن طريق تقنية الفيديو للكشف عن الأمراض وتشخيصها، بالإضافة إلى مبادرات فردية عديدة أخرى من طرف صيادلة اختاروا أن يقدموا المعقمات الكحولية والكمامات مجانا عوض بيعها، دكاترة عامون وأخصائيون، أيضا، وضعوا أرقامهم تحت تصرف المواطنين للاستشارة والاستفسار وغيرها من المبادرات الخيرية والتطوعية التي لا تسعنا الصفحات لعدها. يقف عمال الصحة جميعا اليوم في هاته الأوضاع الصعبة والاستثنائية في الواجهة، مجندين أمام فيروس خبيث لن يرحمهم عند أول خطأ أو هفوة، يقفون بالمرصاد لإنقاذ حياة الناس وإسعافهم، وكم من فضل وحسنة ودعاء اقتطعوه بشفاء حالات وحالات نسمع عنها اليوم تلوى الآخر، كم دمعة أسقطوها أمام هول الفاجعة، ما مقدار الوجع أمام من خانهم الحظ لإنقاذه، وكم من آه رددت جراء التعب والإرهاق. ولأن المهمة صعبة وصعبة جدا، فقد أصبح الجميع يفتخر ويعتز بعمال القطاع الصحي، ولعل مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب القنوات التلفزيونية أدت مهمة نقل صور عديدة لهذا الفخر والاعتزاز، صور أكدت على أن رد الجميل لا يكون إلا بالشكر والامتنان والدعاء، على غرار وزارة الصحة التي وبأمر من رئيس الجمهورية أقرت علاوات في رواتب عمال القطاع نظير جهودهم الجبارة في محاربة الوباء. رئيس الجمهورية يصف منتسبي الصحة بالمجاهدين في ميدان الشرف لم يتأخر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ومنذ انتشار الوباء، في الاهتمام بكل ما يتعلق بالقطاع الصحي، كما صرح بأنه يتابع بفخر واعتزاز كل الجهود الخيرة التي يبذلها عمال القطاع في مواجهة محنة الوباء، واصفهم بالمجاهدين في ميدان الشرف، وأشاد الرئيس بأنهم مصدر فخر للبلد وهو يقفون في الواجهة أمام وباء فتاك كالأشاوس، كما دعاهم إلى مضاعفة الجهود والمحافظة على جاهزية القطاع الصحي وهو ما سيخلد بطولاتهم عند الشعب . من جهته الوزير الأول، عبد العزيز جراد وصف الأطباء المداومين في المستشفيات عبر كامل التراب الوطني بأنهم »جيش الجزائر« خلال هذه الفترة الصعبة التي ينتشر فيها الوباء الخبيث، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الحكومة ستبني من جديد منظومة صحية وطنية قوية. كما تجدر بنا الإشارة إلى أنّ الفيروس الخبيث، مس العديد من منتسبي القطاع الصحي أيضا، ففي كل مرة نسمع عن أطباء وصيادلة وعمال في الصحة مصابون، ولعل من أكثر الإصابات التي أثرت على الرأي العام هي تلك التي أدت بحياة البروفيسور أحمد المهدي، رئيس قسم الجراحة بمستشفى فرونس فانون بالبليدة بعد انتقال العدوى إليه من أحد المرضى المقيمين بالمستشفى، وبمستشفى بوفاريك أيضا، لقي حدفه سائق سيارة الاسعاف، جمال طالحي الذي انتقل إليه الوباء أيضا وهما الضحيتين من القطاع الصحي اللتين تفاعل معهما كل الجزائريون واعتبروهما شهيدين من شهداء الوطن. إذا يبقى نضال وكفاح منتسبي القطاع الصحي متواصلا، أمام فيروس كوفيد-19 وكلهم اصرار على هزيمته والمحافظة على أرواح وصحة المواطنين مهما كان الثمن، ولعلّ أهم ما يحتاجونه اليوم هو امتثال المواطنين لنصائحهم وارشاداتهم، خاصة، بالتزامهم بيوتهم حتى يتم حصر الوباء ولما لا القضاء عليه نهائيا بأقل الخسائر.